مواضيع اليوم

هاانااخونك ياابي

روح البدر

2009-06-04 06:49:26

0

ها أنا أخونك يا أبي
ا

 

 

(الرجال كالخيول .. تموت إذا استراحت (

 

 

 


كيف أعتذر له ؟

الهندي التي تبثه البي بي سي بفخر مصورها الذي أتقن اصطياد هذه المأساة ،

يشكو بإستحياء ودموع : أهلي يموتون جوعا ولا أملك مالاً .. ماذا يفترض بي أن أفعل ؟

ثم يغرق في نحيب يكيل إليك صفعة عار رطبة ،

يبكي ويثير في قلب أبي هواجس كثيرة ودعوات ضخمة - رغم نقاءها - بألا يصل مستوانا إلى هذا الحد

وحدها أمي لم تتمكن من فك شفرة الشكوى في بدايتها ..

بقيت صامتة .. مشدوهة ثم انكسر

لم يكن من المفترض أن نلتقي أنا وإياه على حدود الشاشة

هو هناك نصف عار على بساط بيته المتهتك ..

وأنا بعباءتي الجديدة في الشارع الآخر بعد العدسة ..

وبيننا المصور ..

الرجل الذي يعيش على أحزان الآخرين ..

يخلد لنا دناءة البشرية ثم يعود إلى أهله معافاً سليما لأن سواه يموت بوحشية إنسانية !

 

 

طُرد أبي من الشركة التي يعمل فيها قبل الأزمة بشهور عديدة

مما يؤكد لي أن العملية لا علاقة لها بتاتا باقتصاد ينهار أو شركات تفلس ..

 

لكن مدير الشركة ..

وابن خال زوجته ..

وصديق طفولته ..

 

يريد تجديد دماء الشركة بأرواح شابة ..

لذا ..

 

كان ما كان ..

 

 

 

 

 


 

 

كنت أتهرب من الكتابة عنه .. ،

لعلمي أن رجلا كأبي لا يحب أن أعلق شكواه على حبل البوح لألوف لا تعرفه .. ولن تعرفه

لربما اعتنق بصمت مبدأ أن الشكوى لغير الله مذلة .. ،

 

لذا قرر منذ ازمته الأخيرة أن يحوقل إلى الأبد كلما أعاد خنجر القضية وجعه

 


أبي الذي تخطى الخمسين قبل أكثر من عامين .. ،

ولا يزال مصراً على القيام صباحا بحماسة شاب في الثلاثين ساعيا وراء خبز أهله .. ،

ولم يفكر قط ..

أنه سيترك هذه العادة التي تستنزفه مضطرا

فلطالما ظن أنه سيعمل حتى اللحظة الأخير في عمره .. ،

 


أفكر رغما عني بمدير شركته ذاك ..

ترى ..

أكان يدرك معنى أن تسلب رجلا وظيفته في الخمسين ..


لتتركه هكذا مجردا من أي فرصة لإعالة أطفاله السبعة ..


رغم علمه أن هذا الزمن الشحيح لن يتيح له أبداً فرصة العمل مرة أخرى ،


وإن كان مستعدا لذاك حتى وإن كان الثمن روحه .. ؟؟؟

 

 


أكان يدرك حجم الخزي الذي يحتل فؤاده كلما استيقظ صباحا بلا وجهة تقوده

ليقتل تلك الساعات الصباحية الست .. موهما عياله بأنه يعمل ؟؟؟

 

 

أكان يدرك شكل المرارة التي نحرت شهيته على مائدة الإفطار ..


ونحن نرسل لله دعواتنا بأن يوفق هذا الرجل الخمسيني دون أن نعلم

أنه بلا عمل أصلا لمدة ناهزت الأسبوعين .. ؟

 

 


أكان يدرك ..


أنه خلال أيام الصدمة تلك .. كان يحاول إسعاد أول عرائس بيته بكل ما يملك دون أن يملك شيئا أصلا .. ؟

 

كيف يمكن لرجل يعلم كل هذا ..


أن ينام مطمئنا في اللحظة التي يستغرق فيها صديقه في تأمل سقف حجرته ليلا

باحثا عن سبب واحد يرسله إلى النوم مطمئنا بأن الغد سيكون يوما أفضل ؟؟؟؟

ها أنا يا أبي أخونك مرة أخرى ..

فأكتبك ..

 

رغم علمي أنك لن تقرأني.. ،

أخونك إذ أصور لهم بعض معاناتك متجاهلة وصيتك الأبدية بإظهار الرضا رغم كل شيء .. ،

 

اعذرني ..

لكنني حتى هذه اللحظة أشم فيك ألم الخيبة .. وأحس بكل تصدعات روحك من تلك الواقعة ..

وأخجل منك ..

ومن واقعنا ..

ومن العمر ..

والناس ..

 

وأعتذر لك نيابة عن العالمين جميعا ..

هم الخاسرون لا أنت ..

وفي السماء رزقكم وما توعدون ..


عسى الله أن يظلك برحمته ويجعلك كمن قال فيه ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا )

يا أبا إبراهيم اصبر .. وما صبرك إلا بالله


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !