مواضيع اليوم

هل الغرب يستهدف الإسلام؟.

محمد مغوتي

2010-07-14 12:50:43

0

     عاد موضوع النقاب ليفرض نفسه من جديد، بعدما صادق البرلمان الفرنسي على قانون منع ارتداء البرقع في الأماكن العامة. و الواقع أن القوانين المتتالية التي تسنها بعض الدول الأوربية في الآونة الأخيرة تبدو موجهة ضد الجاليات الإسلامية تحديدا. لذلك تلقى تنديدا و رفضا واسعا في أوساط المسلمين. لكن السؤال الغائب أو المغيب في النقاش المرتبط بهذا الموضوع هو: لماذا تستهدف القوانين الجديدة في الغرب المسلمين؟. 
     عندما نتحدث عن الغرب العلماني تقفز إلى الواجهة مفاهيم أساسية مثل القانون و الحرية و المساواة.... لكن ما يحدث الآن يعتبر على المستوى النظري تراجعا خطيرا عن مبادئ العلمانية التي تنص على حرية الإختيار بدون أية قيود. و من تم يفهم الكثيرون موضوع منع النقاب كاعتداء على قاعدة أساسية في القانون العلماني. و لابد أن الدول الغربية واعية تماما بهذه المسألة، لكن الدافع إلى فرض هذه القيود لا يقل أهمية عن حرصها على صون تلك الحرية و الحفاظ عليها. بل إن هذه القوانين على الرغم من ظاهرها السلبي تمثل في العمق أداة لامناص منها في هذه المرحلة لتنظيم تلك الحرية و الدفاع عنها. و المسلمون اليوم يشكلون حضورا لافتا في أوربا. لكن ذلك لا ينفي أن هذه الدول تمتلك كل الحق في سن ما تراه مناسبا للحفاظ على إيديولوجيتها العلمانية المتحررة. و السماح ببعض الممارسات تحت ذريعة حرية الأفراد يشكل خطرا على المجتمعات الأوربية على المدى البعيد. لذلك فإن الغرب يحاول بكل الوسائل أن يحافظ على حرية كل شخص في الإعتقاد و التفكير و التعبير عن الرأي، لكن دون أن يكون ذلك على حساب ثوابت العلمانية التي لا تتخذ الدين مصدرا للتشريع، وتعمل بقوانين وضعية تتخذ من الإنسان مركز اهتمامها بغض النظر عن عرقه و ديانته.
     و يبدو أن المسلمين لا يريدون أن يتفهموا هذه المسألة، لذلك فهم مصدر قلق دائم للغرب، ويشكلون هاجسا حقيقيا هناك. و الأمر لا يعني أن الغرب يخاف من الإسلام و يحاصره، بل إنه يخاف من سلوك المسلمين الذي لا يمت بصلة إلى أسس و مبادئ الدين الإسلامي الحنيف. هذه الهوة بين الجانب النظري في الدين و حضوره العملي كممارسة وسلوك خلق حساسية شديدة في الغرب تجاه المسلمين نظرا لأن الصورة النمطية التي غرسها الفكر المتطرف عن الإسلام في عقول الغرب هي العنف و التكفير و القتل. و من حق الأوربيين أن يضعوا القيود على مثل هذه التصرفات و يحاربوها بكل الوسائل المتاحة. أما أن يفرض المسلمون في الغرب توجهاتهم و يضربون القوانين عرض الحائط فذلك أمر غير مقبول. لذلك يأتي منع النقاب في هذا السياق تحديدا. فقد فهمت عدد من الدول الأوربية وأدركت حجم الخطر الذي قد يترتب عن السماح بتنامي ظاهرة النقاب. و الهاجس الأمني يشكل جانبا أساسيا في الموضوع. ونحن نعرف جميعا كيف تستغل التنظيمات الإرهابية المرأة في عدد من عملياتها الدموية. و عندما يكون هذا الهاجس حاضرا يصبح منظر امرأة منقبة مثيرا للشك و الخوف في الأماكن العامة.
     إن الغرب إذن لا يحاصر المسلمين و لا يمنع الإسلام، وإلا لماذا لم نسمع عن هذه القوانين قبل اليوم؟. إن المسلمين إذا و جدوا في التشريعات الجديدة ما يمثل تهديدا لحريتهم الإعتقادية، لابد أن يعيدوا النظر في كثير من أنماط التفكير و السلوك التي يقدمونها للعالم اليوم. و لا يمكن أن يسمح أي بلد في العالم بوجود" كانتوهات " منعزلة على أراضيه. و حينما ينجح المسلمون في الإندماج الحقيقي مع الذين استقبلوهم و وفروا لهم سبل العيش الكريم، يمكن أن ندعو الغرب إلى المصالحة مع علمانيته.

                         محمد مغوتي. 14/07/2010.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !