هل تعيش العلاقات بين المغرب وفرنسا أزمة "صامتة"؟
هسبريس ـ حسن الأشرف
السبت 15 شتنبر 2012
هل العلاقات بين المغرب وفرنسا جيدة وعلى أحسن ما يُرام، أم أنها توجد طريحة فراش المرض مصابة بزكام الأعطاب الدبلوماسية التي تحدث بين الفينة والأخرى بين جميع بلدان العالم؟..سؤال يتجاذبه عدد من المراقبين والمحللين الذين يرى بعضهم أن العلاقات بين الرباط وباريس في أتم عافية ولا وجود لمؤشرات على تراجعها، بينما يصر آخرون على أنها علاقات تمر بنوع من الفتور الذي لا يخفى على كل مراقب لبيب فطن.
ولعل إحدى تجليات "الأزمة" الصامتة بين المغرب وفرنسا عدم تعيين سفير مغربي في باريس إلى حدود اليوم، وهو المنصب الذي ظل شاغرا منذ تعيين السفير السابق مصطفى الساهل مستشارا خاصا للملك محمد السادس في أكتوبر من العام المنصرم، بينما بادرت فرنسا قبل بضعة أشهر إلى تعيين "شارل فريس" سفيرا جديدا لها بالرباط.
وتضاربت الآراء بخصوص أسباب تأخر الجانب المغربي من تعيين سفير له في باريس، بين من قال إن منصب سفير المغرب في فرنسا يخضع لكثير من التروي والحسابات السياسية نظرا لمكانة فرنسا المرموقة في المشهد السياسي للمغرب، وبين من كان يتوقع تعيين السفير بُعيد الانتخابات الفرنسية الأخيرة، فيما عزا آخرون السبب إلى عدم رضا الدوائر العليا على الأسماء التي اقتُرحت عليها لشغل منصب سفير الرباط في باريس.
وأيا كانت الأسباب والدوافع التي جعلت تعيين سفير مغربي في فرنسا تتأخر كل هذا الوقت الطويل جدا، فإن السؤال الذي بات يطرحه مراقبون يتمثل في تداعيات مثل هذه المشاكل الدبلوماسية الصامتة على قضية الصحراء المغربية، باعتبار أن فرنسا من أكبر مؤيدي الطرح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء.
فتور أم أزمة عميقة؟
وللتعليق على هذا الموضوع، قال عبد الفتاح الفاتحي، المختص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي، إنه على الرغم من التصريحات التي تؤكد على جودة العلاقات المغربية الفرنسية، إلا أن التأخير الطويل في تعيين سفير للمملكة المغربية في فرنسا لا يزال يطرح الكثير من التكهنات.
ولفت المحلل إلى أهمية باريس في العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية التي تجمع البلدين، لاسيما أن المغرب مرتبط بها من خلال العديد من العلاقات الاقتصادية، حيث تعد فرنسا الشريك التجاري الأول للمغرب داخل الاتحاد الأوربي، ومن الناحية السياسية فإن فرنسا تؤيد الموقف المغربي من قضية الصحراء داخل مجلس الأمن الدولي.
ووفقا لهذه الحيثيات، يُكمل الفاتحي، فإن الطبيعي أن تسرع هذه الارتباطات تعيين المغرب لسفير جديد له في باريس خلفا لمصطفى الساهل الذي عين مستشارا للملك، إلا أن واقع الحال قد تجاهل الارتباطات الاستراتيجية الكبيرة بين المغرب فرنسا، الأمر الذي يكشف عن وجود أزمة سياسية عميقة بين البلدين، لم تنضج بعد عناصر حلها وهي متروكة للزمن".
واسترسل المتحدث: "إذا كانت بعض التكهنات قد ربطت قضية تعيين سفير جديد للمملكة المغربية على رأس سفارة المغرب في باريس إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية، والتي توجت بوصول فرانسوا هولندا رئيسا على فرنسا، إلا أنه بعد تعيين شارل فريس٬ المستشار الدبلوماسي للوزير الأول الفرنسي فرانسوا فيون٬ سفيرا جديدا لفرنسا بالمغرب، ظهرت تكهنات أخرى تقول بأن تعيين سفير مغربي جديد في باريس سيتأجل إلى ما بعد ذكرى عيد العرش.
وعزت تكهنات أخرى تأخر المغرب في تعيين سفيره بباريس إلى اختلاف وجهات نظر حول الأسماء التي اقترحها المغرب لشغل هذا المنصب، ذلك أنها لم ترض كلها بالقبول لدى الجانب الفرنسي.
واعتبر الفاتحي بأنه في ظل هذا الارتباك القوي للدبلوماسية المغربية في تدبير طبيعة العلاقات السياسية للمغرب بحليفه الأساسي مثل فرنسا، فإن في ذلك مغامرة غير محسوبة لا سيما على مستوى قضية الصحراء.
وتابع بأن انعدام قنوات التواصل بين البلدين على قدر المستوى سيطرح الكثير من التحديات، وقد بدأت معالم ذلك واضحة من قبيل مسارعة الجزائر تهيئة الظروف لاستقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، خلافا لما جرت به الأعراف الدبلوماسية في فرنسا كون المغرب يحظى بأول زيارة يقوم بها كل رئيس فرنسي جديد خارج البلاد.
وخلص المحلل إلى كون الأكيد أن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا قد عرفت نوعا من الفتور لأسباب غير واضحة في عهد سفير المغرب بفرنسا مصطفى الساهل، مردفا بأن الوضع استمر كذلك بسبب تأخر المغرب في تعيين سفير جديد له بباريس.
التعليقات (0)