مر الأرض واحد وهلاله لا يتجزأ في أي بلد من البلدان باستثناء العراق .. لدينا هلالان من النادر ان يظهرا في ليلة واحدة، وفي بعض السنوات ولد الهلال ثلاث مرات في ثلاث ليال لإعلان عيد الفطر المبارك.. فصام من صام وأفطر من أفطر على شكل مجموعات تعيش سوية وتشترك في منطقة واحدة ما ولّد حرجاً كبيراً بالنسبة للمهنئين بالعيد.
المشكلة بدت واضحة جداً بعد عام 2003 ويبدو انها مستعصية على الحل حتى يرث الفقه جيلاً جديداً يعطي القضية على بساطتها الأهمية التي تستحقها في ظل التطور الذي أصاب وغيّر العالم.
لا أقصد ما يذهب إليه ذهن القارئ الكريم وهو التلسكوب والمناظير المقرّبة، لكنني قصدت ان فتوى الصيام والافطار واثبات الأشهر القمرية لم تعد في حاجة الى الانتظار حتى ساعات متأخرة من الليل أو حتى حلول صلاة الظهر كما كان في صدر الإسلام الى ما قبل ظهور وسائل الاتصال الحديثة.
هناك اليوم أجهزة هاتف في كل مكان وفي جيب كل شخص وهناك ايضا أجهزة التلفزيون والراديو والانترنت التي حلّت مكان الجمل والحصان.
كذلك هناك نظارات طبية يمكن للثقاة المكلفين باثبات الرؤية الشرعية من عدمها والذين هم من كبار السن بغالبيتهم قطعاً ولا مناص من إخذ كلمتهم بعد ان اختبرهم هذا المرجع أو ذاك لعقود طوال حتى نالوا الثقة.. وإلا بماذا نفسّر ان يراه فريق ثم يراه فريق آخر ثم آخر.. هل يعقل ان يتواطأ اناس ليفطروا قبل حلول العيد أو ان يتواطأ آخرون ليصوموا في يوم العيد ؟!.
قد يكون الجميع مصيباً ولكن ليس الى ما لا نهاية، فالله تعالى يمهل ولا يهمل وان تعمّد ترك الاختراعات التي تنفع الناس بعد ان ثبتت دقتها هو مضيعة للوقت وتأخير للعبادة بما يغضب الله تعالى بالنتيجة.
أقترح حلاً بسيطاً جداً ينفعنا كعراقيين ويوحّد صفوفنا مع الابقاء على خصوصياتنا عند حدودها المحترمة.
الاقتراح يتلخّص ببناء أبراج من الطابوق أو الحديد أو أية مادة أخرى وبارتفاع معقول ونشرها في مواقع محددة ضمن كل محافظة.
هذه الأبراج "الشرعية" أو "أبراج اثبات الرؤية الشرعية" تتسع قبتها الى عدد محدد من الأشخاص كأن يكونوا 20 أو 15 أو 10، وهؤلاء يتم اختيارهم بعناية وضمن شروط أهمها الأمانة وحدّة البصر، كذلك يجب ان يكونوا من الفريقين "سنة وشيعة" يعملون على تزويد اللجنة المركزية بالمعلومة في وقت واحد لجميع الأبراج وحسب تسلسل بزوغ القمر في كل محافظة.
اللجنة المركزية تتألف من علماء أعلام من الفريقين تكون كلمتهم هي الفيصل وعندها لن يكون هناك خلاف في الصيام أو الافطار أو أية مناسبة هجرية أخرى.
ربما تشاء الصدف ان يتّحد عيد العراقيين هذا العام بعد ان اتحد صيامهم بالصدفة ايضا.. ولكننا لن نبقى أسرى الصدف لتفعل ما تشاء، فلدينا الحل اذا كانت هناك جدية أو اهتمام.
مقالات للكاتب كريم ابو طوق
التعليقات (0)