" الله محبة " جملة قصيرة لكنها أكبر حقيقة فى حياة الإيمان بالله ، حقيقة يتجاهلها الإنسان ويتسلقها إلى أفاق بعيدة من الكراهية ، أصبحت هذه الجملة القصيرة جداً تعبيراً سامياً لا وجود له فى عالم اليوم ، لأنها تعتبر الحد الفاصل بين الإيمان الحقيقى بالله وبين الدين الذى يمارسه البشر يومياً ويرتكبون بأسمه أفظع الخطايا والجرائم وينسبونها دائماً إلى الدين وعقائده ومن وراء الدين ينسبون كل هذا إلى الله .
لكن الحقيقة التى يبتعد عنها كثيراً فكر البشر تكمن فى فشلنا فى معرفة هذا الإله القادر على كل شئ وفى الوقت نفسه عندما يريد التدخل بمحبته لعلاج مشكلة أو مساعدتنا على التصرف بالشكل الصحيح الذى يرضى بها عنا ، نصرخ فيه بأعلى صوتنا : أبتعد بعيداً أنا أعرف أكثر منك ودعنى أعالج الأمور بنفسى ودعنى أخوض الحروب وأسفك الدماء لتأديب الرافضين لك لأدافع عنك يالله ، يكفينى أنك تجلس فى السماء لتشاهد ماذا سأفعل بأعداءك !
بهذه الصورة وذلك التفكير القاصر الذى يسئ إلى الإله القدير يفسر لنا مقدار أنفصال الإنسانية عن الإله الحقيقى عندما وضعوا صورة للإله أضعف من الصورة البشرية التى نحيا فيها ، مما جعلنا نعتقد فى قرارة أنفسنا قدرتنا على وضع القوانين والشرائع وتطبيقها على من حولنا بكافة الطرق المشروعة وغير المشروعة ، ووضعوا لأنفسهم قوانين وشرائع تهدف إلى زرع بذور البغض والكراهية للآخر دون التوقف ولو لحظة واحدة لنتعرف على هذا الإله الذى صفته الكبرى أنه إله محبة ، وهكذا أصبح الدين وسيلة بشرية لرفض محبة وعدالة ورحمة وقضاء الله وأستبدلنا الدور الحقيقى للإله بأن أصبح دور ثانوى ربما كما يعتقدون وكما يسلكون فى يوم من الأيام سيقرر هذا الإله إزالة الشر والأشرار وإقامة حكم الدينونة على كل البشرية !
لقد أصبح الإله مجرد صورة رمزية ترتكب بأسمه الأديان كل الجرائم التى تؤكد على حقيقة واحدة هى للأسف عجز الإله عن إقامة السلام والعدل ورفع الظلم والفقر الذى تعانى منه البشرية ، وظهرت علامة أستفهام كبيرة أمام الإنسان : أين الإله الحقيقى من كل ما يحدث ؟ وهل إرادة الله أن يدافع عنه البشر بأرتكاب الجرائم والشرور حماية له ولأديانه ؟ من هو الديان الله أم الإنسان ؟
أى عالم هذا الذى فقد عقلانية المحبة وأندفع وراء شهوانية الحقد والكراهية !
يقول لنا العلم أن الأسماك التى تعيش فى البحار تتمتع بحاسة تجعلها تتجنب الأصطدام بالأشياء التى تعترض طريقها وتشكل خطراً لها ، أما نحن البشر على الأرض لم نتعلم بعد كيف نتجنب الإصطدام بالمخاطر الفكرية والأنفعالات العدوانية التى تعوق حياة المحبة الحقيقية وليست المحبة الزائفة التى يقوم بها البشر لتحسين صورتهم وصورة الدين وصورة الإله الذين يؤمنون به ، معرفة الإله الحقيقى قادرة على أن تجعلنى أحبه وأنفذ وصاياه المحبة والمسالمة الرحيمة ، وهذه المحبة للإله ستعطينى القدرة على أن أتعلم كيف أحب أخى فى الإنسانية الذى أراه وأعيش معه وأتقاسم معه الوجود على هذا الأرض بكل تناقضاتها من خير وشر وكوارث وفيضانات وزلازل وبراكين كثيراً ما نفشل فى الإجابة عن سبب هذه الكوارث التى لا تفرق بين البشر الصالحين أو الأشرار بين الأطفال أو الكبار ، يفشلون فى الإجابة لأن البرمجة الدينية للعقول ناقصة المعرفة تنسب كل ما يقع فى العالم إلى الإله وكان الله بالسر عليم !
متى نحتاج اليوم أن نستعيد صورة الإله الحقيقى التى صورها لنفسه بدلاً من صورة الإله التى صنعها البشر لإله دكتاتور منتقم يقتل ويظلم بأيدى البشر ، وأن نتنازل عن الكبرياء الذى يجعلنا واثقين بأننا الوحيدين الذين نمتلك الحقيقة .
إن سلوكنا اليومى وإصرارنا على تطبيق معرفتنا الضيقة عن الله ، تضعنا بدون أن نشعر على طريق مضاد لطريق الله الصالح ، فهل لنا أن نتواضع ونسعى لنتعلم المحبة من إله المحبة ؟
2005 / 6 / 17
التعليقات (0)