فضاء الكلمة
هكذا تتجدد الآمال
بقلم خليل إبراهيم الفزيع |
|
مع تجدد انعقاد القمم الخليجية تتجدد الآمال في تخطي كل العقبات التي تحول دون تحقيق المزيد من الإنجازات الهادفة لتحقيق وحدة خليجية شاملة تبدو مستحيلة في ظل الواقع الإقليمي والعالمي المضطرب، والمتخم بالقضايا السياسية والاقتصادية الحادة، إضافة إلى عدم وضوح الرؤية في المواقف الخليجية تجاه هذه القضايا التي تلقي بظلالها على واقع دول المنطقة، رغم كل ما يقال عن وحدة الثقافة الخليجية القائمة على وحدة المصدر وإن تفرعت توجهاتها تبعا لانتماءاتها الإقليمية وظروف المجتمعات التي تستقي منها مقوماتها وتتوجه إليها أهدافها. قد تكون وحدة الثقافة الخليجية في نظر الكثيرين من أهم عوامل نجاح أي مشروع وحدوي بين دول المنطقة، وهذا صحيح إلى حد كبير، لكن الواقع يضع في الحسبان أن العامل الاقتصادي هو القاعدة التي يمكن أن تقام عليها أي وحدة إقليمية بين مجموعة من الدول، حتى وإن اختلفت ثقافات شعوبها، فالمقياس الاقتصادي هو المرجح من وجهة نظر واقعية بصرف النظر عن كل ما يقال عن العوامل الثقافية المشتركة بين أي مجموعة من الدول ومنها دول الخليج العربية، وهذا هو منطق العصر شئنا أو أبينا. مع ذلك كله تظل العوامل الثقافية المشتركة أرضية خصبة لقيام أي تعاون بين مجموعة من الدول قد ينتهي بوحدتها الاقتصادية التي يمكن أن تمهد لوحدتها السياسية، وما بين دول الخليج ليست عوامل ثقافية مشتركة بل هي ذات منبع واحد وتراث واحد ومصدر واحد، إنها وحدة ثقافية تمزقت منذ أطلت الأطماع الأجنبية على المنطقة لتقسم دولها وتشتت شعوبها، إلى أن ظهرت الدولة الحديثة المستقلة، على أيدي بعض الرجال الذين سارعوا إلى لم شتاتها وحمايتها من ذلك التمزق والشتات، لتظل العوامل الثقافية المشتركة أملا في قيام وحدة خليجية شاملة هي غاية كل جهد، وهدف كل عمل مخلص، ومن هنا تنبع الفرحة بأي لقاء خليجي. لقد قامت تكتلات اقتصادية كثيرة في العالم حققت مصالح الدول التي تنتمي إليها، وهي دول لا رابط بينها سوى المصالح الاقتصادية، ونجحت تلك التكلات بقدر نجاح مشاريعها الاقتصادية، بينما ظلت العوامل الثقافية متوارية عن أنظار رجال السياسة والاقتصاد مع ما تمثله من إرث حضاري هو مصدر إلهام للكثيرين، وقد تبدو وحدة الثقافة الخليجية ليست ذات بال في تحقيق أي مشروع وحدوي بين دول المنطقة مع طغيان العوامل السياسية والاقتصادية، لكن المؤكد أن هذه الوحدة التي قد تبدو مستحيلة في ظل الأوضاع الراهنة، يمكن أن تتحقق وربما في المستقبل غير المنظور، وفي هذه الحالة ستكون وحدة الثقافة عاملا حاسما في نجاح هذه الوحدة، فما يجمع أبناء الخليج ليس السياسة والاقتصاد فقط، بل هو هذا التاريخ المشترك الذي لا يزال يبرهن على أن وشائج القربي بين أبناء الخليج أقوى من أن تنفصم لهذا السبب أو ذاك، فهي وشائج توحد ولا تفرق، وإن كانت لرجال السياسة والاقتصاد حساباتهم الخاصة، فإنها حسابات لا تتجاهل ما بين أبناء الخليج من علاقات أسرية ضاربة في عمق التاريخ. إن كانت الوحدة السياسة مستحلية بين دول الخليج في الوقت الراهن، فإن الوحدة الثقافية لا تزال قائمة في أكثر من وجه من وجوه الحياة في خليجنا العربي الأغر. | |
|
التعليقات (0)