حُضن الأرض الدافيء
هل حضنت الأرض يوما !! أم هي فقط من يحضننا ليل نهار !! هل ذرفت دموعك العصية الغالية عليها حتى بخرتك هي بعطرها و ريحانها الطاهر النقي !! هل شعرت بالقرب منها ومن حرارتها !! حضنة الأرض .. ما أحنها من حضنة .. و ما أرقه من شعور ذاك الذي ينتابك أيها الساجد العابد و أنت بين يدي مولاك تناجيه و تطلبه وتحضنها فتقترب و تحضنها أكثر فتقترب أنت أكثر .. حتى يتم الانسجام الكامل بينكما فيصعُب الانفصال بعد ذلك .. وسرعان ما يحلق ذاك العصفور الخفاق الساكن بين جنبيك ليخترق الزمان والمكان فيتجه هناك حيث تُقتل القوانين و ينجلي النور .. قد يظن الظان أن للأرض حضنة واحدة و هي بعد موته و دفنه في قبره .. لكن ثمت حضنات أخرى تصنعها و تستشعرها أنت أيها الإنسان الحي .. فبمجرد ملامسة هامتك العالية واقتراب أطرافك السامية لهذه الأرض الحانية ستنهار قواك و لن تتمكن من دفع انجذابك القوي لها و لن تطيق الصبر أكثر حتى تحضنها بكل خلية نابضة في جسدك .. وستصر على الاقتراب أكثر فأكثر و لن تسلمك هي الشعور حتى تُسمعها أنفاسك .. و تخنقك عبراتك .. و يختفي كل شيء من أمامك .. و تلقي بالحياة كاملة وراء ظهرك .. من أجل حضنة حانية منك لها .. و لن أحدثك أيها القريب الحبيب لما سيحصل لما هو بين جنبيك .. إنه سيخفق بمشاعر متكاملة تشبه عصرة الشوق التي تعتري الحبيبين عند لحظات الوداع .. أو كأني أراها تشبه دفقة قلب الأم الحانية التي تفزع عند سماع أنين طفلها .. أو ربما كانها حاجة الطفل للحنان و الدفء و القرب من والديه في صغره .. ما السر الذي بيني وبينك أيتها الأرض الطاهرة ! لمَ كل هذا الحب والوصل الذي يجمعنا ! خُلقت منك و عشت عليك و همت بك و سأعود لحضنك من جديد .. سأحضنك و أنا عليك بكل حبي وحناني و شوقي و آلامي .. علك يوم حضنك لي تذكرين ما كان بيني و بينك في أيام خلت .. فتبادلينني ذاك الحب و ذاك الحنان ..
أطيب المنى..
التعليقات (0)