هل تدخل الولايات المتحدة فى صدام مع العالم العربى ؟! هكذا تساءلت القناة الثانية فى التليفزيون الإسرائيلى فى تقرير لها بعد أحداث مصر وليبيا رداً على ذلك الفيلم المسىء للرسول عليه الصلاة والسلام وقتل سفير واشنطن فى ليبيا ، فمن قام بعمل ذلك الفيلم يبتغى من وراءه أن تصطدم أمريكا بالعالم العربى وبمعنى أصح ما يطلق عليه بدول الربيع العربى ، فمن المستفيد من إصطدام واشنطن مع أنظمة حكم ما زالت تتحسس طريقها وسط ألغام وأشواك ما بعد الثورات التى حدثت فى بلدانها ؟! .
فلو عدنا بالذاكرة لستة عقود مضت سنجد أن الدولة العبرية فى أعقاب قيام ثورة يوليو قامت بأعمال عنف فى وسط القاهرة والإسكندرية ضد الجاليات الأجنبية فى مصر عن طريق عملاء لها وكانت تبتغى من وراء ذلك أن توحى للغرب بأن الثوار فى مصر معادون لهم لتتحقق أمنيتهم وهى إصطدام الغرب بثوار يوليو ، وعلى ما يبدو أن تلك الرغبة الدفينة فى أعماق أعماق الدولة العبرية ظهرت مُجدداً بالمساعدة على عمل ذلك الفيلم القذر حتى تتحقق رغبتها الدفينة ويصطدم الغرب وعلى رأسه واشنطن بالعالم العربى وعلى رأسه دول الربيع العربى وفى قلبه مصر ، وقد أكملت السيدة هيلارى كلينتون بقولها الخطير " إن الثورات لم تقم لتسقط ديكتاتوريين وتأتى بغوغائيين " الصورة التى أرادها أعداء ثورات الربيع العربى وهو إصطدام واشنطن مع العالم العربى ، وهناك أيضاً أيضاً دوائر صهيونية داخل واشنطن تريد أن يحدث ذلك التصادم المرغوب حتى تؤمن السيدة كلينتون ومن قبلها الرأى العام الأمريكى بما قالته كحقيقة واقعة ، وهناك أيضاً أطراف داخلية فى مصر تريد أن يحدث ذلك التصادم والتعجيل به وإحياءه كل فترة ، فقضية التمويل الأجنبى والتى تم فتح ملفاتها منذ عدة أشهر كانت إحدى حلقات ومحاولات التعجيل بذلك الصدام فى وقت ليس من مصلحة مصر أن يحدث ، ولكن المقصود من كل ذلك هو إحراج نظام الحكم فى مصر أياً ما كان ذلك النظام ، وأخطر ما يحدث الآن فى دول الربيع العربى هو محاولة إلباس تلك الثورات الشعبية جلباب الإسلاميين وبخاصة المتشددين منهم والتى قصدتهم وزير الخارجية الأمريكية ، فمن له مصلحة فى إلباس تلك الثورات رداء سلفى متطرف مع أن هؤلاء كانوا يُحرمون الخروج على الحاكم المستبد ؟! ، ولم نسمع لهم صوت ولم ينزلوا لمعترك الثورة ولا السياسة إلا قبل التعديلات الدستوريه بأيام قليلة وهى التعديلات التى صبغوها وشبهوها كغزوة ! ، لقد كان الإخوان شديدى الذكاء خلال أسابيع الثورة حيث لم يرفعوا يافطة واحدة تدل على أن لهم الغلبة فيما يحدث وإبتعدوا عن صدارة المشهد حتى وجدوا الطريق أمامهم مُمهد لتنفيذ ما يسعون إليه من عشرات السنوات بعد أن علموا بعدم إعتراض الغرب على إستلامهم الحكم ، فهم القوة الوحيد التى كانت تعمل تحت الأرض بأكثر مما تعمله من فوقها بعد أن أمات نظام مبارك كل شىء حى فى مصر ، والواضح أن الإخوان المسلمين فى موقف لا يُحسدون عليه حيث المشاكل تزداد ومشروع النهضة المزعوم بدأ خيرت الشاطر يقول عنه أنه ليس مشروع وبدأ المتحدث بإسم رئاسة الجمهورية يقول أنه " مشروع فكرى وليس إقتصادى" فرد عليه شباب الفيس بوك بقولهم المُضحك " وفكرى موافق على اللى بيحصل ده ! " ، ولذلك عندما أعلن الحزن الوطنى المنحل عن شعاره " من أجلك أنت " رددنا عليه بقولنا " من دجلك أنت " ولن يلومنا أحد لو قلنا عن مشروع النهضة الإخوانى المزعوم بمشروع النصبة الإخوانى ! .
إن أكبر مشكلة تواجه الإخوان هى السلفيين الذين إستدعتهم الجماعة لمؤازرتها على إعتبار أنهم لن يدخلوا معترك السياسة وإن دخلوا سيدخلون من تحت عباءتهم ، وإذ بهم يدخلون السياسة ويفاجئون الجميع وأولهم الإخوان أنفسهم بما أحرزوه فى الإنتخابات البرلمانية والتى أعتقد أنها لن تتكرر مرة أخرى لو وحدت المعارضة صفوفها ، والسلفيون بدأوا أخيراً فى الطعن فى الإخوان ولنا فقط أن نقرأ ما قاله بعض كبار شيوخهم عن الإخوان لنعرف أن ما بين الإخوان والسلفيين أسوأ مما بين الإخوان والقوى الأخرى ، فالشيخ أبو إسحاق الحوينى إتهممهم بفساد عقيدتهم ، وأبدى الشيخ ياسر برهامى عن تخوفه من جماعة الإخوان، وأنهم إن تمكنوا من مصر فسوف يقضون على دعوته السلفية، وخطورة ترك الأمر لهم ليتمكنوا، وكيفية منعهم من التمكن الكامل من الدولة المصرية لحماية الدعوة ! ، ونختم بشيخ المدخلية المصرية الشيخ محمد سعيد رسلان وقوله الخطير عن الإخوان "إنهم يفسدون فى الأرض باسم الدين، يُحرفون الناس عن العقيدة باسم الإسلام العظيم، ما الذى يطرحونه على الناس؟ أوهام وخرافات، فهم جهلة بحقيقة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم»، ثم وجه الشيخ رسلان رسالة إلى الشعب المصرى قائلا: «أنتم شعب طيب غافل، عظمت عليه الذنوب، فيوشك أن يعاقب بأشد مما عُوقب به فى عصر فساد يقول إنه زائل، مع أنه هو أفسد، وسيكون زواجهم فيه بالسلطة كزواج النصارى بلا طلاق، فهؤلاء إن تمكنوا دخلوا فى مسامكم وعقولكم وخالطوا دماءكم، وتملكوا من مفاصل السلطة فى البلد بما لا يمكن أن يُزاح أو يُزال إلا بإراقة أنهار من الدماء، والمحنة فى أنه من عارضهم فهو كافر هذا ما يروجه الآن شيوخهم (والذى يعارض إقامة الشرع.. ما وصفه؟.. والذى يحارب الدين.. ما حكمه؟)، هذه هى المغالطة الكبرى، هذا البلد الطيب يتعرض أهله المساكين لأكبر خدعة باسم الدين مرت بهذا البلد الطيب !" ، إذاً صبغ الثورات الشعبية بصبغة دينية لتتشابه مع الثورة الإيرانية هو أخطر هدف من أهداف أعداء تلك الثورات ، ويساعدهم فى ذلك بعض أفعال غُلاة الفكر السلفى المُتشدد .
التعليقات (0)