كما تابع الجميع تم أخيرا اللقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد مع النائب اللبناني و ليد جنبلاط في دمشق، لقاء تم، كما بات معروفا، بوساطة شخصية من أمين عام حزب لله اللبناني السيد حسن نصر الله بعد تفويض مباشر له من الطرفين.
أنا أعتقد جازمة أنه لو كان في مكان الرئيس السوري رئيس عربي آخر ما كان لمثل هذا اللقاء أن يتم ، فكما ما هو معلوم فإن السيد جنبلاط ناصب النظام السوري العداء و ذهب بعيدا في هذا الإتجاه، و كلنا لازلنا نذكر الكلمات التي توجه بها السيد جنبلاط الي الأسد.. الأسد كشخص و الأسد كرئيس دولة ، و دعوته الصريحة لواشنطن لتفعل في سوريا ما فعلت في العراق و ذلك بالإطاحة بالنظام بالقوة.
الجميع يعلم أن ما يسمى ب"العمل العربي المشترك" و فعالية الجامعة العربية معطلين بالأساس بسبب الخلافات الشخصية بين الزعماء العرب، فمثلا ماهي المشاكل الخلافية الحاصلة بين ليبيا و السعودية حتى لا يمثل الملك السعودي بلده في اعمال القمة العربية الاخيرة و التي عقدت في سرت الليبية؟؟، كل الحكاية هي في ذلك "التجاوز" في الحديث الذي قام به العقيد القذافي على شخص الملك السعودي في قمة عربية سابقة، لتخلق في نهاية الامر أزمة بين البلدين و على ما يبدو بين الشعبين، و الا فإن العلاقات السعودية الليبية كانت علاقات يمكن أن يقال عنها مثالية و كان العقيد يستقبل استقبال الأبطال في الرياض.
و هكذا تقريبا أغلب المشاكل العربية، فأساسها خلافات شخصية بين السياسيين، و كما هي عادة العمل السياسي العربي لا يقع التفريق بين الدولة و الزعيم فبالمنطق العربي هي هو.. و هو هي، و بسبب كلام في أحيان كثيرة يكون تافه تقطع العلاقات و في اقلها تفتر و تتعطل بالتالي اية نية للعمل الجماعي العربي، و الملاحظ في السنوات الأخيرة أن القمم العربية تعقد فقط لكي تتم المصالحة بين أكثر من زعيم عربي، اما قضايا الأمة فالنظر فيها بجدية مؤجل حتى اشعار آخر .
فيبرز اذا تصرف الرئيس الاسد على أنه تصرف حكيم و هنا يتحقق المراد فعلا من تلك الكلمات التي يرددها الزعماء العرب و لا يعنونها في الغالب و هي البحث عن المصالح العليا للبلد.
ففي هذا الموقف من الأسد هو فعلا بحث عن المصلحة العليا لبلده و حتى في مسالة الإعتذار نعلم أن السيد وليد جنبلاط لم يعتذر صراحة و لكن كما قال الأسد كان مضمون كلامه كذلك فلم يقف الأخير كثيرا عند الكلمات و اتجه الى المضمون و اعتبر أن مضمون كلام جنبلاط هو ندم على ما فات و اعتراف بالخطأ.
لذلك أعتقد أن الرئيس السوري من أذكى الرؤساء العرب ان لم أقل أذكاهم على الإطلاق، و لا أدري ان كان هذا سيعتبر مديحا له أم هجاء، و لكنه يعرف تماما متى يفوت الفرصة على المتربصين به، وأعتقد ان هذه الخطوة مع جنبلاط و مثلها خطوة سحب القوات السورية من لبنان ابان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري تدل ايضا على أنه يملك مستشارين من أعلى طراز يعرفون ماهي الخطوة التي يجب أن تأخذ و متى.
بالتأكيد بالنسبة لي الأسد في معالجاته الداخلية ربما لا يفرق كثيرا عن اخوته العرب الآخرين، و لكن على مستوى السياسة الخارجية أعتقد أنه يعرف تماما من أين تاكل الكتف.
التعليقات (0)