مواضيع اليوم

هل الحب خير ام شر؟

فريد دولتي

2010-09-01 04:11:24

0

البشر هو من قام بوضع الحواجز ، المسميات ، الفواصل ، والحدود ...الاحكاام والقوانين , ايضا الدول ، أستانس البشر كما يستأنس الحيوان ، ومقابل الغداء والماوى ارغم على عادات وتقاليد فرقت بين السواسية ، فمهمة البشر كانت ولازالت هي تعقيد كل ما هو بسيط ، والابتعاد عن سهولة الحياة ومفاهيمها الي صعوبة مدرجات المدنية والحضارة.فوجد الصراع نتيجة الاختلاف والتباين ، فكان الدمار ناتج طبيعي لهذا الصراع، ليسود مفهوم " الشر

في احد المرات ، وخلال نقاش عائلي ، يخص زواج ابنة عمي من شخص له جنسية مختلفة عن جنسيتها ، بالاضافة الي تباين شاسع في الثقافة والوضع الاجتماعي ، حسب مفهوم الحضارة البشرية ...قال عمي بأنه لا يفهم كيف يتم هذا التقارب بين النقيضين ،وهذا الموضوع سيكون الفشل نتيجته.

تذكرت هذا الحدث وانا اقراء مقال " ريتشار كوهين " في الواشنطن بوست " ، والتي عمقت عندي سؤال كبير ، طالما كان شاغل ثرثرة الناس ، واحيانا تصبح هذه الثرثرة مجال للدراسة والبحث والتحميص .

كلنا يتسال ما يجمع اثنان ، يكون هناك بينهم تناقض كبير ، اخلاقيا ، ماديا ، اجتماعيا ، جماليا ...وحتى عنصريا ، مالذي يجعل الانسان يقع في حب انسان اخر عكس قناعاته ، تجعل المساوئ ميزات ، ضاربا بعرض الحائط كل المفاهيم والقيم ... بشرط غياب الانتهازية.

الكاتب اشار الي كتاب" دانيال ماير كاتكن" " Stranger from abroad " الذي يروي فيه حكاية لا تخلو من الجاذبية ، تتناول قضية لم تكن غريبة بحد ذاتها ، غرابة المودة والديمومة ، انها حكاية" هايدغر و ارندت ، اللذان أستأنفا كلاهما حبهما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية .

حتى المفكر يمكن له ببساطة , وبسذاجة ، اذا صدق هذا الوصف ان يستسلم الي الاغراء, ففي العام 1924 ،قام استاذ باغواء تلميذته. " اذا صحت هذه العبارة " ، كان يبلغ من العمر " 35 " ومتزوج ، أما هي فقد كانت في الـ " 18 " ،ولم يسبق لها الزواج... هو كان فيلسوف ذو شان ، نزل الي الدنيا قبل الاوان ، ليخبى له القدر شأن عظيم. انضم للنازية …هذا اليهودي الذي يدعى " مارتن هايدغر " ، اما هي فقد كانت تدعى " هانا ارندت " ... المغزى اذا اراد احد ان يفهم العالم وجميع أسراره ، فلابد له ان يفهم هولاء الاثنان سواء كان زوجان ، او فردان ، ولكن ربما ادى بك الفهم الي هروب النوم عنك.

هذه القضية من السهولة بما فيه الكفاية حتى تفهم ،.فالمراة كانت شابة وجذابة ، نعتت فظائع النازية بالشر، بينما هو كان رجل له قوة ، وصاحب انجاز فكري كبير ، واحد المشاهير في حفلات الرقص ،ولكن ما يصبح من الصعوبة بمكان لفهمه ، الا وهو كيفية ايجاد عذر او سبب لها ، لتواصل علاقتها به رغم التناقض ، هذا الذي تعرض لكل انواع التحقير على شاشة التلفزيون بعد نهاية الحرب ، نتيجة ايجابية " هايدغر " في دوره داخل الحزب النازي ، بالاضافة الي سيل المديح الذي لا ينتهي لشخصية " هتلر " ، على سبيل المثال عندما قال " ان الفوهرر وحده هو الحاضر والمستقبل وهو واقع الألمانية وقانونها "، ناهيك عن التطهير العرقي لزملائه اليهود القريبين منه في جامعة فرايبورغ ، عندما كان يشغل منصب عميد جامعة فرايبورغ في أبريل العام 1933.

ببساطة كانت زوجة ، ولكن للحقيقة هي لم تعرف الا حبها الاول ، امام المصالح اظطرت لوضع قناع ، ولكن عاطفتها نحو " هايدغر " لم تشهد الا زيادة في التألق مع مرور الايام ، فقد كانت جوهرته المشعة دوما ، هذا الفيلسوف الذي تبنى النازية وعمل لها بدون مناقشة. ولم تكن له النازية ابدا مجرد نتاج انتهازية -- كما كان مثلا ، فيرنر فون براون ، صاحب صواريخ هتلر. " هايدغر " اشار في العديد من المرات " على انه لا يفترض به ان يكون نازيا ، ولكنه يريد ان يكون نازيا ".
الغريب ان التناقض جمع الاثنان ، هي التي نعت النازية بأنها محور الشر ، وهو عكس ذلك ، هل ان السبب غير معروف ، او ان كلاهما اوجد العذر للاخر ، اما ان العاطفة لا تقتنع بالافكار والمبادئ.

" ارندت " قالت طبيعة الشر التي نعت بها " هايدغر " ليست عمياء حسب رأي ، وهي تصنف نفسها على انها تافهة امام حبها له ، فالولاء والمحبة منذ الماضي ، تجعل منها تفقد القدرة على الاعتراف بهذا الامر ، وان العقل يمكن فصله عن الاخلاق ، ويمكن فصل الاخلاق عن العاطفة ، متى كان الامر حقيقيا ، بعيد عن الانتهازية والمصالح ،فالتناقض هو الجامع وليس العكس ، صحيح انها كتبت " ان مشكلة الشر ستكون المسألة الأساسية في الحياة الفكرية في أوروبا ما بعد الحرب", ولكن عندما يتعلق الامر بحبيبها فهو بعيد عن كل الشر ، فالقيمة تصبح فعالة متى كانت هناك قناعة، ، فهو نازي بقناعة ، وهي ضد النازية بقناعة ، وهما حبيبان ايضا بقناعة ، فحبيبها ليس شر ...انه ببساطة الحب.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !