شاخ الربيع، و تقلبت بدوله الأحوال، و إن نجحت تونس في المرور من أزمتها السياسية بشق الأنفس و بشكل مرحلي، فإن دولا كمصر و اليمن و ليبيا مازلت تصارع الذات من أجل المرور إلى بر الأمان، مع فارق بين الثلاث، فعسكرمصر أو عزيز مصر أعاد بوصلتها إلى ماقبل الخامس و عشرين من يناير 2011 كما عزيز شنقيط. مصر التي استغرق سياسيوها من معارضين و ثورجيين و قوى وطنية أشهرا في تعريف و تسمية ما جرى في الثالث من يوليوز 2013، ثورة أم إنقلاب ؟
انقلاب عسكري ضد الشرعية و انتكاسة بكل المعاني، هكذا قال أنصار مرسي، عارضتهم القوى الوطنية و الشبابية الثورية الخارجة على المنتخب، معارضة لم تستمر و تغيرت مع تعامل السلطة الجديدة مع الأحداث و تراجعها عن مقررات خارطة الطريق، لتتفق الأطراف الثورية على أن انقلابا عسكريا تم، مع بقاء أحزاب متمللة و هي على وظيفتها مذ أيام مبارك، تعارض تحت عباءة السلطة، الجديد هو أن تيارا أعادته ثورة 30 يونيو ليمحق أحداث 25 يناير و يوزع الذكرى للمصريين أن رجلا اسمه مبارك كانت أيامه أحسن بحال من ثلاث سنوات عجاف عامرة بالاضطراب و غياب الأمن و ضنك المعيشة، المتصدرون الآن عادوا للنيل من شباب حقق ثورة غنى لها الإعلام كمثال أبهر العالم، عاد العسكر، و لعلهم لم يرحلوا، بقدر ما انتظروا الفرصة السانحة، و انتقمت كل الأنظمة الاستبدادية الشائخة المترهلة من غضبة شباب أرادوا الحرية، السيسي مرشح الزعماء العرب في مصر.
بين الثورة و الانتفاضة و الانقلاب تععدت أسماء الخامس و العشرين و الثلاثين حسب أهواء المسمين، و لما لا نسميها نكبة الخامس و العشرين لتضاهي انقلاب الثالث من يوليوز.
نكبة 17 فبراير، هكذا عرفت قناة ليبية تابعة لأنصار القذافي يوم اشتعال ثورة ليبيا، و وسط الإحتفالات بمرور السنة الثالثة على اندلاع الثورة التي تحولت بعد ذلك إلى حرب بتدخل أجنبي، وسط الإحتفالات تظل الدولة الوليدة الهشة رهينة المنطق القبلي و المناطقي في معالجة الوضع السياسي و الاقتصادي ، في غياب مؤسسات أمنية و عسكرية قوية تبقى الحركات المسلحة أو مايسمى بالمجالس العسكرية القوة المؤثرة في القرار الليبي. مناخ سلبي يلقي بظلاله على الشارع الليبي المتوتر و المتوجس من شبح حرب أهلية قد تنشب في أي لحظة بين ميلشيات عسكرية تتموقع داخل المدن.
ماذكرني بليبيا هو مصطلح النكبة، جرأة هذه القناة و قنوات ليبية أخرى تابعة للنظام الليبي السابق تظهر معاداتها لثورة 17 فبراير أكثر من جرأة إعلام مصري خاص ينافق فيسمي مبارك بالرئيس السابق و يثني على ثورة 25 يناير و يسمي مرسي الرئيس المعزول و جماعته بالجماعة الإرهابية و 6 أبريل بالطابور الخامس المتعامل مع قوى أجنبية و اليوم يهاجم حمدين و تياره و يتهمه بالميل إلى الإخوان...و يثنى على انقلاب 3 يوليوز بكونه استجابة لثورة 30 يونيو، المعزول مرسي كان ضيفا على قنوات بعينها، أحزاب مالكة لقنوات بعينها تحالفت مع الجماعة الإرهابية، 6 أبريل و ناشطوها و حمدين و موالين للبرادعي كانوا ضيوف الإستمرار لقنوات بعينها قبل الثلاثين و بعده إلى حين افتضاح الأمر و خروج 6 أبريل معترفة بالخديعة و توجه الإعلام إلى مبايعة السيسي رئيسا و تتويجه من الآن، نفاق يتعدى الحدود.
الجوقة الإعلامية هدفها فوز السيسي، السيسي بانتخاباته سيفوز، فوزه بالنسبة لهم نصر، بالنسبة للمصريين قد لا يكون نهاية لأزمتهم و إن اغتر البعض ممن أضعفته و هزمته مشاكله الاقتصادية و الاجتماعية من غلاء معيشة و اضطراب أمن بأن شخصية العسكري قادرة على حل أزماته.
مع الإقصاء و الاستبداد و الفساد سيظل الحراك الشعبي قائما و إن خف نسبيا إلا أنه لن يزول و مسبباته قائمة، وقوده المعارضون بألوانهم إضافة إلى الناقمين الساخطين المتذمرين، إن لم يستطع السيسي حل مشاكلهم و لن يسطع فهؤلاء سيجدون طريقهم إلى إذكاء فعاليات الإحتجاج و الخروج على العسكر مرة أخرى.
بينما تخطو دول عربية و إن بخطى محتشمة نحو مسارها الديمقراطي السليم، يعيد السيسي مصر أدراجها، بل و يغوص بها إلى زمن ثورات الضباط الأحرار المجيدة، فهل أنهى الرجل ربيع مصر؟
التعليقات (0)