هرولة الأسد نحو السراب على ظهر المالكي
يبدو أن المبادرة العراقية تقوم على مبدأ المقايضة التي كان يتقنها الرئيس السوري الراحل فقد كشفت صحيفة "الرأي" الكويتية في تقرير لها من واشنطن يوم امس أنّ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حاول إقناع مضيفه الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال لقائهما يوم الإثنين الماضي بضرورة إستمرار الرئيس السوري بشار الاسد وحكمه "من اجل تثبيت الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بعد إتمام إنسحاب الجيش الاميركي من العراق أواخر الشهر الجاري"، إلا أنّ أوباما رفض ذلك، وفق مصادر أميركية مطلعة على مضمون اللقاء
كما أفادت المصادر نفسها أنّ المالكي أبلغ أوباما أنّ الاسد وعده بتفكيك وتسليم مجموعة يونس الأحمد البعثية العراقية المقيمة في دمشق والمعارضة لحكومة المالكي، كما التعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي تعمل على محاكمة مرتكبي جريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، وتنشيط التبادل الاستخباراتي بين سورية والولايات المتحدة على نطاق واسع لا سابق له يشمل المنطقة بأكملها ومن شأنه ان يساهم في تثبيت الوضع الامني تماما في العراق ولبنان ومناطق متوترة أخرى في المنطقة
وأن المالكي أكد للرئيس الأميركي أنّ "الأسد ينوي قيادة بلاده باتجاه الديموقراطية، وإجراء إصلاحات، وإنتخابات برلمانية ورئاسية"، وأوردت المصادر الأميركية عن المالكي قوله لأوباما إنّ "من شأن إنهيار نظام الأسد اندلاع حرب أهلية في سورية تطول ألسِنة لهبها بعض دول المنطقة وفي مقدمتها العراق، لذا، فوفق المالكي فإنّ الحل الوحيد في سوريا يكمن في الحوار بين النظام والمعارضة، وعدم تدخل أيّ من الدول في الشأن السوري الداخلي"، وانتهى رئيس الحكومة العراقية إلى القول: إن العراق يحاول قدر المستطاع الوقوف على الحياد في الموضوع السوري، لذا حصر نشاطه بمساعي الخير في المساهمة للتوصل إلى حل ينهي الوضع القائم حالياً، قائلاً: نحن لا نريد للسوريين أن يتدخلوا في شؤوننا الداخلية، كما علينا أن لا نتدخل في شؤونهم الداخلية
وختمت المصادر نفسها بالإشارة إلى أنّ "أوباما شكر للمالكي مطالعته، وأجابه بالقول: لو بقي صدام حسين موضوعاً عراقيًا داخليًا من دون تدخل الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم، ولو تم حصر الحل العراقي بحوار بين المعارضة العراقية وصدام، لما كنت أنت جالساً في البيت الأبيض هذا الصباح"، وأضاف أوباما: "لطالما شكلت سورية تهديداً لإستقرار العراق وأمنه كما لبنان، وسهّلت دخول الإرهابيين من الأراضي السورية إلى الأراضي العراقية"، مذكّرًا المالكي في هذا المجال بالإتهامات التي وجهها المالكي بنفسه إلى الاسد بالضلوع في تفجيرات بغداد في آب من العام 2009 ومطالبة المالكي حينها بإقامة محكمة دولية لمحاسبة الاسد وأفراد نظامه
وتابعت المصادر الأميركية مشيرة إلى أنّ أوباما شدد على أنّ موقف الولايات المتحدة من سقوط شرعية الأسد هو موقف نهائي، ولا عودة فيه إلى الوراء، فدول العالم بما فيها الولايات المتحدة أعطت الأسد فرصة لقيادة بلاده نحو الإصلاح و الديموقراطية، إلا أنّه اختار طريق الاستمرار بقتل شعبه، وهذا طريق لا عودة فيه
لكن من المثير للدهشة أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يعلم جيداً ما قام وما يقوم به النظام السوري وشبيحته سواءاً بالإدعاءات المتكررة بأن هناك مؤامرة على سوريا المقاومة أو من ناحية القتل العشوائي والمجازر المتنقلة في مناطق عديدة داخل سوريا، كما لا أدري لِما لم يتذكر السيد المالكي ما قاساه هو شخصياً والشعب العراقي من جراء تفجيرات الإرهابيين الذين كان النظام السوري يرسلهم عبر حدوده، ويبدو أيضاً أنه تناسى كيف وصل هو وغيره لحكم العراق، ولا أدري هل أتى هو إلى رئاسة الوزراء عبر المفاوضات المضنية مع الرئيس السابق صدام حسين أو على ظهور الدبابات الأميركية؟ هل السيد المالكي ينقل رسالة سورية إيرانية؟ أم أنه ينقل رؤيته السياسية للبيت الأبيض؟ وأين الشعب العراقي مما يقوله السيد المالكي؟ كيف يتناسى السيد نوري المالكي آلآم العديد من العائلات المنكوبة التي حل عليها الموت من جراء المفخخات والعمليات الإرهابية التي قامت بها الجمعات الإرهابية التي أرسلت من قبل المخابرات السورية وبعلمها؟
التعليقات (0)