نحنُ وهُم : ملاحظات عابرة
هكذا تتحول المرأة عندنا إلى دمية
بقلم : حنان بكير
صور نمطية عديدة ، دخلت مكوناتنا الحياتية والثقافية، وقد اعتدنا عليها باعتبارها مسلمات لا غنى عنها، و تحولت إلى جزء مما درجنا عليه...والسلام...
البداية مع مذيعات ومذيعي التلفزيونات والفضائيات. منذ بداية وعيي للتلفزيون، وقد كان أبي سبّاقا في شرائه، اعتدنا صورة المذيعات في نمط واحد موحد... شابات في مقتبل العمر، تزيّن بطريقة معينة، حتى لتبدو المذيعة أحيانا كشجرة عيد الميلاد. هذا لا يهم فهو أمر شخصي أو هي شروط العمل. وينطبق هذا الأمر على مضيفات الطيران. فأن تعمل الفتاة مضيفة طيران فهذه شهادة اعتراف بجمالها وإتقانها للغات أخرى غير اللغة الأم.
لم يتغير الأمر حتى اليوم في زمن الانفتاح الفضائي. حيث لم نشهد مذيعة عربية، بدأت مشوارها مع الشاشة واستمرت فيه ردحا من الزمن طويلا .. فلم تسقط ورقتها قبل بداية موسم خريفها!! وعلى النقيض نجد المذيعين وقد تجاوزوا خريف عمرهم وما زالوا نجوم الشاشات الفضائية والأرضية!!
شخصيا لم أنتبه للأمر إلا حين كُتِبَ لي العيش في الغرب. ورأيت في أكثر من بلد غربي، مذيعات بلغن سنّ النضج التام، وربما خلون من أي مسحة جمال لافت، لكنهن بالطبع على قدر من الكفاءة والخبرة. وكذلك هو حال مضيفات شركات الطيران الغربية. فالعمر والجمال المنتقى بعناية وبالواسطة ليسا شرطا للعمل.
فهذه ليست عنصرية وتمييزا ضد المرأة، وإنما هو تكريس لدورها كدمية عليها ان تسعى جاهدة او هكذا يراد منها، لإمتاع حاسة النظر للمشاهدين والمسافرين. فلم يسقط الجمال والعمر من شروط عمل الرجل في هذه الميادين؟
كذلك فإننا اعتدنا في إعلامنا دوما، ذكر الدرجة العلمية للأكاديمي والإشارة بحرف الدال إلى جانبه نقطة "د." . ومع كثرة "الدالات"، ما زلنا نعاني من التخلف الشيء الكثير، كما نعاني من القصور في الإسهام الحضاري وبناء ثقافة إنسانية . لم ألاحظ تلك الظاهرة، إلا في ثقافتنا، هذا على حد علمي، فهل يحتاج المثقف إلى برهان مسبق على تميزه؟ في النرويج لم تلفت نظري تلك الظاهرة، ففكرت في نفسي: ياه .. أما شعب نرويجي متخلف، ليس لديه أي حامل لحرف "الدال" وبجانبه حرف "الراء" وأخيرا النقطة" لتتماشى مع لغته.
في وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة، يحتار المذيع أو الصحفي في انتقاء الألقاب وكلمات التشريف لضيفه. بعض الألقاب قد ترتبط بالمراكز الوظيفية.. فخامة ، سيادة، سعادة وقد يلقى الضيف أكثر من لقب في وقت واحد، سعادة اللواء الركن القائد العظيم... وفي حالة التواضع الشديد، تكون المخاطبة بـ "حضرتك".. وكأن مخاطبة الإنسان باسمه عيب عليه.. فكرت أيضا ، بعدم تهذيب النرويجيين، ومخاطبتهم الوزير والنائب ورئيس الحزب بأسمائهم فقط!
ففي حديقة القصر الملكي في أوسلو، يتنزه الناس، ويلعب الأطفال، وفي الأيام المشمسة يتمددون على العشب للتشمس أو احتساء البيرة الباردة. وأمام البرلمان النرويجي تنتشر المقاعد والمقاهي للاستراحة. ولا يمر يوم إلا ويتجمع المعارضون والمحتجون أو المؤيدون لأمر ما وترفرف الأعلام المختلفة الألوان والأشكال.. وما أكثر الإثنيات والجنسيات والديانات في هذا البلد، وما أكثر المشاكل في بلدانهم.. وما أكثر مناسبات تجمعهم أمام البرلمان!!
يخرج النائب من البرلمان يقود سيارته بنفسه، فلا سائق ولا سيارات مرافقة أو حماية، وبدون أجهزة كاشفة ورادارات تسبقه.. وأخرى تتبعه..
أمّا في بلادنا.. فمن يجرؤ على الاقتراب من تلك الأمكنة ؟ فسكانها جاؤوا من عوالم أخرى، لا يحق لنا مشاهدتهم أو الاقتراب منهم، فهم مشغولون في صنع مستقبلنا، ويعملون نيابة عنا، ويسهرون على مصالحنا، لهذا فنحن ننام ملء جفوننا ولا ندري إلى أي هاويةٍ نسير أو نُسيّر..
التعليقات (0)