مواضيع اليوم

هل بدأ موسم الهجرة من البام؟

محمد مغوتي

2011-05-20 09:33:51

0

    قبل أشهر قليلة، كان حزب الأصالة و المعاصرة مرشحا فوق العادة لاكتساح الإنتخابات المقبلة، و ذلك استنادا إلى وقائع موضوعية جعلت هذا الوافد الجديد على المشهد الحزبي في المغرب يفرض نفسه بقوة، ويصبح رقما صعبا في صناعة القرار السياسي و توجيه بوصلة التحالفات الممكنة في المرحلة القادمة. لكن ما يحدث هذه الأيام داخل بيت البام قد يكون بداية النهاية لهذا الحزب الذي كان باستمرار موضوعا لجدل كبير منذ تأسيسه. هذا الجدل الذي صنعه مؤسس الحزب فؤاد عالي الهمة عندما غادر وزارة الداخلية لممارسة العمل الحزبي.
    فؤاد عالي الهمة مازال يثير الجدل، لكن الدواعي مختلفة هذه المرة. فاستقالته من بعض مسؤولياته الحزبية تحمل الكثير من الإشارات، و تدل على أن الأهداف التي تأسس من أجلها هذا الحزب لن تتحقق بسهولة في ظل الحراك الشعبي الذي يعرفه المغرب منذ 20 فبراير الماضي. لكن استقالة الهمة لا تخصه وحده، ولا يمكن أن تكون حدثا عابرا لأنها ستخلط أوراق الحزب و تفرض عليه ترتيبها من جديد. و هذا ما يبدو أنه يحدث فعلا من خلال التسريبات الصحافية التي تتحدث عن وجود تصدعات و اختلافات في وجهات النظر بين أقطاب هذا الحزب الفسيفسائي الذي استطاع أن يجمع بين أطياف مختلفة و كثير من هواة الترحال السياسي الذين مكنوه من الحصول على أكبر فريق برلماني في مجلس متمخض عن انتخابات لم يشارك فيها هذا الحزب أصلا، بل لم يكن له وجود حينما أجريت في شتنبر 2007. لكن شخص الهمة كان كافيا لتحويل الحزب إلى أكبر قوة سياسية في المغرب تكرست في الانتخابات الجماعية لسنة 2009، رغم أن النتائج التي حققها البام خلالها لم تكن كاسحة و لم تصل إلى سقف التوقعات.
    ظاهرة الترحال الحزبي التي أصبحت موضة مغربية بامتياز، فتحت نقاشا حادا بين الأحزاب السياسية التي توحدت أغلبها في مواجهة تيار البام الجارف. حيث طفا إلى السطح نقاش كبير حول تخليق الحياة السياسية و التصدي للترحال السياسي. لكن حزب الهمة كان يمضي بثبات نحو فرض اختياراته من خلال تعاطيه مع الحكومة و موقفه المساند لها حينا و المعارض حينا آخر. و بحكم ظروف تأسيسه أعاد البام إلى الذاكرة مفهوم حزب " الدولة " الذي كان رائجا في القاموس السياسي للمعارضة اليسارية في نهاية سبعينيات القرن الماضي . و نجح الارتباط الوثيق بين الهمة و البام في تحويل هذا الحزب إلى مزار يتسابق إليه أعيان البلد طلبا لوده. أما العصا السحرية التي مكنت الهمة من استقطاب هؤلاء فتتمثل في قربه الشديد من المربع الملكي. لذلك أصبح لقب " صديق الملك" مقترنا باسم الهمة، وكان عاملا أساسيا في الإنجذاب نحو الحزب و الإنتماء إليه. ومن تم فإن المكانة الكبيرة التي تبوأها البام خلال هذه الفترة القصيرة من عمره تقترن باسم مؤسسه تحديدا. فأغلب المهرولين إلى الحزب جاؤوا إليه فقط لأنه حزب فؤاد عالي الهمة. و هذا ما يثبت هشاشة النخبة السياسية المغربية التي لا تدين بالولاء للبرامج و التوجهات، بقدر ما تتحلق حول الأشخاص و تتقرب إلى صناع القرار من أجل الحصول على النفوذ و تحقيق المصالح الخاصة و تحصينها من تقلبات الزمن و أحكام السياسة.
    و بالعودة إلى الظروف التي تأسس فيها حزب الأصالة و المعاصرة، والكيفية التي استطاع بفضلها أن يستقطب عشرات البرلمانيين النازحين من أحزاب أخرى، فإن الحديث عن " هجرة مضادة " وارد جدا في الأشهر القادمة و خصوصا في الفترة التي تسبق الانتخابات التشريعية المرتقبة بعد الإصلاح الدستوري. و لابد أن الكثيرين من البرلمانيين الرحل يضربون أخماسا في أسداس في انتظار الكشف عن مستقبل الحزب الذي تضررت صورته لدى أوساط كبيرة من الرأي العام المغربي خصوصا لدى حركة 20 فبراير التي رفعت شعارات ضد بعض المنتمين إلى البام... أما إذا انسحب الهمة بشكل نهائي، فإن هذا الحزب سيصبح مطالبا بفرض اسمه من خلال إمكانياته الذاتية فقط. و هو ما يقلل كثيرا من فرص تنامي نفوذه السياسي، الأمر الذي سيفرض على الكثيرين الإسراع في فك الارتباط به و الحنين إلى الانتماءات السابقة أو البحث عن مظلة جديدة. و طبعا ستفتح مختلف الأحزاب أذرعها للعائدين من رحلة البام، و كل حزب لأبنائه غفور رحيم...
            محمد مغوتي.17/05/2011.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !