لاشك ان الاحتلال الاسرائيلي لن يهدأ له بال حتى يحقق اهدافه كلها السرية منها والمعلنة ، والمتمثلة بسيطرة الكيان الصهيوني على المنطقة ككل بشكل غير مباشر ، وفلسطين والقدس بشكل مباشر، وجعل القدس عاصمة لدولتهم والتي لن تتحقق تلك القدسية للمدينة عندهم الا باقامة هيكل سليمان المزعوم مكان الاقصى المبارك ، اضافة الى بسط النفوذ الاسرائيلي بكافة اشكاله في المنطقة .. واذا كان لدى الكيان الصهيوني اي عوائق او سدود او مخاوف من تحقيق تلك الامنية فهي " الاقصى المبارك " وكيفية هدمه واقامة الهيكل المزعوم لانه وحسب التلمود فان قدسية المدينة لديهم لاتكون بدون الهيكل ولامعنى لديهم من جعل القدس عاصمة بدون الهيكل ، وبطبيعة الحال فالهيكل مكان الاقصى وتلك المعضلة الكبرى عند حاخامات بني اسرائيل وذلك لعدة امور اهمها ان الكيان الان يعلم ان هدم الاقصى باي شكل من الاشكال يعني ثورة عارمة في المدينة وفلسطين باكملها بل والعالم العربي والاسلامي ، ولهذا فقد عملت الالة الصهيونية على تهويد الافكار العربية اولا وعبر عشرات السنين ، تارة بالتخويف من اسرائيل وقوتها بالمنطقة وقدرتها على ضرب من تريد ووقتما تشاء واينما كان ، وتارات عديدة بغسل الادمغة عبر الاعلام المتنوع التي تسيطر عليه بلا منازع ، وسنتطرق لهذا الموضوع لاحقا ، ثم ايضا خوف حكماء بني صهيون من عواقب ردود الفعل وليس من ردود الفعل فقط ، بمعنى انهم لن يلتفتوا الى الغليان والانتفاضات والحوادث الفردية والمتوقعة وانما من تبعاتها وما سيترتب عنها وبالذات مما هو موجود عندهم في التوراة والتلمود ويتناسب ويتوافق مع ماهو في القرآن الكريم والسنة النبوية ومنها زوال دولتهم وما يتبعها من احداث " لتفسدن في الارض مرتين ثم لتعلون علوا كبيرا " الاية . فاذا تحققت نبوءة ما في القرأن فان مابعدها وقبلها صحيح ، والعلو يتحقق لهم تباعا ، وهذا قلق ديني روحي يلازم حاخاماتهم ، وكلنا يعلم ان اسرائيل كيان ديني قائم اساسا على تحقيق نبوءاتهم ومنها انهم شعب الله المختار وتمكين اليهود في الارض وجهازهم الامني له ارتباط مباشر بالادمغة اليهودية والتابعة للحاخامات وتوجيهاتهم ، فهي دولة دينية ومؤسساتها تعمل لهدف تحقيق ماورد في كتبهم المقدسة ولهذا فهم يخشون تبعات ردود الفعل الاسلامي المتعاقبة وليست الحالية ، ولن يتحقق حلمهم الا بالعمل على اقامة هيكلهم المزعوم لتكتمل دولتهم الدينية ، ومن هنا جاء التأخير في هدم الاقصى وسيطرتهم على القدس الشريف ، فانتهجوا منذ فترة سياسة التدريج واشغال العالم بامور جانبية وكبرى ومصائب وويلات ، واتخذوا من سياسة التكرار والزمن منهجا لهم لاقناع واخضاع الناس ، ثم من التدريج في تحقيق الاهداف اسلوبا واشغال العالم بالمصائب والفتن طريقا للسيطرة الفكرية اولا ، فهم كما نعرف يسعون لتشويش الافكار وقلب الحقائق حتى يختلط الامر على الناس ويفقدون القدرة على التمييز بين ماهو غث وماهو سمين ، وهذا ما حدث الان للمسلمين ، وعلى سبيل المثال ما حصل في دبي مؤخرا من اغتيال المبحوح وتبعات تلك القضية وما نتج عنها ، وهنا اقول هل قتل محمود المبحوح اعظم من ابادة شعب غزة في حرب اسرائيل الاخيرة على غزة والتي قتلت اسرائيل فيها اكثر من 1600 فلسطيني في عملية اغتيال شعب باكمله على مرأى ومسمع من العالم كله دون ان تكترث لاي رد فعل عالمي او اقليمي ؟ وهل المبحوح اكبر سياسيا من قيادات حماس الذين اغتالتهم ايادي الصهيونية مثل الشيخ احمد ياسين وعياش والرنتيسي وغيرهم العشرات ؟ وهل كانت تعجز عن قتل المبحوح او اعتقاله في غزة ؟ وهل هو العقل المدبر لحماس والدينمو المحرك لعملياتها العسكرية حتى تحشد له كل هذا الحشد في دبي لقتله ؟ وهل الرجل خطير لدرجة ان حماس لم ترسل معه مرافق واحد يسهر على حمايته ولو بصفة صديق اوتاجر او اي صفة اخرى ؟ وبعد هذا وذاك هل يحتاج اغتيال رجل مدني غير مسلح وخارج دولته وليس له حراسة ويقيم بفندق عام ومفتوح الى كل هذا الحشد الامني القادم من اكثر من عشرة دول لقتله ؟ ام ان الامر فيه اشغال لعقول العرب وتهويل لاسلوب الموساد حتى صرنا نخاف لمجرد ذكر كلمة الموساد ، وبالتالي استخفاف امارة دبي نفسها بالعقول العربية من حيث تبعات الحدث ، فكل ساعة يطالعنا مدير شرطتها ليعلن اكتشافه لمجموعة جديدة شاركت بالعملية ونسي انه بهذا التهويل يساهم عن قصد او غير قصد بتعظيم عمل الموساد وانهم ممكن ان يجندوا جيشا باكمله لتحقيق هدف لهم ، وبهذا فان من تريده اسرائيل تستطيع ان تاتي به اينما كان ولن يكون في مامن حتى لو اقام على ارض عربية مشهود لها بالامان كدبي ، وغير صحيح ان مايصرح به ضاحي خلفان يثبت قدرة الامن الاماراتي على اكتشاف الصعاب ففي دبي قتل الكثيرون وهي ساحة مكشوفة لاي عمل استخباراتي ، بل على العكس لقد اثبتت حادثة المبحوح ان سياسة دبي في استقبال اكثر من 38 جنسية اوروبية وامريكية دون تأشيرة مسبقة ومنع العرب من الدخول حتى لو عبور لساعات هي سياسة فاشلة جعلت من دبي مركزا عالميا للتجسس وتصفية الحسابات كما كانت مالطا وبانكوك في السابق ، ففي دبي قتل معارضون شيشانيون "رئيس اسبق" ومعارضون عرب وفنانون وشخصيات عامة وهي حوادث تتكرر في دبي اكثر من غيرها وباعتراف ضاحي خلفان نفسه فان الحادثة كانت ستسجل طبيعية لولا اتصال هاتفي بالشرطة يؤكد هوية المبحوح ؟ بمعنى انه لولا الاتصال لضاع دم الرجل كما ضاع غيره ، وهل سألنا انفسنا لماذا كل هذا التهويل في الامر حتى ان رئيس شرطة دبي يريد القبض على كل رؤساء الموساد واركان الحكم الاسرائيلي دفعة واحدة وكل من يتابع تصريحاته على التلفاز يشعر انه سينقذ العالم من اعمال بني صهيون وهو على كل حال اشبه بفيلم هندي واسع الانتشار الهدف منه تهدئة غليان الشعوب نتيجة مايحدث يوميا من قتل وابادة وتشريد ، ولاتزال لقصة المبحوح واكتشافات ضاحي خلفان فصولا عديدة نتابعها معا على محطات التلفزة المتنوعة ، واقول ان العملية برمتها وغيرها تهدف الى اشغال العالم الاسلامي والعربي بامور جانبية والتمهيد لما هو آت قريبا ، وبالطبع "الآت" سيكون كبيرا وتخشى منه اسرائيل اكثر من غيرها فهي تمهد له من سنين وهو " هدم الاقصى" وما سيتبع ذلك من احداث ، فاسرائيل الان تأمن جانب عدد كبير من الانظمة العربية والاسلامية ولاتخشى من الردود الرسمية والتصريحات الرنانة والشاجبة ، ولكنها تخشى من الشعوب وردود افعالها وتحديدا الداخل لانها وحسب اعتقادها فهي تأمن حدودها ولا تأمن داخلها واكثر ماتخشاه تواصل الداخل مع الخارج لانها تعلم انهما لو التقيا تزول اسرائيل ، وهذه حقيقة يجب فهمها ، ولهذا فهي تخاف من اي طريق يصل الداخل بالخارج فكانت المعابر المغلقة والاسوار الفولاذية وما ستطلعنا عليه الايام من اسوار اخرى حديدية وبلاستيكية وغيرها وكانت النقاط الداخلية العديدة ولعل هذا هو السبب في ان وحدات حرس الحدود الاسرائيلي من اكثر وحدات الجيش تدريبا واهتماما وقدرة واخلاصا لدولة اسرائيل ويتم انتقاءهم بدقة ، اضافة الى سياسة اسرائيل باشغال العرب بانفسهم حتى يسهل السيطرة عليهم واشغالهم عما يحدث لاخوانهم في الداخل الفلسطيني ، فكانت مشكلة العراق وتبعاتها والتي لن تنتهي ابدا ، ولنربط معا توقيت الانتخابات الدموية في العراق وانشغال العالم بها ، ثم اغتيال المبحوح وايضا تحرك القوات الدولية في افغانستان لضرب قندهار وطالبان والتشديد على ايران بقضية ملفها النووي ومحاولة الضغط على سورية بملفات عديدة بالاضافة الى اقرار المفاوضات الغير مباشرة مع اسرائيل كل هذا يتزامن مع حصار الاقصى واقتحامه وتكرار الحديث عن هدمه واقامة الهيكل تمهيدا للحدث الاكبر ، فاذا سلمنا ان الاصابع الاسرائيلية تلعب بالعراق وهذا لامجال للشك فيه ، وهي نفسها تلعب في لبنان وتهدد ايران وسورية فما الهدف الحقيقي لها على الواقع الجغرافي " كدولة اسرائيل " يعني لماذا تفعل اسرائيل هذا ؟ هل لمجرد اللعب بالمنطقة ام لتحقيق هدف استراتيجي لها على ارض الواقع وهو تهويد القدس " كامل القدس " واقامة هيكل سليمان مكان الاقصى وعدم خوفها من ردود فعل الشارع الاسلامي والشباب الاسلامي والتي تحاربه في كل مكان في العالم وبايدي اسلامية ، واخيرا لابد ان نعرف الحقيقة الغائبة عن المسلمين تقريبا وهي ان اسرائيل وحاخامات اليهود يخافون من قرآن المسلمين اكثر من المسلمين انفسهم " فاعتبروا يا اولي الابصار " الاية
د. رشيد بن محمد الطوخي
التعليقات (0)