هـذه مــؤامــرة ضــد الـشـعـب الـمـصـري
إن ما يحدث منذ أيام في محافظة قنا من اعتصام يندد ويرفض تعيين محافظ قبطي لهذه المحافظة ، أعتبره من وجهة نظري جزء من مؤامرة تحاك ضد الشعب المصري وضد الثورة المصرية البيضاء النظيفة التي أطاحت بأكبر طاغية في تاريخ مصر ، وهذه المؤامرة لها اتجاهات وطرق وأساليب متعددة تم فيها توزيع الأدوار بدقة لشل حركة حكومة تسيير الأعمال من ناحية وإرهاق المجلس الأعلى للقوات المسلحة والتشويش على عقول المصريين ، ونشر الفوضى والخوف والرعب والفزع في البلاد مما يؤدي لإيقاف عجلة الإنتاج ، ويشرف عليها عصابة متكاملة تريد تخريب مصر اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وفكريا ، كما يطمح المشرفون على هذه المؤامرة ـ في الداخل والخارج ـ إغراق مصر في بحر من الدماء بسبب الفتنة الطائفية التي تدق أبواب مصر وتريد الدخول من محافظة قنا.
فهناك عصابة كبيرة جدا يريدون الانتقام من الشعب المصري الذي استطاع قهر الخوف والظلم وكسر حاجز الصمت والخضوع والخنوع ، وحوّل الحاكم إلى محكوم ومتهم ، وحول العزيز إلى ذليل ، هذا الشعب جدير بأن ينتقم منه المجرمون الفاسدون الذين لم يتم القبض عليهم حتى الآن ، ويعاون ويساند هؤلاء الفلول والمجرمون بعض الحكام العرب الذين لا يرضيهم ولا يعجبهم محاكمة مبارك حاكم أكبر دولة فى المنطقة ، ويشعر كل واحد منهم أن الدور سيصيبه لا محالة ، فبعض الحكام العرب يحاولون دفع أموال لقتل الثورة المصرية التي ستكون سببا في الإطاحة بهم واحدا تلو الآخر.
هذه المؤامرة تريد لعجلة الإنتاج أن تقف ولا تتحرك ، وذلك عن طريق المطالب الفئوية في كل مكان ، كما تريد أن تعم الفوضي البلاد ، وذلك ما يقوم به البلطجية في كل مكان من قتل وترويع وخطف وهجوم مسلح وقطع للطرقات هنا وهناك ، كما تريد تخريب البلاد ، وذلك بحرق مصنع أو شركة كل يوم أو يومين ، وتريد اختلاق فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط الذين عاشوا معا أياما تاريخيه لن ينساها التاريخ حينما كانوا جنبا إلى جنب يرسمون ثورتهم البيضاء في ميدان التحرير.
وبكل أسف يشارك في هذه المؤامرة جماعات تدعي أنها تدافع عن الإسلام ، ولكن أي إسلام هذا الذي يفكر أهله في ركوب ظهور من صنعوا الثورة ، والبلاد في مرحلة حرجة ويجب على الجميع التفكير في العمل من أجل بناء وتنمية هذا البلد ، ومن أجل إصلاح ما أفسده الفاسدون ، ومن أجل توفير لقمة عيش قد تكون عزيزة غدا أو بعد غدٍ.
مشايخ السلفية الذين ظهروا فجأة مثل الوباء ، وفجأة يريدون السيطرة على كل شيء ، ويريدون الظهور في جميع وسائل الإعلام ، فلا تجد وقفة احتجاجية هنا أو هناك إلا ويسيطر عليها السلفييون و دائما ما يظهرون على الشاشات ، فهي عملية مقصودة ومدروسة ، لفرض أنفسهم على الساحة بصورة أو بأخرى حتى لو كانت على حساب الشعب المصري كله ، ولو كان هؤلاء الناس يفكرون في مستقبل هذا البلد لما فعلوا كل هذا وما قالوا هذه التصريحات التي من شأنها تشعل نار الفتنة من جديد ، والأخطر من هذا تقتل الثورة المصرية العظيمة التي كانت سببا في خروجهم من جحورهم وإيقاظهم من سباتهم الطويل ، فيكون رد الجميل للثورة هو المساهمة في زيادة التوتر والاحتقان ونشر الفوضى في البلاد.
أحدهم ذهب ووعدد الناس في محافظة قنا أنه سيقنع الحكومة بتغيير المحافظ ، وهذا ليس من حقه أن يفرض أمرا ما على الحكومة بهذه الطريقة ، لأن هذا التصرف سواء فعله الداعية السلفي بقصد أو بدون قصد زاد من حدة التوتر حينما رفض رئيس الوزراء تغيير المحافظ.
وقال آخر مهددا ـ إن لم يتم الإفراج عن كاميليا شحاته سيقومون بمهاجمة الأديرة ، ولابد من وضع خط تحت كلمة الأديرة لأن هذا الكلام يثبت أن ما يفعله هؤلاء هو مؤامرة كاملة الأركان ، لأنهم لو يريدون كاميليا شحاته فقط سيقومون بمهاجمة دير واحد فقط يفترض انها محتجزة فيه ، ولكن لماذا يقول الشيخ السلفي سنقوم بمهاجمة الأديرة ، وهذه الكلمات كافية لشحن كثير من المراهقين من أنصاف المتعلمين وآلاف من ضحايا التعليم الفاسد في الأزهر والتربية والتعليم ، ولو حدث هذا ستكون هذه أول خطوة في دخول البلاد في مغبة حرب أهلية قد تحول شوارع مصر لحمامات دم.
وقد نظم تيار ديني آخر وقفة احتجاجية أمام السفارة الأمريكية ، اعتبروها رمزية هذه المرة للمطالبة بالإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن ، على الرغم أن شيخ الأزهر أطلق المبادرة الأولى للإفراج عن الشيخ عمر بصورة محترمة ، ولكن الجماعة أيضا تريد الظهور والعودة للشارع مرة أخرى ، والسيطرة على جزء من الحالة السياسية والإعلامية الحالية حتى لو كان كل هذا على حساب مستقبل مصر ، وعلى حساب طعامنا في الأيام القادمة ، فاليوم يطالبون بعودة عمر عبد الرحمن ، وغدا سيطالبون بعودة الظواهري.
وقام أخرون بتوزيع منشورات يحذرون فيها من الدولة المدنية ، ويقولون أنه لابد من قيام دولة إسلامية لأن الدولة المدنية ستكون سببا في الصراع بين المذاهب والفوضي الفكرية واستعباد الشعوب الفقيرة ، وهنا ظهر شبح الخوف داخل السلفية حيث يخافون من الدولة المدنية التي ستكون سببا في الفوضى الفكرية التي يخاف منها السلفييون لأنهم لو أتيحت لغيرهم مناقشتهم بحرية دون تكفير ودون اتهام بالردة ستكون نهايتهم الحتمية ، وهم يخافون من صراع المذاهب واستعباد الشعوب الفقيرة ، وهنا لابد من سؤال : لمن كتب هذا المنشور الذي ينم عن جهل وسطحية ، أريد من أكبر داعية من دعاة السلفية بنفسه أن يقوم بإجراء مقارنة عادلة بين الفقراء في البلاد الإسلامية والبلاد الكافرة على حد وصفهم مثل اوروبا وأمريكا ، ويخبرنا بعدها مدى القهر والاستعباد للفقراء هنا وهناك ، ويخبرنا أيضا ما هي أنواع الصراع بين المذاهب في الدول المدينة ، وما هي أضرار الفوضى الفكرية التي سمحت لهذه الجماعات بكل انواعها بالجهر بدعوتهم بكل حرية في جميع بلاد العالم التي يعتبرونها بلاد كفر ودار حرب.
كما تفضل أحد شيوخ السلفية برفع دعوى قضائية تجرم التظاهر في ميدان التحرير ، وهذه عجيبة من عجائب الزمن ، لن هذا الشيخ لم نسمع له صوتا منذ يوم 25 يناير وحين ظهر تفضل برفع هذه الدعوى ليساعد بصورة واضحة فلول النظام ومن يديرون الثورة المضادة في إحكام السيطرة على الثوار الشرفاء ، ومنعهم من إكمال مسيرة الإصلاح التي بدؤها.
كلمة أخيرة
بالنسبة لاهتمام هؤلاء بموضوع كاميليا شحاته ـ أقول لهم جميعا ، نبي الله نوح عليه السلام كان ابنه كافرا ، خليل الله إبراهيم عليه السلام كان أبوه كافرا ، نبي الله لوط عليه السلام كانت زوجته كافره ، ولم يعترض أحدهم على قضاء الله ، ولم يعتصم ولم يفكر في وقف عجلة الحياة ، وكل هذا كان قبل الإسلام الذي منحنا الله جل وعلا الحق في الإيمان والكفر ، وجعل الحساب يوم الحساب يا من تريدون محاسبة الناس قبل الحساب.
التعليقات (0)