كنت قد كتبت موضوعا بعنوان ( السقوط في شرك المصطلح ) وتعرضت فيه لكلمة التطرف ، اليوم أجدني مضطرا أن استخدم الكلمة عينها ، فالتطرف كلمة لم تلتصق بأحد أو بأمة أو شعب أو فئة كما التصقت بالعرب من جهة والمسلمين من جهة أخرى ، على الرغم من أن العرب والمسلمين هم من أكثر مناطق العالم تعرضا للإرهاب والنهب والسلب والقتل والحرق والسلخ والتدمير ، وبأبشع الطرق التي لم يعرف لها العالم القديم فضلا عن الجديد مثيلا في الأساليب والأدوات المستخدمة والوحشية التي تصل إلى حد الهمجية الحيوانية البهيمية في أكثر غابات العالم انغلاقا على الذات .
نعم هناك ممارسات خاطئة لنا كعرب ومسلمين ، هذه حقيقة ، ولكن الحقيقة الأكبر هي ما يتعرض له العرب والمسلمين من هجمة غير مسبوقة على الأرض والإنسان والعقيدة .
تلك كلمة التطرف ، أرى في المدونات ما يمكن وصفه بالتطرف الذي ينحو منحى التطرف والإرهاب الفكري .. فالهجمة على كل ما هو عربي ومسلم وحق عند العرب باتت منطق الكثير من المدونين ، الذين أرادوا الانسلاخ من ذواتهم ، والهروب نحو الآخر ظنا منهم أنهم بذلك يكونوا من المعتدلين ، أرهم وهم ملكيين أكثر من الملك ذاته كما يقولون .. فهذا مدون يكتب من ألمانيا.. أو هولندا .. أو النمسا .. أو مصر ..أو .. على هذه المساحة الديمقراطية الحرة من هذا المجتمع الافتراضي لمجتمع المدونين ، يكتب وكأني به ألمانيا أكثر من ألألمان أنفسهم ، وأوربيا أكثر من الأوربيين أنفسهم ..
وما عرف انه لو بدل جلده ولونه ودينه ومعتقده واسمه وشكله ولبسه لما قبلوا به حتى لو كان ( ديفد بشعر احمر وبنطلون جينز ممزق ) وراح ينتقد العالم الثالث القادم منه ( ربما لا تزال أثار القرية بادية على محياه إلى الآن .. ولكن يبدوا أن مرآته لا تظهر صورته الحقيقة أو ربما لا يملك مرآة ليرى نفسه فيها ) .
يمارس التطرف على ذاته وما عرف انه وهو ينسلخ عن ذاته ويجلد نفسه بسياط الشتم والسب والسخط والغضب على كل ما يمت له بصلة إنما يمارس تطرفا على أهله ودينه ووطنه .. ويتعدى حدوده التي لم يعرف لها حدا .. ويسيء للآخر بقصد أو غير قصد .. فالنتيجة واحدة .. أره وهو يغرد خارج السرب ، طائرا بلا ريش في سرب طيور مفترسة ، تحلق عاليا وهو يجهد ويكد ليلحق بها .. وأنى للضعيف أن يلحق بالقوي وقد سبقه بأشواط ..
ولم يكن ليلتفت إليه أو ليعيره انتباها ...هو فرد ضعيف في مجتمع مادي تنغل فيه الفردية ..لم يلتفت إلى ما بالغرب من ثغرات وهفوات وهنات ليست بهينة إلا على من هان عليه الأمر ... ربما أخذته برودة الغرب بعيدا وسلبته حرارة الشرق .. فغدا جسدا باردا ينظر للأمر من جهة حسابه البنكي إذا كان له حساب فقط ...
فهل فكر المدون المتطرف وهو يمارس تهجمه على أفكار غيره ، انه متطرف بامتياز ... وانه بهذا يسقط عن نفسه صفة الكاتب الحيادي .. كما يسقط نفسه من قائمة أبناء البلد الذي ينتمي إليه .. لأنه لا ينتقد للإصلاح .. وإنما هو ناقد حاقد .
التعليقات (0)