مواضيع اليوم

هدف الأنسان الذاتي في الحياة ... رؤية إجتماعية .

صفاء الهندي

2013-11-02 18:32:19

2


الجميع لديهم أحلام - أماني - مشاريع في حياتهم وخيالهم يتمنون تحقيقها ، لكن لماذا لايستطيعون أن يجعلوا من هذه الأماني والأحلام أهداف ؟
هناك فرق بين الحلم والهدف ...
إن الحلم : فوق أرض الواقع ومقره الخيال وكثيراً مانرفع رؤوسنا إلى الأعلى ونحن نحلم وكأننا نشاهد أحلامنا .
أما الهدف : فلا تستيطع أن تجعله هدف إن لم تحدد له مكان .
ومعنى أن أجعل حلمي هدفاً يعني أني أحدد له موقع وعلى أرض الواقع لأتعامل معه بواقعية أيضاً بعيداً عن أحلام اليقظة ، فالواقع نشاهد فيه الأمور بوضوح وأيضاً نواجه فيه المتاعب والمشقة أحيانا ، وعلينا التأكد إن لم نُحدد الهدف ! فمعنى ذلك أننا رضينا لأنفسنا السير في طريق لا نهاية له .
مثلاً :
انا أطمح للثراء ! ولم أحدد كم المبلغ الذي سأجنيه نهاية هذا العام  ، ولم أضع لنفسي خطة كي أسير عليها لتحصيل الثراء .
 فتأكد إن أنت لم تحدد لنفسك مبلغ معين ، لن تستطيع أن تحصل عليه ، لأنه لا يوجد إنسان في هذا العالم يكره الثراء ، فمالذي سيدفعك إلى العمل الإضافي وتحمل مشقة التعب الزائد ... سوى الهدف الذي تسعى للوصول إليه ...
مثال آخر :
انت تطمح أن تحفظ القرآن ، ولم تحدد جدول زمني يلزمك لحفظ جزء من القرآن ...
فتأكد أنك لن تصل إلى طموحك ، لأننا بطبيعتنا كبشر  لا نحب التعب ... فمالذي سيجعلك تترك عملك في دائرتك أو في معملك أو أيٍ كان عملك وتلزم نفسك بالجلوس في الغرفة وقراءة الجزء كذا مرة لتحفظه ..، سوى الهدف الذي تريد الوصول إليه ، من هنا يجب أن نعرف أهمية الهدف .
وقد يتبادر إلى ذهن أي أنسان هذا السؤال الصغير : ما هو هدفي في الحياة ؟
بغض النظر عن سبب الخلق الذي خلقنا الله له " لعبادته وتوحيده " سبحانه
لكن أسأل ما هو الشيء الذي أريده لنفسي وأطمح إليه ؟ أن أصلي وأصوم فقط وأن أدخل الجنه نعم ! لكن هل عبادة الله هي السبب الوحيد الذي يجعلني أدخل الجنه ؟
إن الله سبحانه جعل عبادته رابط بيننا وبينه لتصفو الروح ونستدل على طريق الصواب فعلمنا كيفية التعامل مع الآخرين وكيف نحيا حياة حرة وسليمة ، ثم حين تنتهي حياتنا ونموت ثم يأتي يوم الحساب سنجد في صحائفنا كل صغيرة وكبيرة ،ياحسرتنا على ما فرطنا في جنب الله وأيضا سنجد أهدافنا وطموحاتنا وما كنا نريد ونبتغيه من الحياة التي خلقنا الله فيها فنحن بطيعتنا نفكر في العاجلة قبل الآجلة فنفكر غالبا في نتائج الدنيا .

إن الفرق الأساسي بين الإنسان وغيره من الكائنات الحية أنه وحده الذي يمتلك القدرة على وضع الأهداف وتحقيقها , فإذا لم يحدد الإنسان هدفه في الحياة فإنه لا يستحق إنسانيته بعد أن أضاع حياته عبثاً ، فالإنسان الذي استخلفه الله في الأرض  هو الذي يعطي حياته قيمة ويجعلها مميزة فالحياة معناها أن تكون لدينا رسالة نؤديها , وحين يمتلك أحدنا أهدافًا حقيقية ورسالة فاعلة وصحيحة في الحياة فهذا سيكون قد أعطى لحياته ما تستحق من تقييم ، أما الذي لا يملك أهدافًا محددة في الحياة فإنه سيبقى يتخبط في حياته بعشوائية , لا يدري أي الطرق يسلك ولا يعرف أين يسير .
تختلف رؤية الأنسان وتتباين من شخص لآخر في التساؤل عن ماهية هدف الأنسان في الحياة او ماهي فلسفته :
هدف الأنسان الذاتي ... وهدفه المرسوم الذي خُلِقَ من أجله ! ؟
اجاب البعض في هذا الأستطلاع :
بأن النجاح .. هدف كل انسان مهما إختلفت الفكره .. فالمعنى واحد .
وآجاب آخرون :
خلقنا الله للعبادة بحسب قوله ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) أمّا هدف الانسان نفسه فبالتأكيد يختلف من شخص لاخر ! .
وقال غيرهم :
تنطلق معرفة هذا بحسب كلٌ ودينه وما يعتنق من عقيدة طالما أنَّها تختلف بين مجموعة وأخرى غيرها .
وقال بعضهم في الأنسان وهَدَفَهُ الذاتي :
أن هدفهم في الحياة هو تحقيق وجودهم من خلال السعي الى تحصيل الحياة الكريمة التي يحلمون بها  ... .
وعَبَّرَ آخرون :
يتبلور هدف الأنسان في الحياة وماهيَّته بحسب تفكيره , وحسب عقليته , وحسب فهمه للحياة في أنه هل يعيش لمجرد ان يعيش أو يعيش لأجل أن يعيش ؟ أم أن هناك غاية أخرى وهدفٌ آخر أسمى قد أوجِدَ لأجله  !؟ .
وقال غيرهم :
أن الله قد خلق الأنسان من أجل إعمار الارض وتحصيل مراضيه ، وبهذا يُصبح الأنسان مُلزَم بتحقيقها كهدف له ، ويتماها هذا مع تحقيق ذاته ووجوده وتحقيق قيمة له تُذكر وتشهدُ له في الحياة بما لايخرج بحال عن الغاية الأساسية التي أوجده الباري تعالى لها .  
وقد إمتازَ آخرون عن غيرهم وعبَّروا عن ماهية هدف الأنسان تعبيراً كان أبلغ وأكثر حكمة وفلسفة لهذف الأنسان في الحياة :
الانسان الذي لا يحمل فكرة ورسالة وهدف هو أقرب مايكون الى الحيوانية او الدونية الغرائزية طَبْعاً وسلوكاً منهُ الى الأنسانية ! ووجوده بهذه الصفة يعتبر عالة على المجتمع ، ولو أطعمنا بثمن طعامه دابة او حيوان منتج لكان افضل فائدة وأكثر خدمة للمجتمع .
وقال آخر مُوضحاً هدفه هو في الحياة وما يواجهه من صعوبات في تحقيق هذا الهدف :
على الرغم من كم الصعوبات الهائل الذى أُواجهه فى حياتى أشعر ان هناك شئ مختلف أسعى الية أو خُلِقتُ من أجله ، مع إنِّي أُريد مثل باقى البشر المال والبنون بما هو طبيعي ، فلو نظرنا للحياة وقانونها الطبيعي فضلاً عن القانون السماوي نجد أننا نسير في رتابة متناهية نسعى مثلاً للزواج ثم الاطفال ثم تكوين أسرة ثم الاطمئنان على مستقبلهم ثم الموت ، إنها رتابة زائدة مُملَّة ،
يا للكآبة عندما أرى أن مستقبلى سيكون هكذا ! إنى أسعى لشئ اكبر من هذا فلو وجدت سعادة فى إمتلاك العالم لكافحت لإمتلاكه و لكنى لم أجد !
بالتأكيد يوجد شئ عظيم خُلقنا لأجله أو من أجل تحقيقه ! و لكننا نجهله لذا نحن لم نكلف أنفسنا في السعي لإمتلاكه ... إنه الأبدية و الحياة فى شوارع من الذهب و الاستماع الى موسيقى ملكوتية لا تشبع الاذن من سماعها
والاستمتاع برفقة الاصدقاء من الملائكة و الأبرار التى لا يُمل من رفقتهم
وأيضاً أفضل رفقة على الإطلاق هى رفقة الإله الذى صنعك و جعلك من
التراب .

تساؤل آخر يرتبط إرتباطاً عضوياً مع هدف الأنسان في الحياة دائماً ما يتطرق له البعض عندما يُواجه به : فيختار اوتوماتيكياً الخيار الثاني من التساؤل " هل الأنسان مُخَيَّر ... أم مُسَيَّر " ( رغم أن لهذا المصطلح تعاريف أخرى .. إلا أننا نناقشه برؤية إجتماعية ) ومعزّى ذلك وسببه شِحَّة خيارات الأنسان في مجتمعنا العربي والأسلامي وضيق أُفق واقع فلسفة الحرية الممنوحة بهذا المجتمع .
فرعم ما تعلنه كل أفكار وقوانين الأنظمة الحاكمة في العالم الأسلامي من شعارات رنانة في الحرية والأختيار إلا أنها لازالت تقيده بالعوز والبؤس والحرمان ... ولم تستطع أن تنفتح مع شعوبها وتعبر مرحلة الأيديولوجيا والسيطرة ، وتترجم هذه الشعارات وتذوبها بما ينسجم مع تطلعات شعوبها ويخدم حرياتها وحياتها وخياراتها ، بما يعود نتائجه بالتالي الخير والرفاهية للجميع .
إن حالة الشعور بالأحباط في مجتمعنا أضحت أمراً عاماً قد أصاب الجميع حتى مع تفاوت هذا الشعور وأسبابه , فقد شعر الجميع أنهم سواسية في الفقر و سواسية في الإحباط العام لأن الآخرين " الأيديولوجيين " وحاشيتهم ومن يدور في فلكهم يملكون كل شيء ويتقاسمون كل شيء ، الحرية ، و الثروة ، والسلطة والنفوذ وحتى الوظائف بالبلاد , والفتات يرمي للمحرومين دون حتى أدنى تعبير وإهتمام عن حالة الحزن التي تنتاب الفقراء والمعوزين عند تناولهم هذا الفتات, كان هذا لا يعرفه الكثير من دعاة الحرية .
لكننا نسعى وطموحنا أن تسير حياة مجتمعنا وأُمتنا كحياة الشعوب والأمم الأخرى المتحررة التي نالت إستقلاليتها وحريتها في الحياة من جديد وأُتيحت لها الخيارات ! فإنها بالتأكيد ستسعي لان يملئ الحب والعدل والسلام ربوع البلاد وتزدهر حياة الفرد بإطلاق كافة الطاقات لتنمو البلاد نمواً تستطيع معه الناس أن تعيش حياة مليئة بالكرامة والعدل والمساواة ، فلا تعود بمكان إجابة الفرد حتى وهو يكلم نفسه ، لأن الخيارات أصبحت كلها متاحة .










صفاء الهندي





التعليقات (2)

1 - بغداد

محمد - 2015-01-12 17:06:51

جيد

2 - تعلرق

الحظ الصائب - 2015-01-12 19:55:54

كلام رائع استفدت منه وكنت اتسائل بالماضي لماذا لااستطيع تحقيق ماأفكر به كالثراء والتجاره او الدكتوراه او الوصول لمستوى تعليمي ممتاز وعرفت من خلال مقالك انه كان ينقصني ترتيب الاهداف والبدئ بواحده واحده فالاراده سكين تذبح بها الفشل تحياتي لك سيدتي صفاء

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !