هل تفهم الصحوة خطوات الحكومة؟؟
كشفت خطوات عديدة تمارسها الحكومة السعودية أن إرثا كبيراً من الفوضى واللامعقول والذي انبرت لدعمه بعض القوى الدينية المحلية كنتيجة لمرحلة التنازل في حقبة ما بعد جهيمان. وها نحن نسير بين منحنيين صاعدين في اتجاه الحضارة والمدنية مقامها المسير بدون الالتفات للعوائق الاجتماعية الواهية وترك الممانع يلهث وراء السراب الذي كان يرسمه لنفسه تحت مسمى الفتوى حتى يضمى منه ثم يبحث عن الماء فيقتنع بأن بئر الحكومة هو الماء العذب وبسطها اتساع الأفق نحو التخلص من ارث الفوضى.
فعندما تتعاقد الدولة مع كبرى الشركات الخدمية لبناء سكك الحديد والمدن الاقتصادية ومصانع توليد الطاقة وتفسح المجال للقطاع الخاص بالاستثمار في مجالات سياحية ومالية فهي تعلن أنها دخلت عصر الليبرالية الاقتصادية والإنسانية وخف التفاتها للخلف حيث أنها قد أدركت خطأها الاستراتيجي القديم في الانحناء أمام رجل الدين خوفا من قيامه بنشر فكره المعارض لقيام حكم لا يسيطر فيه على كل المقدرات الممكنة كما هي أدبياته , ذلك التخوف الذي منع الدولة حتى من التفكير في وسيلة إيصال الزكاة لمحتاجيها حيث كانت توزع على أمام المسجد فيتولى هو تقطيعها وفق ما يراه محققا لمصلحته ومطالبه.بينما تدخل الزكاة في حسابه بلمسة زر في أيام الحكومة الحضارية.
ويبقى السؤال الخاص بمدى تفهم التيارات الصحوية لحقيقة أن الزمن يسبقهم وأن تجمعهم قد بدأ في التهدم وبأيديهم هم بسبب تسلطهم على عرقلة المشاريع التنموية والحضارية ووقوفهم أمام مصالح الناس التي لا تأتي من تحت عباءتهم المملوءة بالشروط والبيانات والأموال السائبة المنتثرة بين براثن العواة من إرهابيين وممالئيهم مع الشكر للبراثن التي توجهت لخدمة الإنسان لمجرد كونه إنسان يحتاج إلى من يقف معه بتجرد.
في رأيي الشخصي أن مراكز القوى الصحوية على مستوى القادة يدركون تماما أن وضعهم الحالي حرج جدا لذا تبدلت خططهم وأصبح الاتجاه حضاريا وخفت حدة التسلط وتم التراجع بعد ما اكتشفوا أنهم يواجهون صخرة تصد خلفها كل من يريد أن يتسلط على إنسانية المواطن وحقوقه وعقلانية الانجاز وأساسياته تحمل مسمى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فساح ثلج تشددهم في سيل العقل والعقلانية .
ومن ثم تأتي درجة ما يسمون بالدعاة وهم مجموعة فاقدة للشرعية الحكومية, أعطت لنفسها حقا في ممارسة دور سياسي كنتيجة لتنازل الشارع السعودي عن عقله في مرحلة سابقة أمام رجل الدين في محاولة للهرب من آثامه الشخصية على الورق مع استمراره في كتابة هذه الآثام على الطبيعة, وهذا النوع من القوى الدينية هو من يلعب على حبال الصراعات في سبيل البحث عن مصالحة الدنيوية التي تحصل عليها الجيل المعمر في مراكز القوى الدينية القديمة وهذا النوع يفهم أن الحضارة هي السيل الجارف ولكنه يحاول تخويف المجتمع منها حتى يستقطع كعكةً من طبق البسطاء لذا تجدهم أول من يفرح عندما يجد مدخلا على الدولة رغم أن هذا التيار طفيلي لا يعيش إلا على الفساد!! وهو سعيد في الحقيقة بتطورات الفكر الحكومي حتى يستمر في العيش على قفاها من خلال تحريمها وتصوير أخطائها قبل صوابها وفرد عضلاتهم على البسطاء واستنزاف أموالهم .
ويبقى رجل الشارع الديني وهو الإنسان البسيط والذي لا يرى في التطور إلا عدوا يحتاج من يقف في وجهه وهي غالبية المتدينين الغير متعلمين وهم من يحتاج إلى تبصير بما يحوكه ضدهم أرباب النوع الثاني حيث أن الحضارة هي التطور الطبيعي لهذا الطور الذي نعيش فيه وهو المشابه لطور الدولة العباسية التي طال عمرها فوق الأربعمائة سنة. ولعل في متابعة ما يكتب هذا النوع على صفحات النت( على سبيل المثال) عن رؤية الهلال وانتظار أخبار الرؤية مع أن كل تلك الأخطاء قد انتهت ودخلت المحكمة العليا في طريق المدنيّة فصارت تأخذ برأي المراصد الفلكية ولا ننسى تنابزهم من أجل أراء فقهية حول أمور خلافية ليست من أصول الدين كالغناء وعمل المرأة إلا دليل على أن استمرارهم على طريق القطيع الذي يرعاه النوع الثاني الباحث عن شرعية لم تعطى له من مالكها!!
تحياتي
التعليقات (0)