تطور الأحداث السياسية في العراق أصبح مشهد مألوف جداً ففي كل يوم تطور جديد وحدث جديد, فمن دوامة التظاهرات والإعتصامات في الساحات والشوارع مباشرة وبإنتقالة سريعة إلى اعتصامات داخل قبة البرلمان, وبعد ذلك اعتصامات أمام الوزارات, والجميع لاحظ عمليات الشد والجذب والصراع في ما بين الطبقة السياسية حتى ألقى هذا الصراع بظلاله على الشارع العراقي الذي لم يهدأ مطلقاً بسبب هذه الخلافات, إلى أن وصل الأمر إلى مسألة إستجواب وزير الدفاع العراقي " خالد العبيدي " وكأن الأمر معد ومهيأ مسبقاً, أي إن إستجواب العبيدي لم يكن بدافع إصلاحي أو بدافع وطني من قبل النواب المستجوبين له, بل هو وفق توجيه خارجي بحت, وهذا واضح جداً من خلال طريقة تعاطي العبيدي نفسه مع رئيس البرلمان ومع بعض النواب ممن اتهمهم بالفساد.
فخطة الإستجواب كانت من أجل إجبار العبيدي على الإستقالة أو إقالته, حتى يكون منصب وزير الدفاع شاغراً ويكون هذا المنصب عرضة للمساومات الحزبية والبرلمانية, كما حصل مع منصب وزير الداخلية وبهذا تكون هناك ورقة ضغط جديدة على رئيس الوزراء حيدر العبادي, من أجل ضرب ورقة الإصلاح " الشكلية " التي تريدها أميركا وتعارضها إيران, بحيث يكون العبادي مجبراً على تعيين وزير دفاع جديد وفق ما يسمى الإستحقاق الإنتخابي وليس وفق مبدأ التكنوقراط الذي ترفضه الكتل والأحزاب وبالتحديد التحالف الشيعي, لكن الذي حصل إن العبيدي قلب الطاولة على الجميع بإثارته لملفات الفساد التي لديه ضد رئيس البرلمان سليم الجبوري وبعض أعضاء البرلمان وهذا الأمر يصب في صالح إيران ومن سار في ركبها, لأن إيران الآن تعمل على إيجاد أي ثغرة من أجل الإطاحة بالرئاسات الثلاث لغرض تمهيد الطريق للمالكي من أجل ولاية ثالثة, وهذا يجعلنا نرجح بأن تكون قضية الإستجواب كلها عبارة عن فبركة ومسرحية يراد منها النيل من شخص الجبوري ومنصبه وهي كخطوة أولى نحو إقالة الرئاسات الثلاث, نعم هناك بعض النواب الموالين لإيران ضربت أسمائهم من خلال العبيدي لكن لكل وفق سياسة المكر والخديعة يمكن التضحية بالمقربين من أجل الوصول للهدف المنشود, فلا بأس بالتضحية بشيء من سمعة حنان الفتلاوي وعالية نصيف إن كان يأتي بثمرة كبيرة تصب في مصلحة إيران في ما إذا سقط سليم الجبوري.
بمعنى إن استجواب العبيدي كان لغايتين الأولى هي لغرض إقالته وجعل منصبه ورقة ضغط على العبادي, والثاني فضح الجبوري بهكذا شكل وهكذا سيناريو يساهم في إقالته من منصبه. لكن هنا يكون السؤال أين الموقف الأميركي من كل هذه الأحداث وبالتحديد من هذه الحادثة خصوصاً وإن أميركا إلى ما قبل إستجواب العبيدي هي داعمة للجبوري ؟ وجواب ذلك نجده في كلام المرجع العراقي الصرخي في استفتاء " أميركا والسعودية وإيران....صراع في العراق " والذي قال فيه ...
{{...4ـ إنْ حصلَ إتفاق بين دول مَحاور الصراع على حلٍّ أو شخصٍ معيّن، فإنّه يرجع إلى التنافس والصراع المسموح به فيما بينهم والذي يكون ضمن الحلبة والمساحة التي حدّدتها أميركا، فالخيارات محدودة عندهم، وبعد محاولة أحد الأقطاب تحقيق مكسب معين، وتمكّن القطب الآخر من إفشال ذلك، فإنهم سيضطرّون إلى حلٍّ وسطي ومنه الرجوع إلى ما كان !!...}}.
أي إن أميركا سمحت بهذه القضية من أجل إرغام المتصارعين على البقاء في دائرة ضيقة تكون تحت ضوء المراقبة الأميركية وبشكل يسهل لها السيطرة على كل مجريات الأحداث, وتبقى ممسكة بجميع خيوط اللعبة, والجميع يبقى تحت سيطرتها حتى وإن كانوا يدينون بالولاء لغير دولة سواء كانت السعودية أو إيران أو أي دولة مجاورة أو إقليمية أخرى.
بقلم :: احمد الملا
التعليقات (0)