بسم الله الرحمن الرحيم
هدم القبور .. خطوة في منهج التطرف والتكفير
علي الكندي
العشر الاوائل من شهر شوال 1434
قد يستغرب الكثيرون انه كيف ولماذا عمد الوهابيون الى هدم قبور الائمة في البقيع عليهم السلام وتركوها اراضي جرداء سوى احجار كتب عليها اصحاب القبور ، والملايين من المسلمين وخصوصا اتباع ال البيت الكرام يستشيط غضباا حينما تمر عليه هذه الذكريات الاليمة لا سيما ونحن نمر بظروف مشابهة في كثير من جوانبها بما حصل في ذلك اليوم الا اننا نمر على البقيع وما حصل فيه من زاوية تاريخية وفكرية عقدية اذ انم احصل في ذلك اليوم كان مخالفة صريحة لما ورد عن النبي الاكرم صلوات الله وسلامه عليه وماصح عنه من اقوال وافعال قام بها بنفسه لاحياء شعيرتين مندمجتين:
الشعيرة الاولى : هي زيارة القبور وما فيها من تذكر للموت ينتج الخشوع والخضوع والعودة الى الله تعالى .
الشعيرة الثانية : هي زيارة قبور البقيع خصوصا حيث دفن فيها الكثير من الصحابة الاجلاء ولا سيما شهداء بدر وسيدهم الحمزة رضوان الله تعالى عليه
فقد ذكرت المصادر الاسلامية كما ( ذكر البيهقي في سننه الكبرى وغيره بأنه كلما كانت ليلة عائشة من رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وآتاكم ما توعدون» ذكره في الجزء: 5/ 249،
وذكر النسائي في سننه، كتاب الجنائز، باب زيارة قبور المشركين، وأبو داود في سننه في زيارة القبور ح3234، وبن ماجه في سننه في باب ما جاء في زيارة قبور المشركين: أن النبي صلى الله علي وآله زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله. بالاضافة إلى الاحاديث المتكاثرة التي تذكر بأن النبي صلى الله عليه وآله كان يعلم عائشة الدعاء عند زيارة القبور.
ويقول: «أَمَرَني رَبّي أنْ آتي البَقيعَ وأستَغْفِرَ لَهمْ» ثم قالَ: إذا زُرْتُمُوهُمْ فقولوا:
«السلامُ على أهْلِ الدّيارِ مِنِ المُؤمِنِين والمُسْلِمين يَرحَمُ اللهُ المُسْتقدِمِينَ مِنّا والمُسْتَأخِرِين، وإنّا إنْ شاءَ الله بكم لاحِقُون»( صحيح مسلم، ج 2، باب ما يقال عند دخول القبور، ص 64.)
وكانت مقبرة لكثير من الصحابة والتابعين ....
فهدمت قبور البقيع وهي تحمل هذه الصبغة النبوية والاهتمام المبارك من قبل النبي الاكرم صلوات الله وسلامه عليه بالرغم مما تقدم من الكثير من النصوص التي تبين اهتمام النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله بزيارة القبور وخصوصا قبور ائمة البقيع .ولعل سائلا يتسائل عن فلسفة هدم القبور ولا سيما قبور اهل البيت عليهم السلام ما كان يحمل ذلل من معاني ، سواء كانت تلك المعاني هي العلل او كانت تلك المعاني هي الرسائل التي ارادوا ارسالها الى العالم والى المسلمين خصوصا ، نريد ان نبحث جانبا مهما منها وهي الفلسفة التي انطلقت منها تلك الفتاوى ، الفتاوى من المراكز (العلمية ) لتجيز او لتلزم بهدم تلك القبور فقد صدرت فتوى الهدم من بفتوى من القاضي النجدي سليمان بن بليهيل، حيث أصدر فتواه المشؤومة في 8 شوال 1344 هـ، وما زالت الى اليوم بدون بناء!
بل تمادوا في غيهم وطغيانهم فحاولوا هدم قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بحجة أن وجود القبر في المسجد حرام، والصلاة عنده حرام، وبناء القبة عليه حرام، والتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حرام!! لكنهم خافوا من نقمة المسلمين!
وما زالوا مصرين على هذا الإنحراف، فقد أفتى شيخهم ابن باز عدة فتاوى بوجوب هدمها، لكنه استعمل فيها التقية، وغلَّفها بجعلها عامة لكل القباب والبناء على القبور!
قال في جوابه على سؤال رقم116من فتاويه: (يقول السائل: ما حكم البناء على القبر؟ وما الحكم لو كان البناء مسجداً؟
الجواب: أما البناء على القبور فهو محرم، سواء كان مسجداً أو قبة أو أي بناء، فإنه لا يجوز ذلك؟......والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور، لا مسجد ولا غير مسجد ولا قبة، وأن هذا من المحرمات ....
طرحت من اجل ذلك عدة اجوبة من خلال مراجعتي البسيطة لمن كتب مفسرا لما حصل من هدم للقبور الشريفة سواء قبور الائمة عليهم السلام او باقي الصحابة والاولياء في البقيع فمنهم من قال ان هذا مبنى فقهي عقائدي ارادوا تطبيقه ...
ومنهم من قال انهم ارادوا القضاء على بدعة يمكن ان تنمو وتتطور وهي زيارة القبور
ومنهم من برر بصور مختلفة لكن لكل تبرير من هذه التبريرات ما ينفيه ليحوله الى مجرد حجة واهية لا يستقيم لها اثر ، والذي يبدو لي كما يبدو لكثيرين غيري يؤمنون بهذا التحليل انه كان تعبير عن حالة تعتري كل حاكم ظالم وطاغ مستبد لا يريد لمعارضيه ان يكون لهم وجود فيحاول نفي وجودهم باي صورة وهو ينفي الوجودات المادية لمعارضية لانها
تمثل اقطاب معارضة يمكن ان تحرك الاراء ضده كما حصل مع الزهراء عليها السلام حينما منعت من البكاءفي المدينة بحجة ان بكائها يؤذي اهل المدينة وكانها كانت تستعمل مكبرات صوت ان ذاك !!!!
لكن كان بكاء الزهراء عليها السلام يعبر عن الم ، الم مشكلة، الم نازلة ، الم مظلومية كبرى ابعد من كونها امراة اسقطت جنينا او بنتا فقدت ابا وانما ....
وهذا البكاء سيبقي اثر هذه الاحداث حاضرا في اذهان الامة مادام هذا الصوت موجودا وقد ينطلق يوما ما ليتخذ موقفا اكبر ، واقل ما فيه من مخاطر وهو كبير ان هذا البكاء كلما طال اثار تساؤلات اكثر في اوساط الامة .فلا بد من محو هذا الصوت او ابعاده عن الساحة السياسية فحصل ذلك وبنى علي بن ابي طالب بيتا خارج المدينة سمي بيت الاحزان ليكون هو محطتها التي تبث فيها حزنها وتشهر فيها عن المها وظلامتها .
والبعض الاخر من الحكام يحاول تصفية المعارضين بالنفي كما حصل مع ابي ذر الغفاري رحمه الله ومنهم من لا يقبل بمجرد النفي بل لابد من القتل كما حصل لامير المؤمنين عليه السلام ولعشرات بل مئات والاف من المؤمنين بخط علي عليه السلام ونهج عليه محاولة لاسكات هذا الصوت الصارخ من صور الحقيقة .
وما حصل في البقيع هو صورة اخرى معاصرة من هذه الصور الماساوية المتجذرة في التاريخ حتى ابينا ادم عليه السلام ولم تكن تنطلق من الاعتقاد بحرمة البناء فوق القبور، فهذا لايبيح لك ان ترتكب مجازر من اجل الاعتقاد بجواز البناء مع العلم ان معك في نفس البلد من لايؤمن بنبوة النبي الاكرم صلوات الله وسلامه عليه ولم يسمح لك المشرع اساسا بالاعتداء عليه ولم تدفع بك عصبيتك وانانيتك لمتابعته وتعذيبه بل هناك من لايعتقد بدين او لا يلتزم باي دين ويرتكب المحرمات وانت كنت ولا زلت بعياد عنه فلم تحصل تلك الثورات التصحيحية تجاه المفاسد والانحرافات بل لم لم تتحرك تجاه اغتصاب الاراضي الاسلامية من قبل المحتلين الغزاة ..
النهج ليس اسلاميا
اذن هي ثقافة وانحراف تحولت بفعل فاعل الى عقيدة يتوقف الايمان عليها بلا الايمان بها يكون المرء كافرا وبها يكون مؤمنا رضيا ، لكن الحقيقة ان هذه الثقافة ثقافة الاقصاء والالغاء ليست من صميم والوحي الاسلامي وانما هي ثقافة تبنيها المصالح الفردية والانانية المتكبرة المتعالية التي تريد ان ترتقي بشتى الحجج فوق الرؤوس حتى لو حطمت تلك الرؤوس فبفتاوى شرعية تطبع في دكاكين الفقهاء والوراقين ، فهو ليس منهجا اسلاميا ، وليس منهجا تحرك فقط في بلاد المسلمين بل لقد كان ولا زال المسلمون في كثير من البلدان ضحايا لمثل هذا التفكير ولهذا الانحراف المسلح ، لان هناك من الشعوب العالمية في الشرق والغرب من يوجد فيها هذا النفس وتغلي في عروقها دماء التطرف وتخرج من جوفها رائحة القتل والارهاب والتصفية فلا تسمح للمعارض ولم يختلف ولمن لا ينسجم ان يكون له وجود او راي او حتى اثر وهذه منتشرة في عامة البلدان ، ومهما دعا الانسان الى الجهاد والمقاتلة او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر او اعلاء كلمة لا اله الا الله لا يعني ذلك الغاء واقصاء ونفي وطرد من يخالف او ي شاو ينفر ويرفض الاسلام بل دعا الاسلام الى الحوار والمجادلة بالحسنى وهو واثق وعلى يقين ان قوة ماموجود من طرح وبساطة الاسلوب تجعل المقابل يؤمن بحقانية الاسلام ومايدعوا اليه كونه ممثلا شرعيا عن الله تعالى ، فليس هذا المنهج منهجا اسلاميا قط نعم هناك دعم كبير من قبل مؤسسات عالميا لاظهار المتطرفين ممن يدعون الانتماء بالاسلام وتطبيق الشريعة حتى يوصف المسلمون ميعا على انهم متطرفون لاغراض كبيرة انية ومستقبلية حتى وصل الامر لتصوير بعض المذاهب انها متطرفة كمذاهب لا كاشخاص او مجاميع
عودة الى ماقبل اعوام
وليس ببعيد ما حصل مع الشهيدين الصدرين رحمهما الله من محاولا متكررة ومتظافرة من اقبل ايادي واقلام مختلفة ظاهرا شكليا وفكريا ومنهجيا لكنها متفقة على نتيجة واحدة هي اقصاء والتخلص من الشهيد الصدر الاول محمد باقر الصدر قدس سره والذي اعدم في التاسع من نيسان باجتماع القبائل والتجمعات والطوائف والمؤسسات جميعا على قتله مع العلم لاكونا كثر صراحة في هذا المقال ان هناك من القريبين على سماحته منهجا وفكرا وطريقا هم ممن ساهم بشكل مباشر وغير مباشر بتصفيته والتخلص منه حتى لو ادى الى اعدامه وتصفية كل من ينتمي اليه حتى الاطفال وفعلا تم ذلك.
وكذلك المؤامرات التي حيكت ضد الشهيد الصدر الثاني رحمه حتى وصلت الى درجة ان يبرز من اقرب الناس اليه يتقدم بشكوى ضده ليعلن البراءة بصورة مباشرة منه والاستعداد والموافقة على قتله واعدامه وتصفيته وفعلا فقد تم السيناريو وتم المخطط بتخطيط مشترك وبامضاء متفق عليه ومسكوت عنه ، فقد تم اغتياله في تلك الليلة الممطرة بعد ان امطروا سيارته بوابل من الرصاص فمضى هو ونجليه على بصيرة من امره بعد ان قضى شوطا في الاصلاح الحقيقي وكشف الفساد والمفسدين في مضانه المختلفة وكشف تلك الامور امام الملا ليحييى من اراد عن بينة ويموت ضالا من يريد عن بينة في التاسع عشر من شباط عام 1999 م ، ولقد شملت الملاحقة المتطرفة كل طلبة السيد الشهيد رحمه الله وكل من تقرب منه او كان على صلة وثيقة به وخصوصا ممن كان اسمه من بين من انتموا الى الصدر حقيقة منهجا وفكرا وسوكا نعم اطلق الكثيرون ممن كان ارتباطهم شكليا ولم يكن لهم موقف فكري بل مجرد وجود صوري لا اكثر فهذه الجهود المشتركة لتصفية واغتيال الصدرين وحركتهما ومنهجهما ، بل وتشويه كل المعالم التي رسمها هذين المجاهدين في الساحة العراقية ويزداد اليقين بوجود المنهج المتطرفين عند الكثيرين ممن لا يحسبون على مذهب او على دين او على مجموعة بل يحسبون ينتمون الى خط فكري ومنهج سلوكي اخلاقي مرفوض ومنهي عنه من قبل الله تعالى حذر منه النبي وخاصة في امة اخر الزمان حيث قال انهم يقرؤون القران لا يجاوز تراقيهم ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
ومنذ الايام الاولى لتصفية الشهيد الصدر الثاني رحمه الله لحكم صدام في العراق استنفر كل جهوده من اجل التخلص من كل اثار الشهيد رحمه الله واستعان بجهاز استخباراتي للتجسس على كل تلك البقايا والاثار واستعان بجهاز دعائي يشوه كل المعتقدات والافكار والمتبنيات التي انطلق من خلالها الشهيد لتصحيح المسار الاجتماعي للامة على مستوى اخلاقها وفكرها ووعيها وحركتها ونشاطها وبعد مرور سنتين تقريبا وصلت التقارير التي تبشر النظام انه لا يوجد الان في الساحة العراقية في الداخل من يمثل فكر الصدر الشهيد واقعا الا مجرد شعارات لا تخيف النظام ام من ينتمي الى فكر الشهيد خارجا فهذا مما لا يخشى منه لاسباب كثيرة ، فشعر بالامان من تلك الحركة التي قلبت الكثير من الاخلاقيات والافكار والعادات الخاطئة لكن ما مضت الايام والاشهر حتى اتى من اتى وكتب من كتب عن نمو حركة جديدة نبتها في ارض العراق الطاهرة مروية بدماء الشهيدين الصدرين مستنيرة بالقران وبهدي اهل البيت والصحابة الاجلاء عليهم السلام كما صورت افعالها قبل اقوالها امام النظام وامام المجتمع و بدات القوات الامنية والاجهزة الاستخبارية والجواسيس ينبهون من تحرك جديد يخطط لان يكون اوسع بعدا واكثر حكمة وحنكة من سابقاتها من المرجعيات العاملة في العراق وبالخصوص حركة الشهيدين الصدرين من خلال الخروج بالنتائج الايجابية والسلبية عبر قراءة دقيقة للوقائع والاحداث لتلك الحركتين فكانت الاوامر تقضي بالقضاء على تلك الحركة في مهدها بعد التعرف على كل خطوطها واتجاهاتها وانتمائاتها لم يكن المحرك الاول لضرب تلك الحركة هو الارتباط بالشهيد الصدر الثاني وانما كان الاهم من ذلك الارتباط بالخط الفكري والنهوض بحركات واليات جديدة لاستنهاض الامة مما سيكلف السلطة جهدا جديدا في ايقاف ها المد المسمى ((بمرجعية السيد محمود الحسني او الصرخي دام ظله )) والتي بدات عبارة عن فتح بحث اخلاقي واصولي ومحاضرات عقائدية واصلاحية ثم انتقلت لتقيم اول صلاة جمعة بعد رحيل الشهيد الصدر قدس الله روحه ، لتكون اقوى صرخة بوجه ذلك الاستكبار والجنون فبدلا من ان يعيش الطغاة والاستكبار العالمي المتابع والمحرك من بعيد باياديه الاخفية فزع من نشوته بعد اسكاته لاكثر من سبعين منبرا اقضت مضاجع امريكا واسرائيل بمواقف التنبيه والتوعية والارشاد ، واذا بمنبر جديد يتطلق من نفس النقطة هناك ويتخذ خطوات اخرى لتنشيط الجراة والشجاعة بعد الخوف والخمول لتؤدى صلاة الجماعة بشكل اخر اكثر تاثيرا من كونها عبادة اعتيادية يعرفها من يتابع تلك الاحداث ويطلع عن كثب على خطوات المسيرة ، وساهمت مرة اخرى نفس الايادي والمؤسسات والاشخاص لمحاولة اخماد الصوت وواد الحركة فتم لهم شيء من ذلك وهو اعتقال الفكر والمرجع نفسه مع مئات الاشخاص هم الطليعة الاولى من مقلديه حتى غطى وجودهم زنزانات كبيرة في مديرية الامن ببغداد وغيرها وضربوا اروع الامثلة في الصبر والجهاد والتفاني من اشترك بهذه الحملة حملة التصفية في داخل العراق او خارجه كان يفكر بنفس الثقافة والاخلاقية التي انطلق منها من هدم قبور ائمة البقيع عليهم السلام وبقية الاصحاب الاجلاء رضوان الله تعالى عليهم .
ولم يقف التهديم المتعمد معنويا وماديا عند حدود ما قبل سقوط الحكم السابق بل استمر ليباشر المحتلون بايديهم ومن معهم ممن لا يروق له الصلاح والاصلاح في العراق فقدمت دباباته وطائراته لتحاول اعتقال سماحته بعد ان هيئوا الاجواء لذلك من خلال التنفير المبرمج من اسمه وعنوانه ومشروعه وحركته وانه انسان يدعوا الى ارتكاب المحرمات والى الارهاب ولما لم يجد المجتمع على بساطته مصداقية لما طرحته الابواق الكاذبة اضطر المحتلون الى قمعه بايديهم والقضاء عليه عبر عملية عسكرية ضخمة في كربلاء استهدفت بيته ادت الى استشهاد مجموعة من الصابرين العزل وجرح اخرين في يوم دام في العشرين من شعبان عام 1424هـ
ثم نشرت القوات المحتلة ومن تعاون معها صور تمني من يدلي باي معلومات باعطاء مكافئات كل ذلك لالغاء هذا الوجود الذي شعرت القوات الاستكبارية بانه يمكن ان يكون عاملا مؤثرا قوية نتيجة ما يحمل من مصداقية واخلاص في المشروع الاصلاحي الشامل وتكررت محاولات على مدى السنوات الماضية للقضاء على هذه المرجعية من خلال تعطيل المكاتب واعتقال المؤمنين لاتفه الاسباب وعلى اقل شبهة على الرغم من ان المنهجية التي تبعها سماحته لم تكن تعطي ادنى مبرر للاعتداء والاعتقال لانها لم تكن مرجعية صدامية مع اي طرف الا انها كانت تبين الموقف الشرعي من كل الاحداث والوقائع والتي كانت تعرض للشارع بصورة وحقيقتها اشياء اخرى مبطنة يراد منها تصفية الوجود والهوية الحقيقية لابناء هذا الشعب وجعلهم تبعية خاضعة لاحد اطراف النزاع ليتحولوا الى وقود لمعاركهم فكانت سماحته المنبه والمحرر والموضح دائما لكل اشكال التامر الاستعمار وتجارب اخرى كثيرة يمكن ان يراقبها المراقب والمتابع بادنى تامل ليرى ان الفكر المتطرف والانانية العالمية التي تريد ان تحكم العالم وتجعله اسيرا في قبضتها لا تريد لاي صوت اصلاحي ان ينهض باعباء وهموم الشعوب المستضعفة لكننا ذكرنا هذا المثال كونه اكثر وضوحا من اي مثال اخر لان ماجرى ويجري على هذا المرجع مما لا ينتهي ولا يتوقف عند حد .
وخاصة حينما يصل الامر الى حرق المصحف والاعتداء عليه لاكثر من مرة فقد حصل اعتداء اثم على كتاب الله العزيز في بيت سماحته عام 2004 من قبل مجاميع منظمة مجهولة الارتباط واعتدي على المصحف الكريم والمكتبة الاسلامية في حوزة الامام الصادق عليه السلام لمرتين ومن ثم ما حصل في مكتب الرفاعي من قضية وسابقة خطيرة من حيث التنفيذ والمنفذ والنتائج اذ قامت مجاميع في وضح النهار بقيادة دينية بحرق المكتب الشرعي للمرجعية الصادقة وحرق محتوياته مما يشكل يقينا بوجود نفس الاخلاقية التي اندفع بها اولئك حينما احتزوا راس الحسين عليه السلام ثم حرثوا قبره ايام المتوكل ونفس الفتوى التي اشهرها ذلك الفقيه حينما حرك الاتباع الوهابيون لهدم القبور
والماساة الاشد حينما يحصل الهدم لبيت من بيوت الله ولعنوان من العناوين الالهية المقدسة التي ارتبط اسمها بذلك البيت ولما يحصل ذلك البيت من تقوى وعلم وجهاد وفكر فقد قامت القوات الحكومة بهدم مسجد محمد باقر الصدر في السابع من نيسان عام 2012 في تحدي سافر لكل الاعراف والاخلاق والقوانين ولتتكرر التجربة مرة اخرى فانا لله وانا اليه راجعون ونحن نجد ان التطرف قد وصل الينا بشكل خفي
تنشيط التطرف خطوة استعمارية
ولا اشك بعد هذه الاحداث التي بدات من ايام الاولى لظهور ابن لادن في الاعلام المسموع والمرئي ان القوى الاستمعارية في العالم وجدت ان الطريق الافضل لتحقيق الخطوات الاستعمارية وبسط الهيمنة والتخلص من الاعداء بسهولة ويسر وباقل الخسائر هو من خلال اذكاء التطرف ورفض الاخر والوصول الى مرحلة هي الغاء الآخر تماما وجودا وفكرا فمن يلاحظ بلدان العالم وخصوصا البلاد العربية سواء من سماهم الاعلام اهل الربيع العربي او من غيرهم قبل ذلك الربيع وبعده انه لم تنضج هذه التغييرات والتحركات الا بعد الوصول الى مرحلة رفض الاخر وعدم القبول بالحوار واذا ما ادعى احد انه يريد الحوار ويريد الاتفاق انما يريد كسب الوقت وضرب الطرف المقابل باسرع وقت ممكن ، فلقد وجدنا الكل قد تطرف لدرجة انه لا يريد الاخر ان يكون معه وهذا مما سيتطلب ويحتاج الى وجود دعم خارجي عالمي وهذا ماتريده الدوائر الاستعمارية والاستكبارية التي تريد السيطرة على العالم ، حتى وصلت هذه الاخلاقية والثقافة الى اتباع المذهب الواحد فان ابسط اختلاف وخلاف سياسي يؤدي بكل واحد منهم الى ان يسعى جاهدا الى اسقاط الاخر وتصفية وجوده باي ثمن ولقد رأينا بأم اعيننا كيف ان الصراعات السياسية والتي لا تمت الى المذهبية بصلة فلا يتحمل تلك الصراعات المذهب الحنبلي او الحنفي او الشيعي وانما يتحمل مسؤوليته اولئك المتطرفون المنتمون ظاهرا الى هذا المذهب ا والى ذاك قد اذهب تلك الصراعات عشرات الالاف من الناس من خلال عمليات القتل المنظم والتصفية الوجودية والتي لا تقاس على المذهب او المعتقد وانما تقاس على اتباع هذا الحزب او ذاك فالمقياس هو الوجود لذلك الحزب او لهذه الجماعة نعم قد يستغل قتل الابرياء ممن لا ذنب لهم كوسيلة ضغط مهمة لكنه بالنتيجة تصب في دائرة واحدة هي الاختلافات الحزبية او الفئوية .وهذا الاسبوع الراكع في بحر الدماء سبت دام واحد دام وخميس دام وغيره ما هي الا صور واضحة ومتكررة لتلك الاخلاقية التي ننتقدها اليوم بعنوان التطرف او السلفية او التكفير وهي لا تختلف الا من حيث الشكل والمظهر بل هي اشد قساوة لان حرمة الانسان المؤمن اشد حرمة على الله من كل الماديات
ربيع عربي ام بقيع اخر
لقد حفلت السنوات الاخيرة بوجود حركة منظمة من اجل تغيير الانظمة العربية في المنطقة ويبدو للمراقب انها يراد منها ان تتلون بلون واحد هو اللون الذي اثره الاستعمار في هذه المرحلة هي لون التكفير والتصفية فيبدا اولا بجعل الاخرين كطرف اخر مخالف له وهذا الاختلاف تطرح مبررات لتسميته كفرا او خروجا او مروقا فيكون قتالهم والاعانة عليهم بالمال والسلاح والاعلام هو جهاد ودعم لثغور المسلمين ضد اعدائهم ..!!!
حتى تحول الجهاد في السنوات الاخيرة الى جهاد داخلي بحيث يكون جهاد المسلمين ضد المسلمين ضد المسلمين وليس ضد الكافرين او المحتلين والغاصبين او المتامرين على المنطقة بل الاشد احيانا يكون سني سني او شيعي شيعي ، والملاحظ ان الصرعات الدموية كانت السمة الغالبة والحقيقية للقتل والارهاب والتصفية الجسدية ففي ليبيا كان الصراع دمويا ومؤلما ادى الى ذهاب الكثير من الارواح والممتلكات كانت الطرف اللاعب فيه هو النزعة التكفيرية التي ترفض الاخر مهما كان توجهه او فكره بل لمجرد الاختلاف وفي اليمن رايناه اشدواكثر مما رأيناه في من سبقها من الدول لكن المصيبة والدموية كانت في بلاد اخرى جمعت مصيبة إضافية ومجازر اضافية وتعتيم اضافي وتغييب اضافي وخاصة ما حصل على الصابرين في البحرين وفي بعض محافظات المملكة السعودية ، فقد كان هناك صراع مذهبي طائفي مقيت مدمر حيث كان يمثل الاتحاد السعودي القطري البحريني ضد المؤمنين العزل من شيعة البحرين ولاكثر من سنة ونصف وفي الشرقية وما تبعها من مناطق التشيع في السعودية فقد كان يعيد لنا ما كنا نسمعه عن التطرف الموجود والبطش الموجود بعناوين مذهبية في السعودية وفي غيرها .
الخلاصة
اذن هدم قبور ائمة البقيع كان عبارة عن ناتج متكرر للتعصب و الأنانية والتطرف قاده المتعصبون في تلك الفترة ليعبروا عن حقيقة تاريخية تجذرت في نفوسهم .وهي انه لا يسمح للاخر ان يبقى بل لا بد من محوه ومحو اثاره مهما كانت حقيقته وحقيقة وجوده ، حتى لو ادى ذلك لمخالفة النواميس والقوانين الالهية
بل هي امتداد لمنهج التصفية والاقصاء التي طالت كل المؤمنين بقضايا الحق والمدافعين عن الانسانية ابتداء من الصراع على ما بعد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ومرورا تصفية وقتل والتنكيل بصحابة رسول الله الاكارم صلوات كما حصل مع الكثيرين امثال ابي ذر وغيرهم وقتل الحسين بن علي ومن تبعه من المطالبين برفع راية لا اله الا الله الحقيقية الى اعصارنا القريبة حيث شهدت ساحات الجماهير إعدام ابطال كثيرين في العراق ومصر وايران والهند وباكستان وغيرها من دول العالم بسبب المواقف الصلب والايمان الحقيقي لاولئك الرجال الاشداء . نعم كانت جريمة تستحق الدراسة والتوقف لدراسة اسبابها نتائجها تاثيراتها ما يراد منها على المدى القصير والبعيد وكيف ستسثمر من مختلف التوجهات لاحياء التطرف باشكال مختلفة فنحن ندرسه لانه يمثل حالة استثنائية غريبة من نوعها كما اسلفنا خالفت النصوص والقوانين والتشريعات المتفق عليها بين المسلمين والمنقولة عن اكابر الرواة عند المسلمين .
ولا ينبغي الشك ان الارواح التي ازهقت في بلاد المسلمين المختلفة تحت اسباب دينية وطائفية ومذهبية وسياسية ضيقة لا تصب الا في مصلحة افراد لا يمثلون الى نفوسهم المريضة ومصالح من ارتبطوا به من الدوائر الاستكبارية سواء ممن هو خارج الاسلام او ممن حسب على الاسلام
التعليقات (0)