عبد الفتاح الفاتحي
أعاد إعلان وزارة الداخلية المغربية مؤخرا عن تفكيك خلية إرهابية من 18 عنصرا التخوف على الوضع الأمني بالمغرب إلى واجهة الأحداث. تخوف يعتبره عدد من المتتبعين بالمنطقي، من بعد سلسلة إعلانات الأمن المغربي عن توقيفه لخلايا إرهابية.
وأمام تناسل أخبار تفكيك خلايا إرهابية من هنا هناك، رفع المراقبون سقف التخوف إلى أعلى المستويات، وسط تنامي فرضية استعادة الخلايا الإرهابية النائمة لنشاطها من جديد، بعد تجاوز الشدة الأمنية، التي أعلن عنها المغرب عقب أحداث 16 ماي بالدار البيضاء.
وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أعلنت في بلاغ لها يوم الأربعاء 11 غشت الجاري عن تفكيك "خلية إرهابية" مكونة من 18 عنصرا، منهم من أدين في السابق في قضايا إرهابية، ومن بين أفرادها عنصرا كان يتم إعداده للسفر إلى بلدان معنية بنشاطات تنظيم القاعدة، وهي أفغانستان أو العراق أو الصومال.
وأضاف البلاغ أن أفراد هذه الخلية كانوا يستعدون للقيام بأعمال إرهابية وتخريبية ضد المؤسسات المغربية والمصالح الأجنبية. كما تم ضبط مجوهرات وحلي، ومواد لصناعة المتفجرات التقليدية، التي تستعملها عادة الجماعات المتطرفة في صناعة الأحزمة الناسفة بحوزة هذه الخلية التي تنتمي غالبية أفرادها إلى مدينة الرباط شمال المغرب.
وعموما فإن المستقرئ لطبيعة الخلايا النائمة المفككة أخيرا، يرى أنها تتكون في معظمها من عناصر سبق وأن أدينت في السابق وتم الإفراج عنها إما لانتهاء محكوميتها أو في إطار عفو ملكي في تكريس واضح لمبدأ العود.
كما أن فتح باب المراجعة أمام بعض العناصر المتورطة في ما يسمى بقضايا الإرهاب وضعت عليها اليوم أكثر من علامة استفهام، الأمر الذي سيفتح استراتيجية جديدة ويضع عملية العفو محط مراجعة، وأن الخطوة التي سبق وأن نادى بها العديد من المهتمين بالشأن الديني والمتمثلة في ضرورة فتح باب الحوار على غرار باقي الدول العربية التي ذهبت بعيدا وحققت نتائج إيجابية في ما يتعلق بفتح باب المراجعات الفكرية مع منظري التيارات السلفية الجهادية، ثم فتح باب المصالحة على غرار هيئة الإنصاف والمصالحة التي مضى فيها المغرب قبل سنوات".
أن اعتقال 3 أفراد من الخلية، سبق لهم أن اعتقلوا على خلفية قضايا الإرهاب، من شأنه بالفعل أن يعرقل المبادرات الداعية إلى إجراء حوار المصالحة مع شيوخ السلفية الجهادية المعتقلين على خلفية أحداث 16 ماي. وكانت السلطات المغربية قد أبدت استعدادها للحوار مع شيوخ السلفية، استجابة لضغوطات المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية، التي تتهم المغرب بالقيام بحملات اعتقالات عشوائية طالت كل من اشتبه في علاقاته بالإرهاب. ومن جهة أخرى سيعيد النقاش حول جدوى استفادة سجناء أدينوا بتهمة الإرهاب من مسطرة العفو الملكي.
ومعلوم أن الخلايا المعلن عن تفكيكها هذا العام ثلاثة: الأولى في أبريل مرتبطة بتنظيم القاعدة وتضم 24 فردا منهم من سبق وأدين بتهم الإرهاب. الثانية في شهر مايو كانت تخطط لضرب مصالح اليهود في المغرب. والثالثة في شهر يونيو يتزعمها فلسطيني وتتكون من11 فردا، وكانت تستهدف مسؤولين حكوميين ومثقفين علمانيين في العالم الإسلامي.
وعلى الرغم من أنه يثبت إلى حد الآن أي صلات محتملة لهذه الخلية، بتنظيم القاعدة، إلا أن تكرار تفكيك عدة خلايا إرهابية في الداخل، وبالتزامن مع تزايد قوة ونشاط التنظيم في الصحراء الإفريقية الكبرى، تجعل كل هذه مؤشرات موضوعية تفرض على الأمن المغربي رفع درجة اليقظة والحذر إلى أعلى الدرجات.
وترجح فرضيات ارتباط خلايا نائمة بالمغرب مع تنظيم القاعدة لاعتبارات عدة منها أن التنظيم لا ينفك يتوجه بالتهديد إلى المغرب، ولأن عدة خلايا نائمة، وفي إطار استعادة نشاطها قد تحاول الانتقام لاعتقال أزيد من 2000 متهم الإرهاب. كما أن بعض المحللين يرجحون فرضية ارتباط هذه الخلايا بتنظيم القاعدة ولو على مستوى التبعية الإيديولوجية.
إنه وبالاعتماد على بيانات الداخلية المغربية، قد يفوق عدد ’الخلايا النائمة‘ التي تم الإعلان عن تفكيكها سبعين خلية حتى الآن، بما يوحي أن المغرب أمام عدد هائل ممن الخلايا.
ويرى محللون سياسيون أن المغرب نجح في نهج سياسة أمنية استباقية ترمي إلى استباق وقوع الحدث من خلال عملية جمع المعطيات والمعلومات الأمنية، ومراقبة المتهمين المشكوك في علاقاتهم وتوجهاتهم الإيديولوجية، وكذلك سجناء السلفية الجهادية الذين سبق لهم أن سجنوا في إطار ملفات الإرهاب.
ويعتبر هؤلاء أن السياسة الأمنية الاستباقية التي نجح فيها المغرب بشكل لافت مكنت البلاد من تجنب مشاكل وكوارث أمنية عديدة، بفضل فطنة الأجهزة الأمنية وسرعة بديهتها في محاصرة هذه الخلايا الإرهابية.
محـلل سياسـي
elfathifattah@yahoo.fr
التعليقات (0)