علينا الآن -ألا- نتوقف عند المحاولات المستمرة والمستميتة لإثبات عدم اتزان شخصية العقيد القذافي.. وعدم عقلانيته ..أو شذوذ شخصيته ..وتصرفاته.. وردود أفعاله ..
فهذه كلها أمور يعلمها العالم أجمع فضلاً عن الشعوب العربية على مدى أكثر من أربعين عاماً منذ اعتلاء العقيد سدة العرش الليبي على صدى (ثورة) (انقلاب) الفاتح من سبتمبر العسكري عام 1969 ..
وما فعله القذافي طوال عشرات السنين من غرائب .. وعجائب .. ومضحكات.. ومبكيات ربما تقصر عن إحصائها عشرات المجلدات بما يؤكد أن الذي يفعله الآن في شعبه من دكه بالمدافع .. وضربه بالطائرات .. وتخريب مدرجات "مهابط" المطارات لإحكام الحصار حول مئات الألوف من الثوار تمهيداً لإبادتهم إبادة جماعية في سبيل بقائه في على عرش ليبيا ولو سابحاً في بحيرات من دماء شعبه ..
كل ذلك دعا إلى تحرك دولي "عاجل" ممثل في اجتماعات مجلس الأمن للنظر في (نداءات) و(طلبات) و(نوايا) دول الغرب للتدخل العسكري في ليبيا بدعوى حماية الشعب الليبي من انتهاكات نظام العقيد القذافي الطاغية الدموي ..
وهذا يعني بكل بساطة احتلال ليبيا .. (زي العراق يعني ) .. ثم بقاء القوات الأجنبية تحت اسم (التحالف الدولي ) الذي ستكون فيه أمريكا هي الزعيم ومن حولها بعض المشاركات الرمزية من البلاد الأوربية لإضفاء الطابع التحالفي الدولي القانوني المشترك ..
بينما سيكون الجيش الأمريكي هو سيد الموقف ومدير المعركة وحاصد نتائجها (زي العراق يعني) ..
والسيناريو معروف بالطبع ..
سيتجه الجيش الأمريكي لما هو (أهم) لديه من القذافي.. ومن الشعب الليبي.. ومن العرب جميعاً .. (آبار البترول) بدعوى تأمينها من محاولات التفجير أو التدمير .. ثم بعد ذلك يهرب القذافي ويفر وأسرته إلى فنزويلاً مثلاً أو البرازيل .. أو تتم تصفيته " بسهولة" ولكن بعد بعض الأكروبات .. وإظهار العضلات ..والاستعراضات (زي قصة صدام حسين يعني) .. وشوية مغامرات على طريقة " رامبو " ..
ثم يعلن الجيش الأمريكي (الدولي) تخليص الشعب الليبي من الطاغية السفاح ..وبقاء (قوات التحالف ) أمريكا يعني ! في ليبيا لحين استتباب الأمن و إجراء عملية انتقال (آمن ) للسلطة ( زي العراق يعني !)..
وفي هذه الفترة يكون البترول الليبي قد تم (شفطه) أو (سحبه) في أسرع وقت ممكن نحو المخزونات الاستراتيجية الأمريكية (زي العراق يعني !) ..
ولغاية لما الليبيين يفوقوا وينتبهوا ويستقروا ويستلموا (السلطانية ) قصدي (السلطة) سنرى ابتسامة ممثل الجيش الأمريكي (التحالف الدولي يعني) وهو يلقي التحية لقائد الجيش الليبي .. ستعني هذه الابتسامة أن (المهمة) انتهت . . أي أن البترول انتهى .. سواء بشفطه .. أو بفرض أمريكا وصايتها عليه عن طريق تعاقدات (جبرية) على استخراجه بواسطة أو بوصاية شركاتهت العملاقة (زي العراق يعني) ..
وبهذا تكون ليبيا قد انضمت رسمياً إلى العراق في قائمة سرقة وتخريب أغني دول العرب بالثروة البترولية .. وهكذا دائما ما تدفع الشعوب العربية الثمن .. من تحت رأس الأنظمة العربية التي غرسها.. وسقاها .. ورعاها الاستعمار الغربي العسكري منذ جلائه عن أراضي الشعوب العربية ثم يعود " ذات " الاستعمار الغربي العسكري مرة أخرى بعد نصف قرن من جلائه .. ليحتل أراضي الشعوب العربية .. ولكن هذه المرة بطريقة (شرعية ) وبدعوى تخليصها من (الأنظمة) الحاكمة الطاغية .. المستبدة .. المجنونة .. الفاسدة والتي غرسها ذات المستعمر الغربي بيده القذرة في أجساد الأمة العربية بقصد إضعافها وتمزيقها والسيطرة عليها.. وبعد أن استنفذت هذه الأنظمة الغاية منها وأصابها التلف والتكلس والعفن وفقدت صلاحيتها للاستهلاك الآدمي ..
مالم ينجح الشعب الليبي وأبناء عمر المختار " أعظم ثائر في تاريخ العرب الحديث ضد الاستعمار الأجنبي " في إزاحة نظام الطاغية القذافي بأنفسهم وبأيديهم .. فقد دفع شعب ليبيا الشقيقة الكثير والكثير من ثرواته ومقدراته وآماله وطموحاته ما لم يدفعه أو يقاسيه شعب عربي آخر تحت وطأة حاكم غير طبيعي على مدار أربعة عقود من الزمن ..
نقول .. ما لم يطوح الليبيون بنظام القذافي سريعاً .. فإن السيناريو الذي طرحناه ليس بعيداً عن الواقع ومحتمل جداً ..
إلا إذا ..
نعم.. إلا إذا تنبهت الأنظمة العربية في العالم العربي إلى هذا السيناريو .. وعزمت على ألا تكرر مأساة احتلال العراق وتمزيقه وهز استقراره حتى الآن .. فتندفع الجيوش العربية (بيدها) لا بيد (أوباما) لدخول ليبيا والإطاحة بالقذافي وتخليص الشعب العربي الليبي من مجزرة حربية عاتية ومجنونة ربما تزهق فيها أرواح الآلاف إن لم يكن عشرات الآلاف على يد هذا الرجل المجنون ...
وإنني أعتقد - جازما- أنه في حالة لم ينجح الشعب الليبي في الإطاحة بنظام القذافي في هذه الساعات واستمرار نزيف الضحايا المروع .. ونتمنى أن ينجح الليبيون الثوار في ثورتهم ..
فإن احتماليه تجنب التدخل (الاحتلال يعني) العسكري الأمريكي (الدولي يعني) في ليبيا لن يوقفها سوى المبادرة فوراً بالتدخل من الجيوش العربية لإنقاذ الشعب الليبي من طاغيته غير الطبيعي ..
إلا أننا - وفي ظل هذا الوضع العربي الراهن ! -
فإن فرضية تحرك الجيوش العربية نحو ليبيا لن يكون متصوراً فقط .. بل ومستحيلاً أيضاً .!.!.
التعليقات (0)