مولن وبترايوس وكلينتون وجهوا الاتهام نفسه:
هل القاعدة وطالبان "خنجر باكستاني" في ظهر أميركا؟
بقلم/ ممدوح الشيخ
هيلاري كلينتون: قادة القاعدة في باكستان و"يصعب علي أن أصدق أن القيادة الباكستانية لا تعرف ذلك"!
الرئيس الباكستاني السابق مشرف: "لولا دور باكستان لركع الغرب أمام الإرهابيين"!
مصادر مخابراتية أميركية: المخابرات الباكستانية تقوم بلعبة مزدوجة فتحارب الإرهاب وتدعمه في الوقت نفسه!
الرئيس زرداري للغرب: "سيتم حل مشكلة المخابرات الداخلية. هذه مشكلتنا"
مسئول في الحكومة الباكستانية: "لقد علمناهم ودربناهم لكنهم خرجوا عن السيطرة"!
ديبلوماسي غربي بارز: "الخلل ليس في المخابرات الباكستانية، لكنه في الإدارة السياسية"
كلمات قليلة تناقلتها وكالات منسوبة لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تعني تصاعد الشكوك الأميركية الرسمية في حقيقة موقف الدولة الباكستانية في مواجهة الإرهاب. هيلاري قالت عقب لقائه مع قادة باكستانيين إن زعماء تنظيم القاعدة موجودون في باكستان وفجرت قنبلة أكبر عندما قالت: "يصعب علي أن أصدق أن القيادة الباكستانية لا تعرف بذلك"!
والشكوك الأميركية في وجود علاقة تعاون بين باكستان وتحالف القاعدة وطالبان قديمة فعقب اعتداءات 11 سبتمبر امتلأ الإعلام الأميركي بتحليلات مفادها أن الباكستانيين أدركوا أنهم عقدوا صفقة غير رابحة لكنهم لم يتمكنوا من التخلص منها بسهولة، وأعلن مسئولون أميركيون أن جهاز المخابرات الباكستاني ظل محتفظا بعلاقة تفاهم غير مباشرة مع تنظيم القاعدة، وأنها استخدمت معسكرات القاعدة بأفغانستان لتدريب ناشطين متخفين استخدامهم في حربها ضد الهند. وكشف مسؤول أميركي رفيع المستوى أن المخاوف الأميركية من تعامل المخابرات الباكستانية مع الجماعات الإرهابية تعاظمت في عهد الرئيس كلينتون لدرجة أن المخابرات الأميركية اعترضت بشدة على زيارة قام بها كلينتون لأسباب متعلقة بسلامته، وكانت هناك مخاوف جدية من أن يتمكن الإرهابيون من إسقاط طائرة الرئاسة الأميركية.
وفي العام 2008 وأثناء زيارة تاريخية للرئيس الباكستاني برويز مشرف لباكستان نشر تقرير يتهم المخابرات الباكستانية بالتعاون مع القاعدة وطالبان وكان رد مشرف أن على الغربيين أن يعرفوا أنه "لولا دور باكستان لركع الغرب أمام الإرهابيين"!
وبعد قليل من تولي الرئيس على آصف زرداري رئاسة باكستان أقدم على خطوة وصفت بالجريئة عندما عين رئيسا جديدا للمخابرات الباكستانية ورحبت الإدارة الأميركية بتعيين الجنرال أحمد شجاع باشا مديرا عاما لإدارة المخابرات الداخلية. وقد ساعد الجهاز الذي عادة ما يشار إليه باعتباره "دولة داخل الدولة" على تصفية مئات من مقاتلي "القاعدة" بعد 11 سبتمبر لكن المسؤولين الأميركيين يخشون من أن يكون الجهاز يقوم بلعبة مزدوجة فيدعم طالبان والقاعدة، وحضت واشنطن مرارا حكومة باكستان على فرض سيطرة أكبر على الجهاز لقطع الدعم عن المقاتلين الذي يمتد لمستويات عليا في الحكومة.
وفي نوفمبر 2008 وبالتزامن - تقريبا - مع تفجيرات مومباي الدموية كشف مصدر غربي عن أن الرئيس زرداري قام بتفكيك الجناح السياسي بجهاز المخابرات، وبهذا وجهت ضربة قوية لسيطرة الجيش على البلاد سياسيا وعسكريا، ومنذ توليها الحكم سعت حكومة "حزب الشعب" لوضع المخابرات الداخلية تحت سيطرة مدنية بإلحاقه بوزارة الداخلية لكنها قررت حل جناحه السياسي بعدما واجهته من انتقادات شديدة اللهجة.
وحسب وصف شاه محمود قريشي، وزير الخارجية الباكستاني فإن هذا الجناح كان "جناحا قويا وله ثقله". ورغم هذا التحول النوعي خرجت الاتهامات الأميركية من السر للعلن فأعلن الجنرالان مولن وبترايوس في مارس 2009 أن الاستخبارات الباكستانية تدعم "طالبان" و"القاعدة" فيما أقرت باكستان للمرة الأولى بأن أجهزة مخابراتها قد تكون "مخترقة" من طالبان، مؤكدة عزمها "استئصال" حلقات الاختراق.
وقد كان الانفجار الذي استهدف السفارة الهندية بكابول (يوليو 2008) المرة الأولى التي تكشف فيها مصادر أمنية أميركية عن معلومات عن هذه العلاقة وهي معلومات اعتمدت على "تقارير توافرت إثر اعتراض اتصالات بين ضباط بمخابرات إسلام وأباد ومسلحين أفغان" وشملت التسريبات الأميركية أيضا أن عناصر مخابراتية باكستانية "تسرّب أخباراً لمجموعات طالبان حول الهجمات الأمريكية المقررة ضدها، وسمح هذا أحيانا للمسلحين بتجنب القصف الصاروخي الأمريكي لمواقعهم". وقد رد الرئيس زرداري على هذه التسريبات: "سيتم حل مشكلة المخابرات الداخلية . هذه مشكلتنا".
والمخابرات الباكستانية متهمة باللجوء للعبة مزدوجة، فمن ناحية ساندت أميركا بقوة وأنشأت في 2002 "خلية مكافحة الإرهاب" وتمكنت من أسر وقتل مئات من قادة القاعدة الذي يشغلون مواقع بسيطة أو متوسطة الأهمية في التنظيم لكنها قامت بتسهيل فرار آلاف الأشخاص معظمهم من العناصر الميدانية لطالبان أ القاعدة في نوفمبر 2008 في منطقة قندوز شمالي أفغانستان. وفي الشهر نفسه هرب مزيد من مقاتلي القاعدة، ربما كان بن لادن بينهم، من تورا بورا جنوبي أفغانستان إلى داخل باكستان.
وحسب مسئولين كبيرين سابقين بالمخابرات الباكستانية رفضا الكشف فإنه بعد تحالف الرئيس الباكستاني برفيز مشرف مع الإدارة بعد هجمات 11 لم تستطع المخابرات الباكستانية كبح جماح الإسلاميين الذين كانت المخابرات تدعمهم كورقة ضغط على الهند. ومع توالي الاتهامات والتسريبات خرج مسئولون باكستانيون عن صمتهم، أحدهم أكد أن عشرات الضباط بالمخابرات الباكستانية متعاطفون مع الإسلاميين أنه تم تنفيذ 3 حملات تطهير للمخابرات منذ أواخر الثمانينات. وهو نقل عن مسئول حالي في الحكومة الباكستانية: "لقد علمناهم ودربناهم لكنهم خرجوا عن السيطرة"!.
ويحذر ديبلوماسي غربي بارز من اعتماد هذا التفسير المضلل، ذلك أن "الخلل ليس في المخابرات الباكستانية، لكنه في الإدارة السياسية" فيما يقرر مسئول عسكري غربي كبير أنه "إذا كانت المخابرات الباكستانية تساعد حركة طالبان سرا فهذا الأمر لابد أنه صادر من رأس الحكومة الباكستانية، لأنه ليس قرار المخابرات الباكستانية، بل قرار الحكومة". وقد كانت الفكرة القائلة بحماية المخابرات الباكستانية للإسلاميين راسخة إلى حد أنه في بعض حالات الاعتقال كانت الشرطة الباكستانية ترفض تنفيذ الأوامر حتى تستلم أوامر مكتوبة من المخابرات الباكستانية!.
التعليقات (0)