هذا المناضل متهم بمحاربة العبث
26 سبتمبر (45-347) 4/8/1983م
وكان الجدل واسعاً حينذاك بل إنه في الواقع قد فاق دائرة الجدل وكاد يكون الرق بداية النهاية بداية العابثين ونهاية العبث..
حينها ذهب "الدحان" إلى يتبختر ولا –منافس- في عرشه أوج شباب قلمه المعطاء إن صح أن في هذا الوطن قلم غير عاجز ولا عجوز!
حينها ذهب "الدحان" إلى تقزيم سؤال يقال له.. من أين لك هذا؟، ويقال عن صاحبه "الخليفة العادل عمر رضي الله عنه".
إنما (الدحان) كان يبغي وراء ذلك أن يعملق سؤال آخر ادعى إلى الحق وأقرب إلى الواقع وأجدى في التناسب مع الحاية وما هي ل ما كانت عليه فتعملق سؤال خلف لـ صالح حل مكان سؤال الخليفة السلف..
كما يقتلع الرجل ضرسه اقتلع شيخ الصحافة المتوج سؤاله القائل:
لماذا ليس لك مثل هذا؟؟
ولعل الناس المعنيون بالسؤال كانوا على حد وصف الدحان إما يشكلون الطبقة المحذوفة التي لم تبرا من عاهة الفقر ولم تخدمها ظروف وإمكانات ومواقع الاستفادة.. لا من الحروف ولا من العبث ولا من الرشوة والمحسوبية وهم بالمقابل –لا يملكون سبباً واحداً يدعم أو يغذي موقفهم المضادة للعبث وحقدهم الكبير على العابثين..
ولقد أخذ الفساد على المدى البعيد يشكل الغليان الداخلي المصاعد وكاد يكون متاخماً للثورة رضا سعد أم غضب عمرو الأمر الذي دفع على الاعتقاد بأن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة انحرفت عن مجراها الصحيح كون الغرض من الثورة لم يكن في حد ذاته مجرد القضاء على الحكم الكهنوتي الإمامي وإرساء قواعد الدولة الجمهورية اليمنية قدر ما كان نشدان للأفضل وتقويم لمسيرة التاريخ اليمانية وقضاء مطلق على عوامل التخلف و القهر والفساد والطغيان لأن المسألة في الأخير لا تتعلق بأفراد ولا بجماعات ولكنها قدر الشعب وخيار الجماهير جميعها ومع هذا فإن قضية الفساد لم تكن من مداخلات الفعل الثوري بقدر ما نجحت عن أبشع أساليب وطرق وأطراف الصراع أعني ذلك الذي خاضه أعداء الثورة دفاعاً عن وجودهم وذوداً عن حياض مصالحهم وتفان من أجل ما كانوا يعتقدونه حقاً من حقوقهم المشروعة "الحكم الوراثي الدائم" والأرض الزوج التي ليس من حقها طلب فسخ عقدة النكاح وإيقاع الطلاق للمولي خليفة الله عليها".
نفس الصراع الذي خاضه السواد الأعظم انتصاراً لحريته المكبلة وإرادته المغلولة وحقه المستلب في الحياة الكريمة المستقرة.
حيث ترسب عن صراع الشعب مع أعدائه هذا القدر الهائل من العبث.
على أننا لولا إصرار الأخ الرئيس المناضل لم نكن نحلم بمهاجمة العبث أو الفضاء عليه دفعة واحدة إذ أن ما كنا نحلم به هو القضاء على شرعية الفساد كخطوة أولى في سياق المهام الثورية المتعزز دورها بفضل تباشير الأمل الجسور للميثاق الوطني.
أو على حد روؤية زميلي الفذ ياسين الشيباني حيث نستنطق الفساد ورديفه الأمر "مشروعيته" حين طلب يقول "حد أقصى للسرقة" لولا أن ثمة من أخطأ فهم الأستاذ الشيباني بدليل أن طالباً ثانوياً مثل في مطلق الأسبوع لمحاكمة علنية بتهمة قيامه "بسرق جريدة من أحد أكشاك بيع الصحف" راجع ما كتبه الأستاذ الشارع عبد الله هاشم الكبسي عبر صحيفة الثورة خلال أيام هذا الأسبوع.
ولقد كنت كثير الإصغاء كثير الانعمال بحكمة والدي أطال الله في عمره الذي لا يفتأ يرددها كل ما نسيت أن الظهور يقصم الظهير.. "يا بني إن قلت ما لا يعنيك وجدت ما لا يرضيك".
أولاً أن نفراً ممن احترفوا العبث وتمرسوا على أسبابه وملكوا كل مدخراته وفتنه ودوافعه باتوا يعابون فينا لافقر والفاقة ويستدرون الغضب حقد من أعماقنا.
وأني اضطررت منذ أيام إلى فض بكارة الصمت لقصة لا أرى أن في إفشائها ما أعاب عليه.
بينما أنا أعبر الرصيف وأكاد أتقيء للرائحة الخبيثة يومها والشارع أشبه ببحيرة من جراء انفجار بالوعة كبيرة وإذا بسيارة مرسيدس فارهة يقودها في سرعة خيالية أحد رموز العبث فتنقل إلى عشرات المارين مثلي كل ما وسعها نقله من الأوساخ وتلطيخ الناس بها.
فلأي سبب يكون التمادي في الصمت واللامبالاة..
لقد جمعني الفقر بصديق عزيز أفتقدته وطالت بيننا وإياه الشقة لأنه ارتقى من موظف طفشان إلى رجل من أثرى الأثرياء يشار إليه بأطراف البنان بينا ظللت مكاني وباتت بيننا أسباب وحين استوقفني عبارة منقوشة على ظاهر أحجار أحد القصور السامقة تقول "هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر" وصدفة التقيت صديقي واستفسرت منه عن رجل القصر فتضاحك بسخرية وقال صديقك القديم..
قلت ولكن من أين لك هذا؟ وإذا به يشير إلى الآية الكريمة المكتوبة على الجدار ثم يسترسل قائلاً بكل هدوء "بعت أغلب ما ورثته عن أبي من براصع وأقمت بذلك هذا البناء"!!
ولقد صارت كلمة بعنا أرض، توطئة يرددها كل الذين آل إليهم فضل الله عن طريق استلاب المال العام واحتلاب الناس وابتزاز الدولة وإهدار شرف المسئولية والعبث على حساب كرامة الوطن.
وإزاء كل بذلك كان لا بد من رجل يحمي ظهور الجماهير من خناجر الفساد ويحمي الأرض من دعارة اللصوص ويحمي الدولة من تسلل العابثين.
ولم يكن الرجل ولن يكون -هكذا أتصور- غير إنسان من النخبة مناضل في هذه الحقبة يدعى.. علي عبد الله صالح.
هذا المناضل الوطني الكبير يقف الآن أمام أخطر اتهام جماهيري في تاريخ اليمن المعاصر متهم بمحاربة العبث متهم بذبح الفساد.. متهم بمطاردة العابثين إلى أوكارهم. متهم بتحريض أجهزة الرقابة والمحاسبة ضد المجحفون بالمال العالم والخاص. الممتهنوا قدرات الشعب وطاقات الثورة.
ومتهم بحبة الكبير للثورة السبتمبرية وحقده البالغ على أعدائها والمتآمرون عليها.
إن في الساحة مشنقة حبيبة سيعلق العبث الرعديد فيها.
أيها القائد ورائك اليمن وجماهير الثورة فسدد طعنتك النجلاء في صدر العبث.
أيها الأمل أيها الحب الذي نكن، الثقة التي نستمد انطلق..
انطلق..
انطلق..
التعليقات (0)