خاص
اليوم العالمي للديمقراطية
هل "الديمقراطية المغربية" لازالت في طور التقعيد؟
اليوم العالمي للديمقراطية
يوم 15 سبتمبر هو اليوم العالمي للديمقراطية، دعت الدول الأعضاء ومنظومة الأمم اﻟﻤتحدة وسائر اﻟﻤنظمات الإقليمية والحكومية الدولية وغير الحكومية إلى الاحتفال به منذ 8 نوفمبر 2007 ، واعتباره فرصة لاستعراض حالة الديمقراطية في العالم ، أذ لا يمكن ﻟﻤثال الديمقراطية أن يتحوّل إلى حقيقة واقعة يحظى بها الجميع في كل مكان إلاّ من خلال اﻟﻤشاركة واﻟﻤساندة الكاملتين من قبل المجتمع الدولي والهيئات الوطنية الحاكمة واﻟﻤجتمع اﻟﻤدني والأفراد أيضاً.
الديمقراطية بصيغتها المغربية
لقد سبق أن تمّ اعتبار حكومة التناوب تتويجا للمسلسل الديمقراطي بالمغرب القائم على سياسة الخطوة خطوة والبناء المتأني التدريجي. وجاء المفهوم الجديد للسلطة في عهد الملك محمد السادس ممذ توليه العرش عام 1999 لترسيخ هذا المساس، من حيث نزع فيه القداسة عن ممارسيها وأخضعهم للنقد والمحاسبة إن اقتضى الأمر، كما أعطى جلالته الضوء الأخضر لرئيس الحكومة ووزير العدل بأن يراجعا أي أمر أو قرار صادر عن الديوان الملكي لا ينسجم وروح الدستور الجديد كما وردت بذلك التصريحات.
لكن أي ديمقراطية لا تتحقق بالشعارات ولا بالقرارات الفوقية، وإنما بدمقرطة أجهزة السلطة والإدارة وبترسيخ ثقافة ديمقراطية عند رجال السلطة، مع ترسيخ الوعي وإشاعته في مختلف جوانب الحياة الفردية والجماعية لتشكيل مجتمع مدني قادر على ممارسة الديمقراطية وتحصينها.
أن النموذج المغربي بيّن أن التغيير ممكن عبر الإصلاح التدريجي، وأن الانتفاضات والثورات الشعبية الجذرية ليست الطريق الوحيد للتحول نحو الديمقراطية، لكن وجب استمرار المنهج الإصلاحي على مختلف المستويات، من الدستور والسياسة إلى المجتمع والاقتصاد، وفتح أبواب المؤسسات أمام الشباب الذي مازال بعضه غاضباً حتى لا يبقى الشارع ملجأه. إنه نموذج التحول الديمقراطي بدون ثورات. علما أن إشكالية الديمقراطية في المغرب هي إشكالية اجتماعية، أكثر منها إشكالية سياسية. وتحقيق الديمقراطية في المغرب، لن يتم إلا إذا شعر جميع المواطنين دون استثناء، أن هذا الوطن هو وطن الجميع، ، وليس وطن فئة معينة من الناس، وأن الدولة ، هي دولة الجميع، وليست دولة فئة معينة من الناس، وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه المجتمع المدني الحديث، ويقضي هذا الأساس، إقامة نوع من الاتفاق أو العقد الاجتماعي ، وهذا ما كرّسه الدستور الجديد.
و مفهوم الديمقراطية التشاركية (الديمقراطية "المستمرة" أو "المباشرة" ) يشير إلى نموذج سياسي "بديل" الديمقراطية التمثيلية، يستهدف تعزيز دور المواطنين وفي اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي، وتمديد حدود حق المواطنين في التصويت و الترشح وعضوية المجالس المنتخبة، ليشمل الحق في الاستشارة، والتتبع و التقييم (حقوق دائمة ومستمرة ومباشرة، تمارس بشكل يومي). إن تطبيق الديمقراطية التشاركية يتطلب مجموعة من التدابير والآليات الهادفة إلى إقرار الديمقراطية في بعدها التشاركي.
وإذا كانت الديمقراطية القائمة على المشاركة ستكون التحدي الأكبر الذي سيواجهه المغرب خلال السنوات المقبلة٬ إلاّ أنه يسير خطوة خطوة في الاتجاه الصحيح.
لكن من المفارقات الغريبة، أن من خصائص الديمقراطية المغربية التي هي في طور التقعيد، أنها استعصت على الأحزاب السياسية المغربية، إذ أنها لم تقو على تكريس قواعدها داخلها وفي صفوفها وهيئاتها ومنظماتها، سيما في اختيار قياداتها، ولعل حالة حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نموذجين غنيا عن أي تعليق.
العدالة الاجتماعية
الكثير من المواطنين المغاربة العاديين يقيمون مدى تقدم الانتقال الديمقراطي بالبلاد بتلمس علامات العدالة الاجتماعية على أرض الواقع باعتبار أنها إشكالية الأغلبية الساحقة للمغاربة.
علما أن العدالة الاجتماعية هي منظومة ذات أبعاد إنسانية وكونية، كما أنها في الآن نفسه نهج حياة على مستوى التصور والممارسة، وهي بالنسبة للمغرب قضية وطنية منذ أن تلاعب المتلاعبون بأفق انتظارات المغاربة خلال مفاوضات "إيكس ليبان"، بفعل صفقات سرية وتوافقات تتاجرت بتلك الانتظارات. ولذلك كانت العدالة الاجتماعية في العمق حركة اجتماعية، لكنها أضحت حاليا، حركة كل المواطنين من أجل انتزاع حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية.
ورغم كثرة اللغو والخطابات الرنانة، ما زال وضع بلادنا يتطلب تأكيد المساواة في الحقوق والواجبات الدستورية على أرض الواقع، وكذلك الأمر بالنسبة لأغلب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أنه لا يمكن تصور معاينة انطلاق صيرورة حقيقية لعدالة اجتماعية فعلية دون إطلاق التنمية على جميع الأصعدة، والإقرار بآليات تسمح بتوزيع نتائج هذه التنمية على نطاق أوسع عوض الاقتصار على دوائر معلومة "تأكل كالمنشار، طالعة وهابطة"، في السراء والضراء على حد سواء.
غير أنه لا يمكن الحديث عن أي نوع من أنواع العدالة الاجتماعية دون تحسين الخدمات الاجتماعية عوض تسليعها عبر خوصصتها وإهمال ما توجب أن يظل مجانيا. ففي ببلادنا أضحى كل ما هو مجاني ـ أي على عاتق الدولة ـ رديئا يكرس الحيف والظلم الاجتماعيين وليس العدالة الاجتماعية كما يحاول القيمون على أمورنا الترويج لذلك بهتانا. ولو حصل وكانت هناك خدمة مجانية جيدة، يظل المستفيدون وحدهم من لا يستحقونها، اعتبارا إما لثرائهم أو موقعهم الاجتماعي.
فلا عدالة اجتماعية دون تحسين الخدمات المجانية، كما ونوعا، وتقديمها لمن هم في حاجة إليها وليس إلى من هم في غنى عنها، بأيسر الطرق وأسهلها، باعتبار أن هذه الخدمات جزء لا يتجزأ من حياة المواطن ومعيشته وكرامته أيضا.
إن المغرب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، في حاجة إلى مسؤولين، كبارا كانوا أو صغارا، مركزيين أو محليين، يعتبرون أن العدالة الاجتماعية قيمة إنسانية تستحق بذل الجهود، لأن لا مواطنة بدون كرامة. فالمغربي الذي تداس كرامته للحصول على راتب أو دخل أو ما يضمن عيشه لا يمكن أن يكون مواطنا ـ بالمعنى الصحيح لهذا المفهوم ـ طال الزمن أو قصر. وتزداد الإشكالية حدة، ما دام لا ديمقراطية من دون ديمقراطيين، ولا يمكن أن يصيروا كذلك إذا لم يكونوا هم أنفسهم مواطنين حقا.
لم يخالف الدكتور المهدي المنجرة الصواب حين أعلن، منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، في دراسته المستقبلية عن "مغرب 2020"، حيث أكد منذ ما يناهز 15 سنة، أن على المغرب أن يولي أهمية أكثر لمفهوم العدالة، سيما فيما يخص توزيع الثروات المادية وغير المادية دون اعتبار التموقع الطبقي والانتماء الاجتماعي والقرب للسلطة .
قالوا عن "الديمقراطية المغربية"
الملك الراحل الحسن الثاني
أكد الملك الراحل الحسن الثاني في العديد من خطبه واستجواباته على أن الديمقراطية المتوخاة بالمغرب هي تلك الديمقراطية المتوطنة والممارسة بمقادير مدروسة تتكيف مع الواقع المعاش، وليس تلك الديمقراطية التي تزرع عنوة وبشكل عنيف في مناخ يفتقد الجذور الملائمة.
صامويل كابلان
أكد صامويل كابلان، سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب، بخصوص "الديمقراطية المغربية"، أنّه من الصعب جدّا توقع مآل الأمور بالمغرب بالرغم التغييرات التي شهدها، لأن "التغيير العميق" يستلزم وقتا وبلوغ الديمقراطية ليس بالأمر السهل أو الهين.
ستيوارت هوليداي - صحيفة "دو هيل" الأمريكية
نجح المغرب في الانخراط في إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية هامة. تمثل نموذجا يحتدى بالنسبة للبلدان الأخرى بالمنطقة. التي تبحث عن القيام بإصلاحات ديمقراطية مع الحفاظ على الاستقرار المؤسساتي الضروري لتحقيق نجاحها.
كاتبة الدولة الأمريكية هيلاري كلينتون
إن المغرب يمثل نموذجا على مستوى الإصلاحات الديمقراطية في مجال المشاركة السياسية للشباب.
طارق يحيى رئيس المجلس البلدي للنّاظور
"تمنّيت لو أن المغرب تقدّم أكثر في الديمقراطية ليغدو دولة للحق والقانون.. للأسف، لم يكن التقدّم كبيرا.. المشاكل التي طرحتها من موقعي كبرلماني هي ذات المشاكل التي شرعت في طرحها منذ 20 سنة، فتواجد الديمقراطية واحترام القوانين لا زالت إشكالات مغربيّة، بل هناك مجالات تناسلت بها المشاكل لتفوق حجم نظيراتها قبل 15 سنة خلت".
التعليقات (0)