العلاقات الدولية مفهوم يهتم أساسًا بدراسة التفاعلات التي تتم بين الفاعلين الدوليين. هذا هو مفهوم العلاقات الدولية أحد أهم فروع العلوم السياسية، ولو عدنا إلى عنوان المقال وكون حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هي حركة تحرر وطني، وليست دولة؛ فإن الإجابة ستكون بأن حماس ليست فاعلًا دوليًّا، هذا الكلام منطقيًّا حتى وقت قريب، ولكن الاتجاه الحديث في دراسة العلاقات الدولية لم يعد ينظر إلى الدول على أنها الفاعل الوحيد في النظام الدولي، بل يوجد إلى جانبها فاعلون آخرون مثل المنظمات الدولية أو الإقليمية، أو فاعلون غير حكوميين مثل المنظمات الدولية غير الحكومية والشركات المتعددة الجنسيات، وحركات التحرر الوطني، وحركة حماس واحدة من تلك الحركات، وفي ضوء ما سبق فإن شرط السيادة لم يعد الشرط المطلوب توافره في الفاعل الدولي.
ومن هنا تستطيع القول: "إن حركة حماس شهدت في السنوات الأخيرة تحولات كبيرة قادتها لأن تكون فاعلًا دوليًّا مؤثرًا في منطقة الشرق الأوسط"، وهذا ما تحدث به العديد من المسئولين الدوليين بقولهم: "إن عملية السلام دون حماس لا يمكن لها أن تمضي إلى الأمام"، ويرى آخرون أن استقرار وهدوء إقليم الشرق الأوسط تؤثر به حركة حماس من خلال قوتها العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وشعبيتها الجارفة في المنطقة العربية والإسلامية، وامتدادها الإخواني، وخطابها الإعلامي القوي، وعلاقاتها الدولية المتنامية.
ربما خدمت تلك التحولات حركة حماس وقادتها السياسيين، فمن خلال احتكاك قادة الحركة بالمحيط الخارجي بدؤوا يستكشفون مواطن القوة والضعف في مشروعنا الوطني، ويكتسبون خبرة وحنكة سياسية تؤهلهم لأن يكون لهم دور بارز في قيادة الشعب الفلسطيني وإنجاز مشروعه التحرري، فقيادة شعب أصعب وأشمل من قيادة حزب، ولكن هذه المهام الثقيلة، والتحولات الكبيرة على كادر حركة حماس ومؤسساتها السياسية تحتاج إلى إعادة النظر في البناء المؤسسي للحركة الإسلامية، فعندما يكبر دور الحركة الإسلامية يجب أن تكبر معها مؤسساتها السياسية والإعلامية والثقافية والاقتصادية.
واليوم بات ملحًا على حركة حماس العمل الجاد على تطوير كوادرها وقواعدها التنظيمية، وتأهيلها للتعامل مع المتغيرات الجديدة في المنطقة، وصولًا إلى بناء مؤسسات تستطيع أن تتكيف مع المحيط الإقليمي والدولي، بما يضمن مصالح الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه يحافظ على مصالح الآخرين.
التعليقات (0)