مواضيع اليوم

هل حرب اكتوبر أخر الحروب بين مصر واسرائيل

مجدي المصري

2009-10-05 17:23:43

0


هل حرب أكتوبر أخر الحروب بين مصر "تحديدا" واسرائيل ؟
الاجابه تحتاج الي ايضاح والايضاح يحتاج الي العوده للوراء وتسليط بعض الاضواء علي أخر حرب بين مصر واسرائيل وهي حرب أكتوبر وما تلاها من أحداث …
فحرب السادس من أكتوبر كان لها هدفين هما تحرير الارض وتحريك القضيه من الرقاد .. وابتدأت الحرب بدايه رائعه بل وتصل الي حد المعجزه بكل المقاييس عندما تواجه الجندي المصري مع الجندي الاسرائيلي في البر والبحر والجو وتسطرت الملاحم البطوليه متلاحقه متسارعه حتي تم الاجهاز التام علي أسطوره خط بارليف واسطوره اليد الطولي وبدأت القوات المصريه توسع من الهجوم .. القنطره شرق تتحرر والممرات تتحرر .. وكل دقيقه بيان عن تحرير أرض جديده ولو استمرت الحرب بهذا المعدل ففي خلال أيام قلائل كان بامكان القوات المصريه الوصول الي القدس الشريف …
وهنا ومع الصراخ والعويل من كل قاده اسرائيل أنذاك في جميع وسائل الاعلام والقنوات الديبلوماسيه واستدرار عطف العالم كله (اسرائيل تتدمر) ..
اسرائيل التي تمتلك ترسانه سلاح أمريكيه حديثه يدمرها المصريون بالسلاح الروسي !! …
و هنا تتحرك أمريكا وتدخل المعركه بكل ثقلها لتقلب موازين القوه وتعدل الكفه المائله لاسرائيل فيتحرك الطيران الحربي الأمريكي من كل القواعد الأمريكيه القريبه في أوروبا في اسراب متتابعه
قاذفات القنابل تأتي محمله بقنابلها الحديثه الي الجبهه لتقصف القوات المصريه وتعود أدراجها ...
طائرات النقل العسكري تأتي محمله بالدبابات والمجنزرات والزخائر وتفرغ حمولتها في أقرب مطار من العمليات حتي أن بعض الدبابات التي أسرها الجنود المصريون كانت عداداتها تشير الي أقل من مائه كيلو متر سير ...
سفن التجسس الامريكيه الموجوده بالاسطول السادس تقترب الي أقرب نقطه من سواحل سيناء للتجسس والتقاط كل اشارات القياده المصريه المرسله الي وحداتها وابلاغها للاسرائيليين بالاضافه الي تحرك حاملات الطائرات باتجاه شرق البحر المتوسط أي الاقتراب من موقع العمليات كنوع من التهديد المباشر …
الأقمار الاصطناعيه الأمريكيه تصور كل شبر من الجبهه وكافه التحركات المصريه وترسل الصور مباشره الي وزاره الدفاع الاسرائيليه ومن هنا تم تحديد أضعف النقاط المصريه لاحداث ثغره بها والعبور الي الضفه الغربيه بهدف احداث نوع من النصر الاعلامي وتبديل المواقف وقد تم …
هنا القائد المسؤول عن شعبه وعن جيشه أنور السادات ماذا هو فاعل أمام هذا الموقف قواته أصبحت الأن تحارب أمريكا بكل ثقلها وترسانتها وما تملكه من تكنولوجيا حديثه "بصوره غير مباشره" وفي نفس الوقت الاتحاد السوفييتي يرفض تعويض الفاقد من العتاد والزخيره والكثير من الدول العربيه قدمت الكثير مما لديها ولكن لن تظل تقدم الي الأبد فهي لا تملك مخزون لا ينضب …
والثغره تتوسع شمالا وجنوبا حتي وصلت الي مشارف السويس وكانت أراء القاده العسكريون هي ضرب القوات الاسرائيليه الموجوده في الثغره بطريقه "الأرض المحروقه" أي تدمير كل شيئ تدمير الأرض بمن عليها وهو وان حدث فسوف يسيثير أمريكا أكثر ويدفعها دفعا لاعلان الحرب رسميا علي مصر وليس من وراء ستار كما هو حادث مأزق لا يحسد عليه السادات …
هنا تظهر حكمه القائد أو جنونه .. فكيف يخرج من هذا المأزق ويتجنب الحرب المباشره مع أمريكا وفي نفس الوقت يحافظ علي المكتسبات التي حققتها قواته خلال العمليات ويخرج من كل هذا وذاك منتصرا …
أو البديل وهو الاستمرار في العمليات ودك الثغره ودفع أمريكا لاعلان الحرب رسميا علي مصر وتوريط باقي العرب معها والذين أعلنوا حظرا بتروليا دعما للموقف بخلاف باقي الدعم وكذلك تحمل أي تبعات علي الجيش و الشعب وليكن ما يكن ...
وهنا يظهر السادات الثعلب أمام اعلام العالم أجمع ويفاجئ الجميع بما فيهم أمريكا واسرائيل وحتي العرب أنفسهم بل والمصريين أيضا بما لم يكن يتوقعه أحد ويعلن أنه انما بدأ الحرب ليصل الي السلام وأن الهدف كان تحريك القضيه التي نساها العالم ولم تعد في دائره اهتماماته بل وأعلن أنه مستعد للذهاب الي أي مكان في العالم بما فيه اسرائيل من أجل السلام وقلب السادات المائده علي كل الرؤوس بل ووضع اسرائيل في موقف لا تحسد عليه فيد السادات ممدوده بالسلام أمام العالم أجمع فهل ترفضها اسرائيل وتصبح هي المعتديه الباغيه الرافضه للسلام أمام العالم كله وهي التي كانت تتشدق دائما بأنها تريد العيش في سلام بين جيرانها الذين يكنون لها كل الكراهيه …
هذا الخطاب الذي دغدغ مشاعر الكثيرين من محبي السلام وعلي رأسهم الرئيس الأمريكي انذاك "جيمي كارتر" المتدين المحب للسلام …
أصبح القاده الاسرائيليون في موقف لا يحسدوا عليه ولكن الذكاء الاسرائيلي أوصلهم الي أن هذه ما هي الا احدي الخدع الاستراتيجيه للسادات فابتلعوا الطعم ووجهوا دعوه رسميه للسادات لزياره اسرائيل ليلقوا بالكره في ملعبه ويجهضوا مخططه فان رفض فهو كاذب ومخادع وان قبل فلن يقبل العرب بذلك ويتفتت جمعهم وفي كلتا الحالتين الموقف لصالحهم لأنهم سوف لن يخسروا شيئا وستنتهي القصه كما ابتدأت …
ولكن السادات لم يكن يثق في الاسرائيليين ويعرف تماما مدي مكرهم ولانه أيضا يريد التقرب من الغرب واستغلال الحدث أحسن استغلال ممكن فأرسل اشارات الي الرئيس الامريكي جيمي كارتر مفادها أن مصر تريد السلام وتريد أن تبدأ صفحه جديده من العلاقات مع أمريكا بشرط أن ترعي أمريكا هذا السلام كطرف وشريك في العمليه السلميه وجاء الرد الايجابي من أمريكا والضوء الأخضر وبناء عليه أعلن السادات قبوله السفر الي القدس وأن يوجه خطاب السلام للشعب الاسرائيلي وكل شعوب العالم المحبه للسلام من داخل الكنيست الاسرائيلي …
وذهب السادات الي الكنيست الاسرائيلي والقي خطابه الشهير من هناك وسمعه العالم كله بشغف واستغراب واستهجان .. فالسادات تكلم عن سلام شامل بين العرب واسرائيل وليس سلام منفرد بين مصر واسرائيل يشمل حل نهائي للقضيه الفلسطينيه والقبول بقرار التقسيم بين اليهود والفلسطينين الذي سبق أن رفضه العرب وكذلك العوده الي حدود العام 67 لباقي دول المواجهه "مصر وسوريا والأردن ولبنان" تطبيقا لمبدأ الارض مقابل السلام مع الاعتراف العربي بحق اسرائيل في الوجود …
لم يوكل أو يفوض أحد من العرب السادات للتحدث باسمه أو نيابه عنه كذلك لم يكن الموقف العربي اجمالا مهيأ لفكره السلام مع اسرائيل والاعتراف بها حتي بين المصريين أنفسهم وان كان الكثير من المصريين الذين مللوا من حياه الحرب المستمره والتردي الاقتصادي والمعيشي والذي دفعهم لتأييد فكره السلام والانتهاء من الحروب و الموت والدمار …
وسرعان ما جاء الرد العربي شبه الاجماعي بعقد مؤتمر قمه طارئ في بغداد حضره غالبيه القاده العرب ومعهم ياسر عرفات رئيس منظمه التحرير الفلسطينيه والمصنفه ارهابيه "انذاك" وتمخض الاجتماع عن عده قرارات أهمها نقل المقر الدائم لجامعه الدول العربيه من القاهره الي تونس مع اختيار أمين عام لها غير مصري وتكوين ائتلاف "جبهه الصمود والتصدي" ورفض أي أشكال للصلح أو السلام مع "الكيان الصهيوني" واستمرار الجهاد حتي تحرير كامل التراب العربي من جميع اليهود كذلك وقف أي نوع من أنواع الدعم الي مصر ضمن الدعم الذي كان مفروضا علي الدول الخليجيه والبتروليه "لدول المواجهه مع اسرائيل” …
لم يترك العرب وكذلك الجماعات الاسلاميه والتيارات السياسيه الناصريه المصريه أي فرصه للسادات للاستمرار الكل رفض هذا الخط وهذا المسلك "الجنوح للسلام" علي الاطلاق ولم يستمع له سوي قله من القاده العرب المعتدلين والذين رفضوا قطع العلاقات مع مصر علي استحياء …
وهكذا أصبح السادات الخائن الأوحد لوطنه وأمته ودينه وقضيته بمفرده في مواجهه الأشاوس المجاهدين الذين نذروا أنفسهم لمحاربه العدو الصهيوني حتي أخر قطره …
وجاء رد فوري علي قرارات المقاطعه من الرئيس الأمريكي كارتر أن خصص معونه اقتصاديه بل وعسكريه فوريه لمصر وجعلها سنويه في الموازنه الأمريكيه بل وأصدر أوامر لبعض السفن الأمريكيه المحمله بالقمح الأمريكي في البحار بتغيير وجهتها الي مصر وافراغ حمولتها في المواني المصريه …
أدي رفض العرب لأي مبادره سلام أن سار السادات في خط السلام بمفرده مستعينا بفريقين للتفاوض أحدهم عسكري والأخر مدني ديبلوماسي علي أعلي مستوي من العلم والكفاءه شمل عملهم كل شيئ بدءا من الانسحاب وتبادل الاسري وحتي توقيع المعاهده وترسيم الحدود وكلما حدثت عقبات تدخل الامريكان وبقوه لتزليلها حتي تم التوصل الي الصيغه النهائيه لمعاهده السلام وقبل المصريون السلام علي مضض ولكنهم لم يتقبلوا التطبيع فاستردوا كامل التراب المصري ولكن ولوا ظهورهم شطر اسرائيل معتبرين أن هذه نهايه جوله وليست نهايه المطاف …
أما باقي العرب وبعد اغتيال السادات بسنوات والذي بموته مات مبدأ الأرض مقابل السلام فقد ساروا فرادي في العمليه السلميه فالاردن وقعت اتفاقيه سلام فرديه مع اسرائيل ولبنان لم يحارب اصلا اسرائيل ليوقع معها اتفاقيه أما سوريا فمازالت حتي يومنا هذا تجري مباحثات سريه وعلنيه مع اسرائيل دون التوصل لاي اتفاق لأن السلام لم يعد يهمها لتعطي مقابله أرض أما فلسطين فقد تم تخريج منظمه التحرير الفلسطينيه من قائمه المنظمات الارهابيه وجعلها ممثل شرعي للشعب الفلسطيني وتخلي ياسر عرفات عن مسدسه الشهير وجلس الي طاوله المفاوضات مع الاسرائيليين في أوسلو وغيرها تحت مبدأ وديعه رابين أو خارطه الطريق أو أي مسمي أخر بخلاف الأرض مقابل السلام وأخيرا توصل الي اتفاقات مع اسرائيل بموجبها يدير أراضي فلسطينيه في الضفه والقطاع لحساب اسرائيل تحت مسمي السلطه الفلسطينيه وانسحب الجيش الاسرائيلي من داخل هذه الاراضي مفسحا المجال للسلطه الفلسطينيه لشراء كل شيئ من اسرائيل وبيعه للفلسطينيين وسداد الثمن للاسرائيليين بعد اقتطاع الرسوم والضرائب ..
وباقي الدول العربيه انقسمت ما بين مقيم علاقات كامله ولكن سريه مع اسرائيل وما بين من لديه مكاتب تمثيل لا ترقي الي مستوي السفارات ولكنها تؤدي كافه مهامها وما بين من تملأ المنتوجات الاسرائيليه أسواقه ولكن سرا وما بين من يبدأ يومه بالسباب لاسرائيل في الميكروفونات ثم يجتمع معهم مساءا ...
واسرائيل لم تعد تطلب اعتراف العرب بها ولا يهمها اعترافهم بشيئ لأنها أيقنت أن السادات أخذ منها كل الارض المصريه مقابل توقيعه علي بعض الأوراق التي لا قيمه لها لدي المصريين وبالتالي فالاتفاقات والمعاهدات لم تعد تستهوي الاسرائيليين علي الاطلاق ...
واليوم بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما علي السلام بين مصر واسرائيل ما هي المحصله لكل تلك الفتره ؟؟
اولا :- العلاقات بين مصر وأمريكا "الراعي الرسمي لاسرائيل" قويه متينه لا تشوبها شائبه …
ثانيا :- العلاقات بين مصر واسرائيل "علي المستوي الرسمي" أيضا قويه متينه بالرغم من أي شوائب تمر بها حتي أن مصر أصبحت اليوم الوسيط بين اسرائيل والفلسطينيين وحتي بين الفلسطينيين وأنفسهم
ثالثا :- نظام الحكم القائم في مصر بل والسياسه المصريه وان تبدل الاشخاص فهي تميل الي السلام والبعد عن التوترات والحروب …
رابعا :- استمرار السياسه المصريه الحاليه هو الضمان والصمام لعدم حدوث أي حروب بين مصر واسرائيل …
خامسا :- تواجد قوي أخري اقليميه ومخالفه مذهبيا تتحرك بقوه لاثبات الوجود تدفع مصر للابتعاد عن انهاك نفسها في حرب مع اسرائيل لتظل مستعده لاي أحداث أخري طارئه …
ومن كل ما سبق نستطيع استخلاص القول بأن لا حرب بين مصر واسرائيل في المدي المنظور الا لو ….
مجدي المصري




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات