خفت حدة الاحتجاجات الشعبية في مملكة البحرين بعد قيام قوات الامن باخلاء ميدان اللؤلؤة من المحتجين المطالبين بالاصلاح بالقوة، ووصول قوات درع الجزيرة الخليجية الى المملكة لدعم السلطات فيها، ولكن معظم الوعود بالتجاوب مع طلبات المحتجين ما زالت خارج اطار حيز التنفيذ، بل ما حدث هو عكس ذلك تماماً، حيث ما زالت قوات الامن تستخدم قبضتها الحديدية ضد الجماعات المعارضة وتتهم بعضها بالارهاب.
بالامس كشفت وكالة رويترز العالمية للانباء التي ابعدت السلطات مراسلها المقيم في المنامة، عن اقدام شركة النفط الحكومية على فصل 300 موظف لمشاركتهم في اضراب حديث لمناصرة الديمقراطية، وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش الامريكية في تقرير لها امس ان ناشطاً بحرينياً تعرض للتعذيب، وطالبت الحكومة بوقف محاكمة المدنيين امام محاكم عسكرية، وانشاء هيئة محايدة للنظر في مزاعم التعذيب.
مثل هذه الممارسات، سواء فصل المحتجين، او تعذيب محتجين، ربما تؤدي الى هز صورة البحرين كمملكة ليبرالية في العالم الخارجي، والغربي على وجه الخصوص، وقد تؤدي الى تجدد الاحتجاجات في المستقبل، لان قطع الارزاق من قطع الاعناق.
وهذه ليست المرة الاولى التي تقدم فيها السلطات البحرينية على اجراء تعسفي مثل هذا، فقد قطعت المنح الدراسية عن طلاب بحرينيين كانوا يدرسون في جامعات بريطانية على نفقة الدولة، لانهم تظاهروا امام السفارة البحرينية في لندن تضامناً مع المحتجين في ميدان اللؤلؤة واحتجاجاً على قتل عدد منهم على ايدي قوات الامن التي اقتحمت الميدان تحت جنح الظلام.
فصل العمال وقطع المنح الدراسية عن الطلاب بسبب موقف سياسي، اجراءات انتقامية لا تليق بأي حكومة تريد ان تنتمي الى المجتمع المتحضر، وتتطلع لكي تكون مركزاً مالياً عالمياً، لسبب بسيط، وهو ان مثل هذه الخطوات التعسفية، واياً كانت مبرراتها، لا يمكن ان تعزز الاستقرار الذي هو شرط اساسي لطمأنة المستثمرين والقطاع البنكي، بل قد تؤدي الى نتائج عكسية تماماً.
المواطنون البحرينيون يجب ان يكونوا متساوين امام القانون، وان لا يتم التمييز بينهم حسب العرق او المذهب، خاصة ان الحكومة تؤكد دائماً على تمسكها بالديمقراطية وحقوق الانسان وحكم القانون.
فرض الهدوء بالقوة، ومن خلال حلول امنية مشددة ليس هو الاسلوب الأمثل، خاصة اذا لم توازه، او تتبعه حلول سياسية، واجراءات اصلاحية تخلق حالة من الطمأنينة في اوساط المواطنين. فمثل هذا الهدوء المفروض عبر اساليب الاعتقال، وقطع الارزاق، والمحاكم الخاصة، واغلاق الصحف بطرق مباشرة او غير مباشرة، سيكون في افضل الاحوال هدوءاً مؤقتاً قد لا يعمر طويلاً، لان النار ستظل ملتهبة تحت الرماد، وتنتظر هبة ما لإشعالها مجدداً.
التعليقات (0)