هل حان أوان ايران؟؟.
في تطور ملفت بشأن الملف النووي الايراني، قال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال " نيكولاي ماكاروف " في مؤتمر صحافي نظمته وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي" ان الهيئة على علم بوجود خطط لدى الولايات المتحدة وإسرائيل لتوجيه ضربة بالقنابل إلى إيران كملاذ أخير.
قد لا يحمل الخبر جديدا يذكر، وذلك بالنظر الى أن كل المراقبين يدركون أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها أن تظل مكتوفة اليدين الى الأبد أمام التحدي الايراني. وبات الجميع يؤمن بأن مصدر الخطر الحقيقي الذي يحدق بمنطقة الشرق الأوسط انما يأتي من بوابة التوجه النووي الايراني. ويبدو أن أوراق الصراع الذي اصطلح دائما على تسميته ب( الصراع العربي الاسرائيلي ) قد اختلطت بشكل فعلي منذ بدأت ايران تعلن حضورها كطرف أساسي سواء عبر مساندتها المعلنة و دعمها اللوجستيكي ل "حزب الله " في لبنان، أو من خلال تهديدها المستمر لضرب تل أبيب في حالة تعرضها لأي هجوم أمريكي أو اسرائيلي محتمل... لكن تصريحات المسؤول العسكري الروسي تمثل على الأقل تأكيدا لما يتم التخطيط له في المستقبل. ولعل توقيت الاعلان عن النوايا الأمريكية والاسرائيلية المشتركة تجاه ايران يحمل أكثر من دلالة. ولا يمكن أن نغفل في هذا الباب تزامن الخبر مع انعقاد " قمة الأمن النووي " بواشنطن بحضور قرابة خمسين بلدا لا توجد ايران بينها طبعا. والمناسبة تمثل فرصة مهمة للأمريكيين للمضي قدما في اتجاه عزل ايران عن المجتمع الدولي، وتهييء الرأي العام الدولي لتقبل ضربة ضد هذا البلد باسم الشرعية الدولية مرة أخرى. وهو ما سيمثل اعادة للمشهد العراقي في العشرية الأخيرة من القرن الماضي. وحضور عدد من الدول العربية المحسوبة على محور الاعتدال في سلم التصنيف الأمريكي، هدفه الضغط على هذه الدول لتفادي أي ربط بين الملفين النوويين الاسرائيلي والايراني.
وقبل انعقاد " المؤتمر النووي "، كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد كشفت عن ما يعرف ب " العقيدة النووية الجديدة "، والتي تشتم منها رائحة تهديد مباشر لايران. فالولايات المتحدة الأمريكية ستحتفظ بموجب هذه العقيدة الجديدة بحق استعمال السلاح النووي ضد أية دولة لا تلتزم ب( المواثيق الدولية ) التي تنص على الحد من انتشار الترسانة النووية في العالم... ويبدو أن هذا التهديد تلقفته روسيا بشكل جدي، مما دفعها الى الكشف عن النوايا و المخططات الأمريكية الاسرائيلية ضد ايران، وهو موقف استباقي من ادارة " الكرملين " وتعبير عن معارضة روسيا لأي اجراء عسكري من هذا القبيل. ويأتي القلق الروسي بالخصوص من نوايا اسرائيل، لأن الاسرائيليين أكثر تحمسا لتوجيه ضربة قاصمة لايران، مادام فسح المجال أمام بلاد فارس لانتاج السلاح النووي سيعني حتما ميلا في ميزان الرعب بشكل لا يخدم مصالح الدولة العبرية. لذلك حذر الرئيس الروسي " ديمتري ميدفيديف " من ان توجيه إسرائيل ضربة عسكرية إلى إيران سيشكّل أسوأ الخيارات الممكنة، إذ قد يقود إلى استخدام أسلحة نووية وبالتالي حدوث كارثة عالمية.وقال ميدفيديف في مقابلة أجرتها مع شبكة " أي بي سي" الإخبارية الامريكية ان تنفيذ إسرائيل عملية عسكرية ضد إيران " سيكون أسوأ سيناريو ممكن "، مشيراً إلى انه " إذا وقع نزاع من هذا النوع وتم تنفيذ ضربة فيمكن توقع كل شيء بما في ذلك استخدام أسلحة نووية ".
لا بد أن المستقبل القريب سيعرف مزيدا من التصعيد في ما يرتبط بمعضلة ايران النووية. غير أن التفكير في ضربة عسكرية في الأفق المنظور مسألة مستبعدة، خصوصا وأن الولايات المتحدة الأمريكية تريد تحقيق أكبر قدر من الاجماع الدولي حتى لا تغرق وحيدة في مستنقع جديد. وكما هو الشأن دائما في السياسة الخارجية الأمريكية، سيبدأ تحجيم الاندفاع الايراني بنهج استراتيجية الحصار الاقتصادي أولا. وواضح أن ادارة أوباما تدرك تماما أن المستنقع الايراني سيكون أخطر، وأن أية ضربة ستعني حربا شاملة في المنطقة، خصوصا وأن الأهداف الأمريكية على مرمى حجر من الصواريخ الايرانية سواء في العراق أو أفغانستان أو في القواعد العسكرية المنتشرة على الأراضي الخليجية... وبعد ذلك سيكون لكل حادث حديث.
محمد مغوتي. 14/04/2010.
التعليقات (0)