فرمان بونجق :
نحن نكون ، حيث يكون صلاح بدرالدين ، وهو ليس رئيس حزب ، أو سيد قبيلة ، أو قوة نووية عظمى ، ولكن : لأن الشمس التي تشرق صبيحة كل يوم ، تشرق علينـا معاً ، وعندما تغيب ، تغيب عنّـا معاً .
عاتبني صديق ، عما كنت جادّاً في اقترابي من بعضهم ، فبررتُ : أنا مع من يدفع بالقضية الكوردية إلى الأمام ، ولو بمقدار مليمتر واحد ، ومن يحاول دفعها إلى الخلف ، سندفعه إلى الوراء . ليس لأننا هيركوليس ، ولكن : لأننا نؤمن بأن كل من يمتلك ناصية الحق ، يمتلك قوة هيركوليس .
ومع أننا لا نحبذ مفردة كردي ( بكسر الكاف ) ، ونحبذها بضم الكاف ، أو بإضافة واو بعد كافها ، إلاّ أن بعضهم لا يزال مستمراً في جهله ، سواء كان الجهل حُمقاً ، أو غضباً . إذ لا يُعقل أن تسمي نفسك مُحمد مثلاً ، فيناديك أحدهم يا عبدالرزاق . وأنا أرجّح السبب الأول ، وإلا فكيف يمكن لأحدهم أن يجرَّ الخبرَ ، على أنه مضاف إليه ؟. ويرفع المضاف إليه في الجملة الإسمية ، ظناً منه أنه الخبر ، مع أن الخبر محذوف . وإذا اضطرّته الحاجة إلى تمييز العدد ، فإنه يتوه في متاهاته كما تاه بنو إسرائيل في سيناء أربعين عاماً . هذا جهلٌ عن حمق ، أو حمقٌ عن جهل ، أو كليهما معاً .
في قضية حذاء الزيدي ، إتهَمَـنا أحدهم ( وأقصد الكتـّاب الكورد ) إتهمَـنا بأننا كالذين يبصقون على ذواتهم ، أو أنفسهم ، ولم نشأ أن نردّ عليه ، ليس لأنه ميشيل عفلق أو حافظ الأسد أو صدام حسين ، أو حتى ثلاثتهم مجتمعين ، ولم نكن يوماً نخشى الثالوث أو الرابوع ، بل لأننا نجتمع ـ مع ذاكَ الذي اتهمنا ـ على مليمتر واحد من الود والمحبة ، وهذه المليمتر في حسابنا الكوردي ، كافٍ كي يغطي عين الشمس .
من المعيب جداً ، بل من العار ، عندما ترمي السلام على أحدهم ، فيوشوش في أذن صاحبه : هذا من نَوَر الجزيرة . ألم يكونوا يوشوشون فيما مضى : هذا آغا من الجزيرة . صحيح أننا تجاورنا مع النَوَر والغجر والقرباط والقرج والبولات والجنكل ، وكانوا يعتبرون كل واحد منّـا آغا ، ولكننا أبداً أبداً لم نكن ننظر إليهم بعينيّ الآغا .
ربما أستطيع تفسير هذا المكنون البشري الواطئ عند البعض ، فعندما يأكل أحدهم من صحن الآغا ، يعتقد أنه قد أصبح آغا . وهذا محض افتراء . لأن التحقق من المعادلة البسيطة سهل جداً ، إذ أن : س + ص لا تساوي س ع أو س ق . ولكنها تساوي س ص . وهذا ليس افتراء .
كل الشرفاء الذين لا يحبذون الافتراء ، لا يحبذون ظلمة الليل ، وفي هذا الزمن تحديداً ، لأنهم موقنون أن مظفر كان محقّـاً حين قال : وليس للأصبع الوسطى في الليل أمان .
إذ من غير المنصف ، أن يسمي بعضهم جبل الكورد ، بـ جبل حلب ، ولا يسمّون جبل العرب مثلاً ، بجبل السويداء ، مع أن جبل العرب يقع في قلب محافظة السويداء ، بينما جبل الكورد يقع على أطراف محافظة حلب . وفي الليالي ، وعندما أضع رأسي على الوسادة قبل النوم أتساءل : كم يملك أهل حلب في جبل الكورد ، مقارنة بما يملكه الكورد في جبلهم ؟!.
وعندما أهتدي إلى الإجابة ، أبتسم وأنام وأنا مطمئن ...
تجاور العربي والكردي مدةً تنوف عن ألف وأربعمائة عام ، وعندما أنهى العربي تثـاؤبه ذات ليلة ، قال وهو يتمطى : لا إله إلا الله .... فرد عليه الكردي : محمدٌ رسول الله . إلتفت إليه العربي وقد علت محياه الدهشة ، وتساءل : هل أنت مسلم ؟!.
والآن ... هل أدركتم ما أرمي إليه ؟.
التعليقات (0)