باتت ملامح التوصل الى اتفاق النووي أو عدمه تظهر شيئاً فشيئاً عبر تصريحات صادرة عن المسؤولين الإيرانيين .فرغم أنّ مثل هذه التصريحات لا تعبّر عن اختراق في المحادثات النووية إلا أنّها قد تعكس مدى تمنيات طهران في التخلص من هذا الملف الحساس لكن دون أن تقدم على تنازل أو قرار حاسم من شأنه أن ينهي الخلافات الحالية. فمجرد الإعلان عن الإستعداد للتوقيع ورمي الكرة في ملعب الطرف الآخر لا يعني أنّ القادة الإيرانيين جادين في اغتنام الفرصة المتبقية للتوصل الى اتفاق نهائي.
إنّ تصريحات الإيرانيين الأخيرة لا توضح الغموض في المحادثات الجارية إلا أنها تستحق التأمّل و الوقوف على مغزاها. فقد أعرب محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيرانية في حديث صحفي له عن اعتقاده بأنّ الذكرى السادسة والثلاثين للثورة التي تصادف الثاني من فبراير/شباط عام 2015 ربما ستشهد احتفالاً للتوقيع على الإتفاق النووي لو أقدم الطرف المقابل على قرار جرئ. وأكد ظريف استعداد بلاده لهذه اللحظة دون أن يشير الى أي خطة تفصيلة من شأن حكومته أن تقدم عليها لإنهاء الخلافات الحالية بين بلاده والدول الست العظمى.
تعاني طهران من تلكّؤ في السياسة الخارجية بعد إسقاطاتها في سوريا والعراق حيث باءت تأكيدها بالفشل مراراً وتكراراً حول عدم تدخلها العسكري في العراق وسوريا لكن سقوط قتلى بين قادة في الحرس في تلك الدول أسقط القناع عن زيف تلك الإدعاءات. و الآن بعد أن أصبح النفط كعب إخيل الإيرانيين حيث أفقدهم مصدراً لتمويل حزب الله و جماعات موالية في سوريا والعراق واليمن يبدو أنّ التنازل عن النووي و تناول كأس السم هو الخيار المتاح أمام علي خامنئي وهي الخطوة الأكثر جرأة ليقتدي بالزعيم الراحل خوميني عندما تناول كأس السم في قبوله إنهاء الحرب مع العراق.بناءاً على هذه المعطيات فإنّ انتكاسات السياسة الإيرانية قد تجعل هذا البلد مستعداً للإتفاق النووي لو أدرك القادة الإيرانيون خطورة المرحلة الحالية
التعليقات (0)