هل أعتذر لأصحاب نظرية المؤامرة ؟

كثيرا  ما هاجمت أصحاب نظرية المؤامرة  معتبرا أنهم  أدمنوا هذا النوع من التفكير  الذى يشبه الوسواس القهرى , وأنهم يحملون الغرب  عامة وأمريكا خاصة مسؤولية تردى أوضاعنا وسوء أحوالنا  وذلك خوفا من مواجهة الحقيقة  وهروبا  من واقع مرير يقول : إن مصائبنا ومشاكلنا هى من صنع أيدينا ومن نبت أفكارنا  وأن الغرب بريىء من صنع  معوقاتنا  وبعيد عن  وضع الشراك على طريقنا   .   كان هذا موقفى وتلك عقيدتى  إلى أن تداعت الأحداث فى مصر بعد ثورة الشعب فى 30 يونية ووقوف الجيش معه وإسقاط حكم الإخوان  وما تبع ذلك من تهديد الغرب  للقيادة المصرية بالتدخل السافر أولا ثم بقطع المعونات ثانيا   وآخر  تبعات ذلك ما أعلن اليوم  من أن امريكا فى سبيل قطع المعونة العسكرية لمصر  .    كل ذلك جعل عقلى يدور  وفكرى يضطرب  وأخذت أضع قناعاتى تحت المجهر مرة أخرى  لتتضح أمامى الصورة  حتى أستطيع منطقة الحكم على مسار الأحداث , ومن ثم أخذت لا أستبعد نظرية المؤامرة  لأننى أعجز فهم  هذه الأمور التى أوجزها  كالتالى : أولا لماذا اعتبرت دول الغرب أن الجيش قد انقلب على نظام الإخوان  ولم تعتبر أنه انقلب على نظام مبارك   على الرغم من  أن مبارك جاء إلى الحكم بانتخابات أكثر نزاهة من التى أتى  بها مرسى حيث لم تُستخدم الرشاوى الدينية أو العينية  كما أنها جاءت ومصر أكثر استقرارا وتماسكا  -ثانيا-     ما حدث من رد فعل الغرب بعد فض اعتصام رابعة العدوية يثير الريبة والعجب  ذلك لأننا لم نسمع صوتا لهذا الغرب ضد المجلس العسكرى  الذى دهست مجنزراته اكثر من عشرين شابا مسيحيا أما م ماسبيرو مع أنهم كانو لا يحملون سوى صلبا نهم حيث نعيش ذكرى هذه المأساة تلك الأيام   بينما أرغى الغرب وأزبد حينما قام الجيش بفض اعتصامات الإسلاميين  الذين كدسوا الأسلحة فى ميدانى رابعة والنهضة وجعلوهما منطلقا لقطع المرور وترويع المواطنين ! ثالثا   إن أمريكا حينما تقرر  وقف المساعدات العسكرية لمصر فى هذه الظروف  إنما تعطى دعما  معنويا ولوجستيا  لقوى الإرهاب التى تمارس القتل فى سيناء  وتمارس الترويع والعنف فى  المدن المصرية  وأظنها بذلك تمهد لتقويض  نظام حكم يضع دستورا وطنيا  تحرريا لمصر بديلا عن دستور طائفى  يمهد لزرع الفتنة بين أبناء الوطن ويبرر  أى دعاوى انفصالية  ينادى بها من يرفضون أن يطبق عليهم حد قطع اليد  أو الرجم  أو من يعترض نساءهم فى الطريق لأنهن غير محجبات .  رابعا  هناك سؤال  يحيرنى وهو  : هل الغرب  وأمريكا  الذين هم رعاة ودعاة حقوق الإنسان  لا يعلمون منهج التيار الإسلامى الذى يهدر دم الإنسان ويستبح حياته  إن جاهر بانتقاده للفكر الدينى  حتى دون أن يمسك سلاحا أو  يستخدم عنفا ؟!  ثم ألم تدرك دول الغرب  ماكان يفعله حكم الإخوان من محاولة  نسف التراث الحضارى لمصر  الذى هو تراث لكل البشر ؟ ألم يقرءوا مغزى تعيين وزير ثقافة  كان عضوا فى جماعة إرهابية  وعقيدته  تجزم بتحريم التماثيل  التى تعتبر شواهد خالدة للحضارة المصرية   ؟ ألم يقرءوا مغزى إبعاد هذا الوزير لكل  رموز الثقافة المصرية عن مراكزهم  وفى مقدمتهم مديرة الأوبرا  ويضع مكانهم  بعض أعداء الثقافة والفن ؟  هل هذه هى الحضارة التى يريدها الغرب أن تحل  فى مصر مكان حضارتها الخالدة ؟    وهل   مساندة تظيم يهدر حرية العقيد ة  وحق الإنسان فى اختيار  دينه  أو التعبير عن فكره  هل هذا مما يدعم حقوق الإنسان   .  ؟ !    إن  مساندة الغرب لتنظيم إرهابى بدعوى الشرعية لمجرد  أنه وصل إلى الحكم   فى ظروف استثنائية مضطربة  واستخدم  رشاوى الدين ومواد الغذا لشعب مرهق بالفقر والأمية وانطلقت ميليشياته  يوم الانتخاب لتحول بين بعض المسيحيين وبين الذهاب لصناديق الانتخابات   , مساندة هذا النظام    تجعلنى أصدق  أصحا ب نظرية المؤامرة   وتجعلنى  أعتذر عن تهجمى عليهم   والنيل من قوة  فكرهم     وعمق رؤيتهم  ,  نعم هناك مؤامرة  لتقسيم المنطقة  ولكنها مؤامرة قصيرة النظر محدودة مدى الرؤية   لان الغرب الذى يتبناها  ويساعد على تحقيقها سيكون أول ضحاياها !