هذا الشبل من ذاك الأسد. يدور نقاش كبير في " مصر المحروسة " هذه الأيام حول ظاهرة غنائية جديدة اسمها " أبو الليف ". ويبدو أن هذا الرجل الأربعيني (42 سنة) أصاب الذوق العام بحالة من الصدمة بعد اصدار ألبوم غنائي يحمل عنوان " أنا مش خرونج " وهو عنوان احدى أغاني الألبوم. وبدأت المشكلة من هذا اللفظ الذي لا تستسيغه الأذن المصرية. وهكذا تقاسمت المواقف والآراء ازاء هذه النوعية من الأغاني، حيث قبلها البعض تحت مسمى " الجمهور عايز كده " ( بلغة المصريين)، ورفضها آخرون بحكم خروج مضامين الأغنية الجديدة عن الآداب العامة.
نجم الغناء الجديد في الزمن العربي الرديء، سطع بقوة في سماء سوق الأغاني. وهي سوق بكل ما تحمل فيه الكلمة من معنى. ولم يعد للذوق الفني ولا الكلمة الرزينة ولا الصوت الرخيم أو الصداح أي مكان في هذا المزاد العلني الرخيص الذي يزايد على التفاهة و الابتذال. وأبو الليف وغيره من الظواهر الصوتية الجديدة التي تصدح في سماء الغناء العربي، ليسوا حالات شاذة، بل انهم يمثلون ضمير المستمعين. فحينما يتهاوى الذوق العام، يجد هذا الشكل الغنائي مكانه في الواجهة. والواقع أن هذا التوجه نحو تعرية الواقع الاجتماعي يعتبر جديرا بالمتابعة. وفي نهاية الأمر لم تحمل كلمات الأغنية شيئا غريبا عن الثقافة الاجتماعية التي ينتمي اليها. ثم ان الشارع يتداول كلاما بذيئا يفوق بكثير ما جاء في هذه الأغنية التي أثارت كل هذا اللغط.
ان المشكلة لا تكمن في كلمات أغنية أو في لقطة تضمنها فيلم سينمائي. فحينما يتعلق الأمر بشعارات من قبيل: " خدش الحياء العام " أو " الاساءة الى الأخلاق العامة "، نتناسى أن هذا المنتوج لا يتعالى عن الواقع الأخلاقي السائد في مجتمعاتنا. ويذكرني هذا النقاش الدائر حاليا حول ( الخرونج ) بنقاش مشابه عرفه المغرب بعد انتاج فيلم سينمائي بعنوان " كازانيغرا " في الشهور الأولى من سنة 2009، كان قد أثار جدلا واسعا بفعل جرأته الخارجة عن المألوف في تناول قضايا الشارع بكل ما تتسم به من سوداوية و قلة حياء... ويبدو أن النقاش يحاول دائما التركيز على النتائج دون البحث في المسببات. وكأن الفن جاء الى هذا العالم من كوكب آخر. ولقائل أن يقول: ان الفن تهذيب واصلاح. لكني أقول أيضا: ان ما نسميه فنا ليس الا تعبيرا عن الوعي الجماعي وتكريسا له، سواء كان ذلك عن شعور أو لاشعور.
ان الفن ليس الا مرآة تعكس طبيعة العلاقات الاجتماعية والتوجه العام. وفي ظل مجتمع فقد البوصلة، ولا يقلد الغرب الا في ماهو تافه و رخيص. ماذا ينتظر المرء غير ثقافة " بوس الواوا ".؟؟؟.
محمد مغوتي. 20/04/2010.
التعليقات (0)