مواضيع اليوم

هذه البشتنة الكروية إلى متـى ؟؟

مصعب المشرّف

2012-12-18 11:22:03

0

هــذه البَـشْـتـَنـَـــة الكــرويــة إلــى متــــــى؟؟؟

ما آل إليه حال الرياضة بوجه عام ، وكرة القدم بوجه خاص خلال الفترة الجارية ليس وليداً من رحم الصدفة ، بقدر ما هو نتيجة حتمية لتراكمات من الغوغائية والجربندية والفشل الإداري والفني وإنعدام المسئولية ؛ تورطت فيه هذه المستديرة رغما عن أنفها .

لا يلد الرماد ناراً ولا تدرّ العجفاء لبنا ... وقد أثبت المستنقع الكروي الذي إنغمسنا فيه مؤخرا أن من المحال القفز فوق الواقع . وأن النشاط الرياضي جزء لايتجزأ من واقع المجتمع وحالة الدولة برمتها . وأنه من المستحيل أن يفلح الأقزام في صنع عمالقة. ........ أصبحنا ملطشة من لاملطشة له. وصارت الهزيمة بثلاث أهداف هي العادة ، والفضيحة بخمس أهداف هي المستعادة.

الأموال السخية التي بذلت في الفترة الماضية لشراء اللاعبين ، لم تجني الرياضة منها ثمرة ... بل نراها ذهبت هباءاً ولم تفلح سوى في علف وتسمين اللاعبين داخل حظائر الأندية ومعسكرات المنتخبات القومية ، ........ والمحصلة النهائية للبلد السودان نراها مترجمة في النتائج المفضحة المذلة في المباريات والمنافسات الخارجية التي خاضها المنتخب والأندية على حد سواء... وبرافــو والحمد لله على كل حال أن حبانا بالنصر على منتخب مشردي الصومال.

كان البعض في الماضي يعزي التخلف الكروي وفداحة الهزائم إلى تدخل أفندية الدولة في النشاط الكروي بدون علم ولاخبرة ؛ إضافة إلى ضعف الإمكانيات المالية . لكن الذي تم ترسيخه من إقصاء لأفندية الجهاز الوزاري الحكومي المختص بالرياضة والشباب طوال عهد كمال شداد ؛ والأموال التي تم ضحها في شرايين الهلال والمريخ خلال عهدي صلاح إدريس وجمال الوالي ...... كل هذا الذي جرى (وكان ملفتاً بقوة) نراه لم يقدم ولم يؤخر في مجال معالجة وتلافي الخروج بفضيحة مدوية من تصفيات ناهيك عن حصد بطولات .

لم يتبقى إذن سوى الجهاز الإداري والفني لمنشط كرة القدم ثم اللاعبين ... ففي هؤلاء الثلاثة تكمن العلة ويستشري الداء ويعشعش الخراب.

من الصعب على المرء أن يفسر على سبيل المثال كيف ينتصر فريق الخرطوم الوطني على الإسماعيلي المصري بثلاثة أهداف في السودان ، ثم ينهزم في الإسماعيلية بخمسة أهداف !!! ومثل هذه النتائج ليست بالمستجدة على فرقنا ومنتخباتنا الوطنية . وهو ما يجعلك تتساءل عن حقيقة الذي يلعب الكرة داخل المستطيل الأخضر ... هل هو الجمهور السوداني أم اللاعب السوداني ؟! .... التفسير الوحيد لمثل هذه المفارقة أن لاعبينا ليسوا سوى بغال يلهبهم ويحدوهم الحماس في مرابعهم ومرابطهم ليس إلا.

الذي ينصت لمناقشات المشجعين ، ويلتفت لحماسهم وحساسيتهم ، ويراقب إنشغالهم وإنفعالهم وعصبيتهم ؛ يكاد يصدق (في الوهلة الأولى) أن هؤلاء التعساء يتجادلون في مليان ، ويتحدثون عن عمالقة في مجال كرة القدم ..... والذي يقرأ الصفحات الرياضية الورقية ويشاهد ويستمع لمقدمي البرامج الفضائية والمحللين الضيوف يظن أن في الأمر نجوما بحق ... ولكن ما أن يخوض هؤلاء اللاعبون (النجوم) و (العمالقة) مباراة مع فريق أجنبي حتى ترى من الأمر والحال خلاف ما علق بذهنك . فالنجوم تتحول في لمح البصر إلى ذرات رمال باهتة تائهة تذروها الرياح وسط الملعب . والعمالقة يتحولون إلى خنافس وجرذان مذعورة تنتظر نهاية زمن المباراة بفارغ الصبر حتى تعود إلى شقوقها وجحورها بما تبقى من ذيل وأقل الخسائر وأهون الفضائح.

خلال لقاء تلفزيوني سخر أمين عام نادي المريخ العاصمي من إصرار البعض على جلب مدربين أجانب . وعلل ذلك بأن التواصل اللغوي مفقود بين المدرب الأجنبي واللاعب .. ثم زاد على ذلك بالقول أن هؤلاء اللاعبون لايحسنون حتى فهم اللغة العربية ، فما بالك باللغات الأجنبية؟؟ ....

مثلما لا ينتج الظلام ضياء ؛ فإن الجهل لا ينتج إنسانا صالحا وصاحب إحساس بواجبه الوطني .... وربما تكون هذه مشكلة أخرى من مشاكل الكرة عندنا ، حيث نرى معظم اللاعبين إنما هم من الفاقد التربوي أو أولاد الشوارع والشماسة الذين وجدوا الوقت الكافي والفراغ لممارسة رياضة كرة القدم حتى الوصول إلى مرحلة الإنضواء للأندية الرياضية . بل إن بعضهم لم يحصل على شهادة ميلاد وجنسية إلا بعد إنضوائه لأحد الأندية وبالواسطة ..... وعليه فإن من الحماقة بمكان أن يرتجي عاقل في أمثال هؤلاء من الجهلة والمشردين وأبناء السبيل الرغبة أو الإدراك بالوطن والمواطنة والقدرة على تحمل المسئولية والتضحية في سبيلة .. إلخ من قيم ومثل ومفاهيم وتقاليد وموروثات تتغلغل في النفس عبر التربية السليمة داخل سياج الأسرة والعائلة والأحياء ، أو داخل فصول التعليم النظامي ووفق شروط الإنضباط الإجتماعي والوطني بوجه عام.

الطريقة التي يتم بها تصعيد وإختيار القيادات الرياضية داخل الأندية وداخل أروقة الإتحاد العام والإقليمية هي الأخرى يشوبها الكثير من المحسوبية والهمجية والسبهللية والمجاملات والعلاقات الخاصة الظاهرة والخفية . ومن نافلة القول الإشارة إلى مشاهير وأعمدة وأركان راسخة في هذا الجانب ؛ لم يكونوا بالأمس القريب سوى خشاش مجتمع ، كسارين ثلج ، صبيان مراسيل وقضاء حوائج ، مبرمجي قعدات بهجة وسهرات مؤانسة ، محض أصحاب ألسنة طوال ومطرقعي حـنـك ، شطار وذوي موهبة ملفتة في مجال العلاقات الفاسدة ...... مسرح أراجوزات شعبي هابط ، ومولد إختلط فيه الحابل بالنابل ، يمارس جميعهم صناعة تدمير ممنهج وعبث مسرطن ، لاتملك حياله سوى مط الشفاه والأسف على وطن تهدر إمكانياته وقدراته ، ويمرمط بكرامته وتاريخه الأرض على يد هؤلاء العاهـات داخل الغرف المشفرة المنافذ وكذا مباشرة على الهواء.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات