هل أحرق الربيع العربي مراكب الدعاة الجدد ..!
لم تعد الحفلات الصاخبه، ولا المباريات الحماسيه او الفديو كليب، من بين الوسائل الاكثر توافقا، مع انفعالات شريحه عظمى من جماهير اليوم .. فثمة وسيلة اخرى، كانت تمخر عباب البحر وتقدم تيار اسلامياً عصرياً، هدفها اصلاح الفرد بالدرجة الاولى، وليس مجرد الخروج من الوضع الحالي المتأزم، كما هو الحال بالنسبة للثورات العربيه. مع ذلك سجل البعض من رموز تلك الفئة، حضورا باهتا في ميدان التحرير، ولكنه لا يشبه حضور الجزيره وصاحب الشريعة والحياة وإمامته للناس في الميدان .. بيد ان مراكب اولئك الدعاة الجدد التي احرقت من سبقوها، صارت اليوم تواجه الخطر نفسه، من قبل الثوار الجدد في ميادين عواصم الربيع العربي، مع ذلك لا زالوا ينسبون لانفسهم الفضل، في صناعة خميرة التغيير، التي كما يقولون، لا تختلف في نتائجها المأموله، عن ما آل اليه الوضع في بلدان الربيع العربي، وإن اختلف الزمان وسار بوتيره اسرع عى حد قولهم. إن ما يُعرف بالدعاة الجدد او العصريين، كانوا يمضون قدما بجد وحذر، في الفضاء التلفزيوني الدعوي، تاركين الفضاءات الاخرى تلهث خلفهم، بين فريق ساكن متراجع، يتجنب اي حافز او منبه، يزعزع تماسك ما يطرحه من مقاييس موضوعيه ثابته، يقول انها ملزمه للجميع. واخر يطبل ويزمر، ويتراقص كالافعى، على انغام وناسه وروتانا وام بي سي. مما حدى بالبعض من تلك القنوات التمسح بهم ، ليس حبا واعجابا، بل رغبة في كسب المزيد من الاعلانات، بينما قنوات اخرى ضلت واجمه متردده، يسيل لعابها وهي تكفكف دموعها الحزينه. ولك ان تتخيل بان قناة مثل إقرأ قد حققت 80% من دخل اعلاناتها،عن طريق داعيه واحد من هؤلاء ..! وفي اقاصي الارخبيل الاندنوسي،هنالك داعية اخر، بلغ اجره في الساعه مائة الف دولار امريكي . تلك الوجوه الجديده، لا تحتاج الى شعر ابيض، ولا الى عمامه اوجلباب، حتى اللحيه الكثه والخط الاسود تحت الانف ..! لم يعد لهما موقع من الاعراب. من اندونوسيا مروررا بالخليج، عبر مصر وتونس حتى اوروبا وامريكا .. عبدالله جيمناستيار الداعيه الاندونيسي، وعمرو خالد ومعز مسعود المصريان، هؤلاء الثلاثه كانوا فيما مضى نجوم القمه .. فلقد تمكنوا من ابتكار وسائل عصريه، لها تأثير قوي على مخاطبة الشباب، وعلى المراهقين من المحببي الوجوه، يبشرونهم بموائمة العصر مع الدين، عن طريق الايمان والامل، وصناعة الحياه بالثوره على النفس اولا، بدلا من ما يردده اصحاب الفتاوى النمطيه،بان الدنيا هي دار فتنه وفناء، وبالدعاء على الكفار في كل جمعه، او مجرد المطالبه بتطبيق الشريعه الاسلاميه، كما يفعل الاخوان المسلمون. لقد سحبوا بساط البركه، من تحت مشائخ الصحراء ذوي الاصوات المبحوحه، المتخذين من القنوات الحكوميه ملاذا امنا لهم. كذلك خطفوا الاضواء من مشائخ اصلاحيون، كالعوده بسجله الحافل بالمتغيرات، والعريفي بوسامته واخفاقاته المتعدده، والسويدان الذي اكتفى بمخاطبة النخبه، كذلك القرني المشغول باصداراته المتعدده. بينما برامج هؤلاء الدعاة الجدد، مختلفه تماما،فهي بسيطه عصريه وسهلة التطبيق،ولكنها تفاعليه تنمي المهارات، وفوق كل هذا لديهم احجاما عن اسباب الدفع الى التمرد ضد الحكومات. فطبقا لكلام عبدالله جينماستيار : انه يستطيع في اي لحظه تحريك مائة الف متظاهر امام السفاره الامريكيه مع ذلك لا يفعل .. ! ذلك ليس القاسم المشتركه الوحيد الذي يجمعهم .. بل إنه لا يوجد من بين هؤلاء من تخرج من كليه او معهدا دينيا، الامر الذي اثار حفيظة اصحاب النوايا الطيبه، واخرين بدافع الغيره، متهمينهم بمسائل تتعلق بالتصوف المخل، والاشتباه في العقيده، والخروج عن النص، وباستخدام الدين لتحقيق مكاسب اجتماعيه واقتصاديه خاصة، وكأن من يتهمهم لا يجدون قوت يومهم، ولا يحصدون الملايين من الوظائف والبرامج والكتب ..! مع ذلك لم يتردد شيخ الازهر في استدعاء عمرو خالد لطلب المشوره عن افضل الطرق لنشر الدعوه بين الشباب ..! فقبل عدة اعوام التقى به احد اصدقائي في البهو في فندق كارلتون في لندن، وكان يرتدي هنداما انيقا وربطة عنق، وكان يتمتع بنفس اريحيته المعهوده على الشاشه .. وعندما سأله عن الدعوه قال: انا لست مجرد داعيه .. انا صاحب مشروع نهضه عالمي ..! يستهدف المسلمين، ولا يمنع الصدقه والخير عمن سواهم . إجيال من الدعاة تتعاقب .. ينسف كل منهم الاخر، ولكن هذه المره .. هل خطى الثورة على الظلم قد سبقت برامج اصلاح النفس . .
التعليقات (4)
1 - مقال جميل
عبد اللطيف الملحم - 2013-08-18 23:54:27
شكرا لصالح الموسى هذا المقال الجميل و بكل أمانه فإن دعاة ما يسمى بالصحوة قد إتضحت معالم خططهم فقد طغت الأمور المادية على نهجهم
2 - تونس
محمد سعيدانة - 2013-08-20 10:03:26
مقال فيه الكثير من الواقعية . فقد ظهرت بصفة جلية نوايا هؤلاء المخربين الذسن يلهثون وراء المادة بأي طريقة...منافقون يقولون ما لا يفعلون. الربيع العربي كم كرهت هذه الكلمة ..كله كذب الكل يبخث عن السلطة والكراسي...
3 - تونس
صالح الموسى - 2013-08-20 21:54:42
اشكر لك حضورك ومساهمتك القيمة والواقعية ايضا .. تحياتي القلبية ..
4 - أخي الغالي عبداللطيف الملحم
صالح الموسى - 2013-08-20 21:58:25
اسعدني حضورك .. الدين والمال نقيضان ولكنهما متجاوران في معظم الاحيان .. الف شكر لمرورك العطر