صاحب إرهاصات البداية لثورة الخامس والعشرين من يناير ظاهرة ما يُسمى بالمليونيات , أى تظاهر واعتصام مئات اللآف من الشعب فى ميادين مصر وخصوصا فى ميدان التحرير والذى اصبح رمزا للثورة ,واستمر هذا الحال حتى بعد نجاح الثورة وخلع مبارك من الحكم , بل اصبحت المليونيات بعد خلع مبارك وتولى المجلس العسكرى للحكم هى وسيلة الضغط على المجلس العسكرى كى يحقق مطالب الشعب , وقد نجحت هذه الوسيلة بشكل كبير وذلك لأن الجماهير فى هذه المليونيات كانت لها مطالب واحدة وكان رأى الجميع رأى واحد , ولكن وبإنتهاء المرحلة الاولى للإ نتخابات البرلمانية وظهور نتائجها من نجاح كبير للإخوان المسلمين ونجاح أقل للسلفيين ثم الليبراليين حدث تغير كبير فى الساحة السياسية فى مصر وتبع هذا التغير إنتهاء ظاهرة المليونيات , وذلك ليس إقلالاً للمليونيات ولكن لأن الحال تغير والمواقف تغيرت .......
وحتى نستطيع أن نتفق مع هذا الرأى أو نختلف وهو( انتهاء ظاهرة المليونيات ) يجب أولا أن نتابع الاحداث ونحلل المواقف منذ بداية الثورة وحتى الآن ,وكذلك نتائج هذه الاحداث ورد فعلها لدى الشعب المصرى بجميع طوائفه ,
ومن متابعة الاحداث والمواقف والنتائج وردود الافعال يتبين لنا الآتى :
1- إن تعدد المليونيات وتكرارها والتى كانت فى بعض الاحوال اسبوعية وباسماء متعددة ,ورغم نجاح هذه المليونيات فى التاثير وتغيير المواقف , إلا أنها كانت بمرور الوقت تأتى بنتائج عكسية مما افقدها التحام الجماهير معها بل ونفورها , وذلك لأن الاحوال الاقتصادية للشعب تدهورت كما أن هذه المليونيات كان يصاحبها وقف المرور فى الميادين والشوارع ووقف مصالح الناس , وانتشار ظاهرة الباعة الجائلين والبلطجية .
2- إتخاذ ظاهرة المليونيات للطابع الخاص والفئوى أفقدها اتفاق الجماهير , بل فى بعض الاحيان كانت هناك تصادمات بين الجماهير ولا ننسى تظاهرات المسيحيين فى ماسبيرو وعند بعض الكنائس , وايضا لا ننسى التظاهرات الفئوية والتى اوقفت العمل تماما فى بعض الميادين وذاد بذلك تدهور الاقتصاد وتاثر الشعب بهذا التدهور .
3- صاحب فى بعض الاحيان تصدى قوات الامن والشرطة العسكرية لهذه التصادمات وخصوصا لإخلاء الميادين والشوارع ( ميدان التحرير - شارع ماسبيرو - شارع محمد محمود) وقد نتج عن هذه التصامدات قتلى ومصابين من الجانبين , مما جعل الناس تخشى هذه المصادمات وتتجنب المشاركة فيها .
4- إختلاف الأراء والمواقف وانقسام الشعب بين هذه الاختلافات جعل المليونيات تأتى متضادة , فكنا نسمع عن مليونية ينادى بها الاسلاميين تأييدا للاستفتاء فى شهر مارس وبعد اسبوع نسمع عن مليونية ينادى بها الليبراليين تعارض الاستفتاء , وكذلك كنا نسمع عن مليونية ينادى بها طرف وفى نفس الوقت هناك طرف آخر يعارض هذه المليونية ويدعو مؤيديه ألا يشاركوا فى المليونية , وفوق ذلك اصبحت هذه المليونيات وسيلة لاظهار القوة وإظهار ضعف التيار الآخر , فكان الاخوان المسلمون ينادون لمليونية ويحشدون لها الحضور حتى تظهر قوة تاثيرهم وعدد مؤيديهم ,وكانوا فى بعض المليونيات يعلنون انهم لن يشاركوا فى المليونية القادمة حتى تأتى هذه المليونية ضيفة الحضور هزيلة الشكل , وهكذا اصبحت المليونيات وسيلة للدعاية واثبات قوة النفوز .
5- نتيجة لإختلاف المواقف ولأننا نلعب فى ملعب السياسة حيث تغلب المصالح ولو على المبادىء , فإننا بدأنا نرى بعض التوازنات التى اوجبها اختلاف المصالح , فنسمع عن توافق الاخوان والسلفيين ضد الليبراليين وبدأنا نسمع عن توافق اليبرالين ومعهم بعض القوى الممثلة للتيار المسيحى والعجيب اننا نسمع عن فصيل من الصوفيين يؤيد هذا التوافق ( ليبراليين ومسيحيين وصوفيين مسلمين ) ,وفى بعض الاحيان , وقد ظهر هذا اثناء الانتخابات فى المرحلة الاولى أن الاخوان توافقوا مع الليبراليين ضد مرشح السلفيين والعكس صحيح , مما افقد ظاهرة المليونيات بريقها وانصراف الناس عنها .
فى النهاية ونتيجة استمرار التدهور الاقتصادى واستمرار المعاناة للشعب واستمرار تغليب المصالح ولو على حساب الشعب , مع انقسام الشعب بين كل هذه المواقف بين مؤيد ومعارض ,ولأننا فى مصر بلد العجايب , يقول قائل أننا فى القريب العجل سوف نسمع عن مليونية ينادى بها الشعب تخرج فى ميدان التحرير تطالب ...بمنع المليونيات !!!!!!!!!
التعليقات (0)