هدم منزل أسامة بن لادن
إقدمت السلطات في باكستان بإيعاز من الولايات المتحدة على هدم منزل أسامة بن لادن ، الذي قتل فيه على يد قوات أمريكية بتعاون غير معلن مع المخابرات الباكستانية.
في هدم المنزل ما يشير إلى مدى ثقل الإرث والإحباط الذي ينوء به كاهل الرسمي الأمريكي من رجل غرس فيهم الذعر الأبدي حيا وميتا . بدليل أنهم رغم إغتيالهم له فلا يزال شبحه وآثاره في الأرض تخيفهم وتقض مضجعهم .....
والذي كان يتتبع أمس مشاهدة القنوات الفضائية الأمريكية وحليفاتها وأجيراتها العربية في الشرق الأوسط بوجه خاص ؛ وهي تقوم بتغطية الخبر وعملية الهدم ؛ لابد وأنه قد خطر في ذهنه مدى إتياع رقعة وعمق هذه الفوبيا التي تتملك أعداءه وخصومه منه ؛ وتجاه كل ما يدل عليه ويشير إليه أو يذكّر الناس به.
وسواءاً قتلوه أو صلبوه أو شُبّهَ لهم فلا يهم .. وسواء طاردوا زوجاته وتعقبوا أولاده وبناته وأحفاده ؛ فلن يغير كل هذا من حقيقة أن أسامة بن لادن قد تمددت قامته ومقامه ففاق زمانه ومكانه بمراحل ... وأنه رحل عن الدنيا بجسده بعد أن ابقى فيها كاريزميته وإرثه الروحي وأسلوبه الخاص به في النضال السياسي والدفاع عن العقيدة والوطن ....
لا يهم ما إذا كنا مقتنعين أنا وأنت بنهجه وأفكاره .. ولكن المهم أن نكون على قناعة بأن هناك من هو على قناعة وإيمان راسخين بأفكاره هذه وأسلوبه ذاك . بل وأن هناك الكثير من القنبال الفكرية والعقائدية العنقودية التي ستوالي إنفجاراتها تنظيميا هنا وهناك في كافة أنحاء العالم على طريقة بن لادن ، أو بطريقة أخرى أكثر تطورا أو معدلة بالمجمل. لكنها جميعا ستظل تعمل بمرجعيته النضاليةً . تستوحي منه ثباتها على المبدأ وتتخذه رمزاً لها.
والأخطر من كل هذا وذاك أن بن لادن لم يعد مرجعية راسخة ومصدر إلهام لبعض التيارات الإسلامية فحسب .. بل أصبح ملكا للجميع بغض النظر عن لونه وجنسه ورائحته وديانته وموطنه وعقيدته وطبيعة أو عدالة قضيته التي يكافح لأجلها .
وحيث أنه لا يتوقع بأن يتمكن أيمن الظواهري أو غيره من أن يملأ مكان أسامة بن لادن أو يضاهي ألقه كمرجعية مركزية وسيرة ذاتية ... فإن الذي يبقى من توقعات هو ظهور نسخ محلية لإبن لادن هنا وهناك بحسب الظروف والأحوال ولعقود من الزمان ..
ثم ماذا بعد هدم منزل أسامة بن لادن إذن ؟ ..... لاشيء سوى الدلالات على الخوف والرعب منه حياً كان أو ميتاً. وأن المادة والآلة تظل دائما ضعيفة منهكة في مواجهة الروح المتوثبة المؤمنة بعدالة قضيتها وموقفها.
التعليقات (0)