هل الثورة المصرية انتهت.؟ .... أم بــدأت.؟
بعد حبس الأربعة الكبار عزمي وسرور وشريف ونظيف ، الذين جاء حبسهم عقب يوم السبت الدامي كنوع من التهدئة والتغطية على الأحداث الدامية التي حدثت فجر السبت التاسع من أبريل الماضي ، وبعد كلمة مبارك البائسة التي أذاعتها القناة السعودية اضطر النائب العام لاتخاذ إجراءات عاجلة للتحقيق مع كل من علاء وجمال نجلي الرئيس المخلوع وحبسهما ، وقرر حبس مبارك بعد التحقيق معه هو الآخر ، بعد كل هذه الأحداث التاريخية العظيمة التي لم يكن يحلم بها أي مواطن مصري ، بأن يتم حبس نظام كامل برئيسه في شهور قليلة ، بثورة شبابـية وإرادة شعبية وضغط شعبي ثوري متواصل ، بعد كل هذا ظن بعض المصريين أن الثورة قد انتهت ونجحت وحققت جميع أهدافها ومطالبها ، والدنيا ربيع وخصوصا أن عيد الربيع قد اقترب ، وقد يفكر البعض في مليونية الاحتفال بالنصر للمرة الثانية.
أقول لكم ، ـ لكنها بطريقتي ـ لا ـ بطريقة مبارك المخلوع ـ إن الثورة بعد حبس رؤوس النظام وحبس مبارك ونجليه قد بدأت ، الثورة المصرية الحقيقية قد بدأت الآن بعد الضغط والثبات حتى تنفيذ أهم وأصعب مطلب من مطالب الثورة وهو حبس مبارك ونجليه ورؤس نظامه الكبار ومحاكمتهم بالقانون ، فهذه من وجهة نظري بداية الثورة الحقيقية وبداية سيادة القانون ودولة القانون ، واستكمالا لنجاحات الثورة وتحقيقا لباقي مطالبها ، لابد من المطالبة بعدة أشياء:
أولا: يتم القبض على كل الفاسدين وخصوصا القيادات الكبيرة ، والتحقيق معهم ، فيما هو منسوب إليهم من فساد مالي وبيع لأراضي الدولة ، والأخطر من هذا تسترهم على جريمة تهريب أموال آل مبارك أثناء الثورة ، والمخزي أن أحدهم ينوى جديا الترشح لرئاسة الدولة المصرية العظيمة ، أليس هذا عارا وخزيا ، يجب الانتهاء منه بالقبض عليه فورا ، كذلك لماذا لم يتم القبض على الوزير صاحب صفقة الغاز مع اسرائيل.؟ ، وغيرهم من الفاسدين ، أمور كثيرة لابد من المطالبة بها حتى تتحقق كما تحققت المطالب السابقة ، حتى نجهض الثورة المضادة قبل أن تجهد وتجهض ثورتنا العظيمة.
ثانيا: منع المحبوسين داخل السجون من الاتصال بأي مخلوق بشري خارج السجون ، وذلك بالتفتيش عليهم جيدا ، بنفس الأسلوب وكما كان يفعل رجال حبيب العادلي مع جميع المعتلقين السياسيين يوميا في عمليات التفتيش المفاجيء التي عِـشتها بنفسي في معتقلات مبارك رغم اعتقالي في حبس انفرادي في طره ، كما يجب تفريق هذه الزمرة الفاسدة في عدة سجون ، لأنهم من الممكن أن يديروا ثورة مضادة من داخل السجن ، خصوصا أنهم يعيشون في فندق طره أو بورتو طره المجهز بكل شيء.
ثالثا:حبس مبارك في مستشفى عسكري في القاهرة إذا كانت حالته الصحية الآن لا تسمح دخوله ليمان طره مع أولاده ليحمل رقم (نزيل 25) ويا لعبة القدر في هذا الرقم ، علاء وجمال أخذا رقم 23 ، 24 ، فلو ذهب إليهما مبارك سيحصل على رقم 25 وهو يوم ميلاد الثورة.
رابعا: محاكمة مبارك على جريمة إفساد الحياة السياسية في مصر هو وباقي أركان نظامه وكل من شارك في هذا العمل الإجرامي محاكمة عادلة مثل غيرها من الجرائم ، ومن غير المنطقي أن يقول بعض القضاه والمسؤولين ورجال القانون عن هذا (أنه ليس هناك حكم أو محاكمة بدون نص أو ليست هناك عقوبة بدون نص) يقصدون أن القانون المصري لم يحدد عقوبة لجريمة إفساد الحياة السياسية ، وهم جميعا كانوا يعيشون مع مبارك ويعلمون أن هناك مئات أو آلاف في المعتقلات بدون محاكمات ، فأين هو النص القانوني الذي استند واعتمد عليه مبارك في حبس آلاف من المصريين سنوات طويلة بدون محاكمات ، فهذا ظلم للمصريين وخيانة للثورة وكيل بمكيالين.
خامسا : التعجيل في محاكمة كل المجرمين بدءا من حبيب العادلي وعز وهم أول من قـُبِضَ عليهم وانتهاء بأخر النزلاء في سجن طره ، لأن التباطؤ في المحاكمات يثير مشاعر الشك والتآمر على الثورة وعلى المصريين ، وأعتقد أن الشعب المصري أصبح في حالة من الصعب خداعه أو الضحك عليه ، ولن يستطيع أي مخلوق مهما كان حجمه أو منصبه أو رتبته أن يتحكم في إرادة الشعب المصري بعد أن أصَـرّ على موقفه حتى حبس رئيسه السابق.
سادسا: المحاكمات تتم أولا في القضايا حسب أهميتها وحجمها ، بمعنى أنه يجب محاكمة جميع المتورطين في قضية قتل المتظاهرين أولا ، وأعتقد أن هذه أهم قضية الآن ، وبعد ذلك تتم المحاكمات في قضايا الفساد المالي والتربح من الوظيفة وخيانة الوطن والمساهمة في إفساد الحياة السياسية وإهدار المال العام وبيع مقدرات الدولة ، لأن قضية قتل المتظاهرين ستوفر كثيرا على القضاء لأنه من خلالها سيتم الحكم على عدد كبير من أركان النظام وعلى رأسهم مبارك ، لأنهم جميعا شركاء فيها ، ومن المحزن أن يركز القضاء على محاكمة نظيف والعادلي وغالي في قضية اللوحات المعدنية بينما دماء الشهداء لم تجف.
سابعا: على وزارة الداخلية بكل رجالها الشرفاء النزول للشارع مرة أخرى وممارسة عملها الطبيبعي حسب القانون وأكرر حسب القانون ، وحسب المتغيرات التي حدثت في مصر بعد ثورة 25 يناير ، حتى ينالوا الاحترام من المصريين ، وعلى كل رجل من رجال الشرطة مسؤلية خاصة بأن يثبت بنفسه أنه يحترم هذا الشعب ويحسن معاملته ، فهذه هي الطريقة الوحيدة لعودة العلاقة بين الشعب والشرطة لتكون علاقة طبيعية لا غبار عليها ، لأنه لا مبرر لغياب الأمن وغياب معظم رجال الشرطة طوال هذه المدة بحجة أن الناس يسيئون معاملتهم ، وهنا لابد أن نشير للثورة المضادة التي لا تزال تعمل بلا هوادة لتدمير وتخريب مصر في كل شيء ، ولا نشك في أن الثورة المضادة ومن يشرف عليها من المجرمين هم من فكروا في إحداث الوقيعة بين الشعب والجيش في أعقاب جمعة التطهير ، والحمد لله استفادت الثورة من هذا العمل الإجرامي وكانت النتيجة الإسراع في محاكمة وحبس أهم أركان النظام ورئيسه ونجليه.
ــ وعلى نفس النهج تعمل الثورة المضادة في قطع كل طريق يؤدي للإنسجام بين الشعب والشرطة ، ولا أعتقد على الإطلاق أن هناك مواطن مصري حقيقي شارك في الثورة لا زال يكره رجال الشرطة رغم كل ما فعلوه ، فالمصريون من أرقى وأطيب شعوب العالم ومن السهل جدا عندهم التسامح و نسيان الظلم بقليل من الرحمة والعدل وحسن المعاملة ، حتى لو بالكلام ، وهذا ما يلعب عليه أباطرة الثورة المضادة ، فمنذ لحظات أذاعت قناة الجزيرة تسجيلا لبعض المصريين المأجورين يحملون صورا لمبارك المخلوع يطالبون بتكريمه ، ويرفضون ما حدث له ولأولاده ، وأطمنأنهم وأطمأن كل من دفع لهم أنه سيتم تكريم مبارك بوضعه في سجن ليمان طره بجوار نجليه ، وأتمنى ألّا يتأخر هذا القرار حتى لا نعطي فرصة للثورة المضادة لتخريب البلاد وإفساد عقول البعض أكثر من ذلك ، بنشر وترويج الإشاعات ، وتوجيه بعض الناس عن طريق مواقع ومنتديات الإنترنت للقيام بالتظاهرات الفئوية ، والتشكيك في الشخصيات الهامة في مصر مثل النائب العام ، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ، وغيرهم ، فكل هذا يثير حالة من عدم الاستقرار في الشارع ويؤثر سلبيا على عمل حكومة الدكتور عصام شرف.
ثامنا: لماذا لا يتم توزيع ضباط أمن الدولة على وظائف أخرى في أماكن أخرى بوزارة الداخلية ، لا علاقة لها بالسلطة وأمن الدولة.؟ ، فجهاز الأمن الوطني الذي تم تغيير اسمه فقط ليعمل بنفس قيادات وضباط أمن الدولة السابقين تعتبر مسرحية هزلية ومهزلة كبيرة ، وإعطاء فرصة للمجرمين السابقين أن يفتحوا صفحات جديدة من الإجرام في أماكن ووظائف جديدة ، تماما مثل عودة الحزب الوطني الجديد ، وأين هؤلاء الضباط من المحاكمات.؟. هل هم خط أحمر أو هم أكبر من مبارك.؟.
تاسعا: لماذا لم يتم حل الحزب الوطني كما أُشيع من قبل.؟ ، ولمصلحة من يتم إعادة ظهوره بهذه الطريقة عن طريق مؤتمر صحفي للإعلان عن فكر جديد للحزب ، أعتقد أن الحزب الوطني القديم في عهد مبارك كان له فكر جديد أيضا ، كما أعتقد أيضا أنه تم خداع طلعت السادات حين عـُينَ رئيسا لهذا الحزب ، وأعتقد أنه سيتم استغلاله ضد الثورة لإرجاع الحزب الوطني بكل قياداته الفاسدة ـ بدءا من الصف الثاني والثالث ـ للحياة السياسية والاستمرار في إفساد كل شيء في مصر عن طريق الأغلبية التي تحدث عنها طلعت السادات في مجلس الشعب ، وعن طريق القاعدة الشعبية العريضة التي أسسها هذا الحزب الفاسد.
ــ أرجو من المجلس العسكري أن يصدر قرارا بحل الحزب الوطني ، ومنع جميع قياداته وأعضائه من العمل السياسي لمدة خمس سنوات على الأقل ، وذلك لسببين:
السبب الأول: أن هذه القيادات شاركت النظام السابق في إفساد الحياة السياسية على مدى ثلاثة عقود ، كما ساهمت في تزوير الحقائق وخداع المصريين لصالح مبارك ، وشاركت في سرقة حقوق وأموال المصريين أيضا في صورة مصالح ومحسوبيات ووظائف ، ولا ننكر تورط معظمهم في المشاركة في الثورة المضادة منذ بداية الثورة.
السبب الثاني: وهو الأهم خلال الخمس سنوات سيكون الشعب المصري في حالة وعي سياسي كاملة بكل فئاته وطبقاته ولا توجد فئة يمكن استغلالها عن طريق هذه القيادات الفاسدة ، وخلال هذه المدة أيضا سيراجع كل واحد من هذه القيادات نفسه مرات ومرات ، وسيحاكم كثيرون منهم مع الوقت لأنهم جميعا شاركوا بطريقة أو بأخرى في أعمال فساد.
ــ مع العلم أن قيادات ورجالات الحزب الوطني التي يجب منعها من المشاركة السياسية تنتشر في جميع أنحاء الجمهورية بدءا من الوزراء وأعضاء مجلس الشعب ، وانتهاءا بالمحافظين ومديري الأمن ورؤساء مجالس المدن ورؤساء المجالس المحلية ، كل هؤلاء شاركوا في الفساد ، ولذلك يجب إبعادهم الآن إذا كنا نريد بناء هذا الوطن ، ولا نتركهم يعيدوا بناء الحزب الذي كان سببا في تخريب وإفساد كل شيء في مصر على مدى ثلاثة عقود مضت.
ــ وإذا كنت أطالب باستبعادهم خمس سنوات فقط فأنا لا أظلمهم ، لأن الشعب المصري تركهم ثلاثة عقود يحتكرون الحياة السياسية في مصر بحماية رئيس الحزب الفاسد مبارك ، فمن حق الشعب المصري الآن أن يمارس الحياة السياسية بعيدا عن هؤلاء الفاسدين.
إذا كنا نفكر في بناء هذا الوطن فلابد أن نقف على أرضية ثابته نظيفة خالية من الفساد والفاسدين.
أخيرا::
أتمنى أن أكون مخطئا فيما أقوله هذا
أخاف من خطة جديدة بعد القبض على هؤلاء الفاسدين جميعا ووضعهم في مأمن في سجن من أحسن سجون مصر مجهز بأحدث سبل العيش ، وذلك لحمايتهم من عبث بلطجية الثورة المضادة الذين يمكن أن يشعلوا البلاد شرقا وغربا ، ويحولوا مصر إلى جحيم ، هذا طبعا لو تركت لهم الساحة كما هي وترك بقايا النظام أحرارا ، والتباطؤ في محاكمة من هم داخل السجون ، وعدم أخذ موقف واضح من ضباط أمن الدولة الذين يديرون هذه الثورة حتى الآن ، ولم يحاكم ضابط منهم حتى الآن على جرائم التعذيب.
التعليقات (0)