مواضيع اليوم

هزيمة المنتخب

قفصة تونس

2009-06-22 10:30:50

0

هل المشكلة في هزيمة المنتخب؟!

بقلم/ محمد عبد الشافي القوصي


أمّا قبل: أنا لستُ من عشّاق كرة القدم ولا من جماهيرها، باعتبار أنها "فرض كفاية"!
وبكل الصراحة، لو كان الأمر بيدي؛ لمنعتُ ممارسة هذه اللعبة، وعاقبتُ مشاهديها أشدّ العقاب. ولو أنّ لي دعوة مستجابة مثل سيدنا (نوح) لدعوتُ بأن تختفي هذه اللعبة من الوجود!
ومع أنني تربطني علاقات طيبة ببعض نجوم الملاعب، أمثال: محمد أبو تريكة، وغيره؛ لكنني كنتُ سعيداً بتلك الهزيمة القاسية التي مُنِيَ بها منتخب مصر، ورجوعه إلى أرض الوطن سالماً .. لماذا؟!
أولاً: أرفض أن يدمن الشعب المصري متابعة أحداث الملاعب على هذا النحو الكريه، ثم ينقسم إلى (أهلاوية، وزمالكوية) فيصاب هؤلاء وأولئك بأمراض العصبية المنتنة .. ولن تجني الأُمة خيراً من هذه الجماهير التائهة -الأهلاوية والزمالكوية- فهؤلاء وهؤلاء لن ينصروا ديناً، ولن يحسنوا إلى الدنيا! إنما أرغب أن ينقسم الشعب إلى أدباء ومفكرين ومخترعين!
ثانياً: لا جُناح علينا أن نكون متخلّفين أو متأخرين في هذه (اللعبة)! إنما المصيبة بلْ الفاجعة أن نتخلّف في ميادين الاقتصاد والسياسية والثقافة والإعلام والتكنولوجيا والتعليم وسائر الميادين التي تترتب عليها نهضة الأمم وسقوطها!
ثالثاً: لا أحب أن تعيش شعوبنا فصاماً روحياً وتناقضاً أخلاقياً .. ففي الوقت الذي نرى عامة الشعب المصري حزيناً ومتألماً لما يعاني منه إخوانهم في غزة والعراق والصومال من المجازر والمجاعات والمطاردات والهدم والتشريد! لكن وسائل الإعلام تحاول -كعادتها- أن تقلب الحقائق، وتزيّف الوقائع، وتغيّب الوعي .. فتنهال على الناس بالطبل والرقص والأغاني وتبادل التهاني على شرف فوز المنتخب! لذلك لا نعجب عندما نرى الناس يحزنون كثيراً ويتألمون بشدة عند خسارة المنتخب .. لكنهم لا يكترثون لفشل السياسة التعليمية، أو لتردّي الصناعة المصرية، أو لانهيار الزراعة!
رابعاً: إنه في حالة فوز المنتخب، من الذي سيجني ثمرة هذا الانتصار؟
بالطبع سيجني الثمرة ويسرق الفرح، هذا "النظام الحاكم الفاشل"! لدرجة أننا نجد "الرئيس" يُسرِع -في مثل هذه المناسبات- بإرسال برقيات تهنئة لأعضاء الفريق، وبرقيات للمدربين، وبرقيات للجهاز الفني، وبرقيات لأعضاء البعثة الكروية، وبرقيات لأُناس من جلدتنا وأُناس غرباء عنا!
لا .. ليس هذا فحسب؛ بلْ يقوم الرئيس ومعه الوزراء ورجال الدولة وبقية المسئولين؛ فيصطفوا في المطار؛ لاستقبال أبطال المنتخب .. ثم تبدأ عملية تكريمهم، ومنحهم الأوسمة والنياشين، والتبرع لهم بالملايين .. بلْ إن هناك بعض الدول وكثير من الأمراء ورجال الأعمال العرب يتطوعون فيرسلون برقيات التهنئة، وكذلك يتبرعون للمنتخب بما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر!
ما هذا السفه؟ ماذا حدث في الدنيا؟!
أليس هؤلاء القوم- يعيشون معنا في هذه الأوطان البائسة الحزينة، وفي هذه البلاد المخضّبة بالدماء، والمفروشة بالجماجم والأشلاء الممزقة؟
ألا يرون المدارس المتهدّمة، والمنازل المنهارة على أهلها، والمستشفيات المكدّسة بالموتى؟!
ألم يشاهدوا ملايين القتلى والجوعى والمشردين والمنكوبين واليتامى والمساكين؟!
أليس لهم قلوب يفقهون بها أوْ أعين يبصرون بها أوْ آذان يسمعون بها .. أمْ هم كالأنعام والحمير والكلاب الضالة؟!
لماذا لم نرَ حاكماً عربياً أرسل برقية تهنئة إلى شعب "كوسوفا" بعدما نال استقلاله .. بالرغم من أن الولايات المتحدة اعترفت بكوسوفا دولة مستقلة؟
لماذا لا تذهب برقيات التضامن إلى أهل غزة أو الصومال أو الشيشان أو البلقان؟
ولماذا لا يقوم الرئيس والوزراء وبقية المسئولين بزيارة الأحياء المهملة أو القرى البائسة؛ ليروا كيف يلفظ الناس أنفاسهم فوق الترع والطرقات .. ولا بواكي لهم؟!
لماذا لا تذهب هذه التبرعات السخية -سواء كانت من هنا أو من هناك- إلى المرضى بمستشفى أبو الريش أو الدمرداش أو الجلاء مثلاً؟!
ويلٌ .. ثم ويلٌ للمطفّفين!!
أخيراً .. أسأل الله -تعالى- ألا يجعل مصيبتنا في اقتصادنا ولا سياستنا ولا ثقافتنا. ولا يجعل (اللعب) أكبر همنا ولا مبلغ علمنا! وأعتذر للأخ أبو تريكة وإخوانه- الذين أرادوا أن يصنعوا نصراً في عصر الهزائم الكبرى، وتمنّوا أن يحقّقوا مكسباً في زمن الخسائر الفادحة! بلْ اجتهدوا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا- لكي يدخلوا البهجة والسرور على الشعوب التي ما عرفت طريقاً للفرح منذ عقود من الزمان .. بعدما تسلّط عليها السفهاء منّا، فأدموا ظهورها بسياطهم، وسلبوا خيراتها ونواطيرها، وقد بَشِمْنَ .. وما تفنى العناقيد!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !