مواضيع اليوم

نيتشه ؛ ناطِفُ الحكمةِ .. محطّمُ الأوثان .. !!

سعد الياسري

2009-06-02 07:11:14

0

نيتشه في عام 1882

نيتشه ؛ ناطِفُ الحكمةِ .. محطّمُ الأوثان

 

خارج السّياق :

في عام 1994 كنتُ في التاسعة عشرَ من عمري طالبًا في السّنة الجامعيّة الأولى في بغداد | العراق ؛ وقتها سمعتُ بزارادشته الحكيم المُلْهَم للمرّة الأولى . في حينها لم أكن أمتلك معشارَ الوعي اللاّزم لفهم هكذا جسارة ، إذ كانت اهتماماتي تنصبّ في اتّجاهات أخرى تمامًا . عدتُ إليه مرّة أخرى راغبًا عطِشًا – على خجلٍ – في عام 1999 في طرابلس | ليبيا حيث قرأتُ مقتطفاتٍ من (هكذا تكلّم زارادشت) و (العلم المرح) . ثمّ عانقته مطوّلاً – بلا خفَر - بشكلٍ أقرب إلى (الولع) هنا حيث أقيم في يونشوبنغ | السّويد بين عاميْ 2004 - 2008 .


قرأتُ أهمّ كتبه المترجمة إلى العربيّة (هكذا تكلّم زارداشت | العلم المرح | ما وراء الخير والشر | عدوّ المسيح | أفول الأصنام | الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي | هذا هو الإنسان) والكثير من الملخّصات لكتبه مثل : (جنيالوجيا الأخلاق | قضيّة فاغنر | الفجر | معاينات غير معاصرة) ، والعديد من الكتب التي تناولته بالنقد والدراسة ، إضافة إلى المقالات المتنوعة حول فكره .


لذا يمكنني أن أزعم أنّي (نيتشويّ) الهوى بلا ميْل ، و دون أن أشعر بخذلان المعرفة .. أو قلّة الحيلة . أخالفه في الكثير ؛ نعم وبلا شك ، و لكنّي أقف أمام رؤاه حول (الدين) تحديدًا بشيءٍ من التقدير لا يناله غيره ، حيث أعتبره العقل الوحيد الذي لامس بصدمة النّور شغاف عقلي و قلبي معًا . (نيتشه) هو الوحيد الذي لم يضيّع وقتي سدىً بمرور الزّمن كما فعل (الحكماء السبعة : لأنّهم حمقى في رأيي ويمكنني التدليل على ذلك) و (إفلاطون : الحالم الطوباويّ) و (أرسطو : بمعارفه المثيرة للحسد شتّتنا جميعًا للأسف) و (الفارابي : الخجول أمام الله و الوحي) و (إخوان الصّفا : الدينيّون الكسالى في الرياضيّات) و (ابن رشد : المُرائي) و (ديكارت : البسيط الذي لم يُثبت شيئًا ذا قيمة) و (اسبينوزا : الذي لا أعرف كيف تجرّأ على كلّ هذا ) و (كانط : شيخي ؛ الذي هو خارج الزمن الآن) و (هيغل : الذي أشعر بالغباء حين أقرأ له كوني لا أفهم شيئًا) .. وغيرهم كثر . أمّا (نيتشه) فلم يضيّع وقتي يومًا .


ومن هنا قرّرتُ أن أكتب مقالاً على هيئة حكاية تارةً ، و تلخيص أخرى . إنّها كتابة سريعة و مركّزة للمهتمّين بآراء الرّجل .. كتابة سأبتعد فيها عن قلق الهوامش و ربكة الإحالة ، و سأكتفي بإشارت سريعة من أجل عودة المهتمّ إليها .

مدخل :

أميل لتعبيرِ (ديورانت) حين يقول عن (نيتشه) : (يلهبنا بسِياط خياله لا بمنطقه . فنختلف معه ؛ ونحبّه ) . نعم ؛ هو بالفعل كذلك . وهو أيضًا يجلدنا بالغايات و يحاصرنا بالنّوايا ، ويحلّل كلّ ما يجري كآلةٍ مجيّرةٍ لفضح المرض . ينتزع منّا ملامحَ وجوهنا المصدومة ، و يمنحنا وعيه الأكمل إذ أنّ (النفوس النبيلة تأنف أن تأخذ شيئًا بلا بدل) .


هو أكفأ من جسرَ و بمبالغة لا ينقصها الوعي ؛ على القول قبل قرنٍ من الآن : (سأضع البشريّة عمّا قريب أمام إلزاماتٍ جسيمةٍ ؛ لم تعرف لها مثيلاً في السّابق) [انظر : هذا هو الإنسان] و قد فعل .
نستهجنُ خلوّه من الشّفقة ؛ و تلمع في أعيننا الدموعُ الكاملة الصّفاء لهول ما تحلّى به من رحمة و حُنوٍّ في مواقفَ عدّة . نستغربُ تبسيطه لقضايا الموسيقى والفن ، و نشهق بالرّوعة لهوسه الديونيزوسيّ . نبتكر صفاتٍ تليق بفيلسوف ومعلّم ؛ فنسمع صداه مؤنّبًا إيّاكم أن تفعلوا . فهو لم يُرد حتى أن يكون له أتباع من نوع (المريد) الذي يمجّد (شيخه) بل أكثر من هذا أوصانا : (اخجلوا من انتسابكم إليّ فلقد أكون لكم خادعًا) . ونخجل منّا لبراعته في سبر أغوار النفس البشريّة ؛ إذ كان أوّل عالم نفس حقيقيّ لا يسلك سُبل الدجل والخيال . بل أنّ له التأثير الطاغي على (أبو علم النفس الحديث) و أريد (فرويد) الرائع بالطبع . (فرويد) الذي طالما أنكر – بل اجتهد في إخفاء – تأثّره بأفكار (نيتشه) كي لا تترسّخ تلك النّظرة الواضحة لكل ذي عقل رشيد ؛ والتي تقول بأنّ الرّجل – و من زوايا عدّة – قد التهمَ (نيتشه) التهامًا .


هو الكائن الأكثر (طاووسيّةً) بين معشر العباقرة ؛ لشدّة غروره و اعتداده بما يكتب . و الحقّ أقول لكم أنّه نجح في إدخال مفاهيمَ و مصطلحاتٍ جديدة إلى الفلسفة و علم النّفس لم يسبقه إليها عقل . ونجح في أن يكون الصّوت الأعلى إلحاديًّا في أخر 130 سنة . بل أنّه أقرب نسق معرفيّ و فلسفيّ إلى الواقع ؛ إذ ابتعد عن التمويه و زخارف الغموض و فقر الدَلالة كعِللٍ ابتُليَ بها أقرانه الفلاسفة ، وذلك من خلال لغته الشّاعريّة الرّشيقة اللاّهبة ، والتي لا غرابة أن أهّلت زارادشته – مثالاً - لتلك المنزلة الرّفيعة ككتابٍ يُقرأ بوجهين أدبيّ | فلسفيّ . ككتابٍ يُعدّ – في رأيي - واحدًا من أهم خمسة كتب أنتجتها البشريّة منذ الأزل . و هو – (نيتشه) أيضًا - أوّل من جمّد لنا صورة (الأصنام) وهي تهوي تحت وقع مطرقته .. لا لشيء إلاّ لنطمئنّ لقدرتنا الكامنة ، و نكون أحرارًا قادرين على حراسة تلك الحريّة .


إنّه أهمّ صوت نخر قناعةَ الكون التي ظنَّ بأنّها راسخةٌ في يوم من الأيّام . أو بعبارة (جورج ديب) سنقول : (نيتشه أجرأ ذهنيّة وُجدت على الأرض ، و أقوى عقليّة قيّضَ لنا أن نسمع صوتها) . إنّه لا يقولُ لأنّه يريد أن يقولَ فقط ؛ بل لانّه عابرٌ برسالة تغييريّة . عابرٌ عاش بيننا ستّةً و خمسين عامًا . المضيءُ منها تسعة عشرَ عامًا – حيث بقيّةُ عمره سدى – كتب خلالها عدّة مؤلّفات . الأشدّ إشراقًا ستّةُ أعوام [1883 – 1889] كتبَ فيها عشرة مؤلّفات هي وقودٌ ضروريٌّ لكلّ الفلسفات غير الدينيّة بل و بعض اللاّهوتيّة على مدى القرن الأخير .. و حافزٌ للمدارس والاتّجاهات الفكريّة العامّة : ما بعد البنيويّة و التفكيكيّة و مابعد الحداثة . مؤلّفات من بينها : (هكذا تكلّم زارداشت | العلم المرح | ما وراء الخير والشر | عدوّ المسيح | أفول الأصنام | هذا هو الإنسان) .


هذا الفيلولوجيّ المحنّك هو – في رأيي و آخرين بالطّبع - أهمّ من (فيورباخ) و (ماركس) و (فرويد) في مسألة إثارة و تحفيز العقل البشري بثوريّة السؤال ، و بجدليّة الحدود بين الإزاحة و الإزالة . وهو أهمّ من (ديكارت) و (هيغل) حيث نادى – مع آخرين - بالشّك حتى في الشّك والعقل نفسه .. العقل الذي هو ليس قيمةً ثابتةً أو موثوقة بالمطلق ، بعد أن ظلّت المدرسة الديكارتيّة لقُرابة ثلاثة قرونٍ محدودة الموضوعة ، بل و مكتفيةً بـ (الأشياء) لا بـ (العقل) الذي يشكّ إلاّ بمقدار . وهو أهمّ من (شتيرنر) حين وضع غاية مثلى لسموّ الإنسان و اقتداره عوضًا عن (الأنا المتقوقعة) و (العدميّة) السّلبيّة التي لا تؤدّي سوى إلى فوضى أفقيّة و بعدها يحلّ الخراب الأشمل . إنّه (نيتشه) المتغلغلُ في السياسة والفكر والأدب والأسطورة و علم النفس و الموسيقى و التشكيل و الدين بالضرورة .. ومن النّادر أن تمدّد مفكّرٌ بهذا الشكل (المستريح) قبله ، بل من المستبعد .


لذا فالحديث عنه مغامرةُ بلا ريب ، إذ من ذا الذي يتوهّم أنّه قد ألمّ بهذا العقل المتّقد جنونًا و حرقة . هي مغامرة أيضًا لمن لم يقرأ شيئًا للرجل حيث سيقف حائرًا أو سيشعر بالملل ؛ فـ (نيتشه) يحتاج إلى مقدرةٍ وجلَدٍ على استنشاق (هواء الأعالي) كما يصف نفسه و كتاباته . إنّها مغامرةٌ لصعوبة السيطرة على كافّة جوانبه و تناقضاته التي تجعل غير (النيتشويّين) مشمئزّين أحيانًا ؛ فيما تمنح (النيتشويّ) منهم دفقة الإصرار و العناد الضّروريّين لمواصلة الدرب .

الدّين :

على عكس المُرائين و فلاسفة البلاط ؛ فإنّ الدين لدى (نيتشه) واضحٌ بشكل لا يقبل اللبس أو التأويل المغالط . و لمّا كان قد أوغل في نقده اللاّذع للأديان عمومًا و لـ (المسيحيّة) خاصّة فإنّنا كعقلاء حين نقرأ آراءه عن (المسيحيّة) نسحبها و دون شعور بقلّة الضمير على بقيّة الديانات (الإبراهيميّة) و سواها . لأنّ الأديان في مجملها تشترك في محدّد واحد وهو (الوهم) ، أو (الخيال) كما يسميه هو .


البعض يرى بأنّ (نيتشه) لم يكن منصفًا و أنّ الكراهيّة أعمته و جعلته يبدو قاسيًا ولاذعًا تجاه المسيحيّة تحديدًا . فيما آخرون – أنا منهم – يرون بأنّه كان يعبّر عن نقيض الفكرة الدينيّة . و في هكذا مسائل يغدو الإنصاف أمرًا يقترب إلى الترف .. إذ لم نسمع – أو أنا على الأقل - بأنّ الأديان أنصفتِ الملحدين يومًا ؛ أو حتّى المتديّنين المختلفين عنها في المعتقد .


عمومًا ؛ يمكنني اختصار رؤية (نيتشه) حول الدين بشكلٍ موجز كما يلي :


أوّلاً : الله مات . الله الذي ظهر كمقاتل و بقّال وخيّاط على مدى آلاف السنوات مات . وكلّ ما جرى و يجري بعد ذلك لا يعدو عن كونه مراسم دفن لائقة . والمسيح – أيضًا - مات على الصليب وانتهى أمره ؛ ولو عاش إلى ما عشتُ أنا – يقصد نفسه – لتخلّى عن مبادئه . [انظر : عدوّ المسيح | هكذا تكلّم زارادشت] .


ثانيًا : الدين لاشيء . وكلّ متعلّقاته من قبيل (العالم الآخر | الخلاص | الثواب | العقاب | الحياة الحقيقيّة .. إلخ) هي تعني ببساطة : (اللاّ شيء) . فالدين عند (نيتشه) لا يلامس الواقع ؛ وهذا من خلال وصفةٍ أطلقَ عليها اسم (الانحطاط) . وصفة (الانحطاط) هذه تشمل الدوافع الوهميّة للأديان من قبيل (الله | النفس | الروح | الجبر .. إلخ) و المفاعيل الوهميّة من قبيل (الخطيئة | الفداء | النعمة | الثواب .. إلخ) وأيضًا تكوينات الوهم و علم نفس الوهم و الغائيّة الوهميّة . و أنا أحبّ مفردة (الوهم) أكثر من (الخيال) التي يستعملها هو بشكل مسرف . [انظر : عدوّ المسيح] .


ثالثًا : القائمون على الدين و مبتكروه و مفسّروه و سدنته ورهبانه ؛ هم في نظر (نيتشه) مجموعة من السجناء و المنبوذين . بل هم الأكثر اتّضاعًا وخسّة على سطح الأرض . هم مسخ من خليط أمراض و إرادة سُلطة . [انظر : عدوّ المسيح | هكذا تكلّم زارادشت | هذا هو الإنسان] .


رابعًا : ما دُورُ العبادةِ من قبيل (الكنيسة) مثلاً إلاّ أوكارٌ و كهوفٌ تعبق بالعفن ، حيث لا حياة نظيفة في أماكن تسم الناس بالخطيئة أو الخطيئة الأصليّة . [انظر : عدوّ المسيح | هكذا تكلّم زارادشت] .


خامسًا : يذهب (نيتشه) إلى الأبعد في رؤاه التي تؤسّس لفلسفتة الإلحاديّة الصّارمة ؛ حين يقول في بيانه الشهير (تشريع ضد المسيحيّة) : (التاريخ المقدّس هو تاريخ ملعون . و كلماتٌ مثل " الله " و " الفادي " و " القدّيس " يجب أن تعتبر سبّةً لتمييز المجرمين ) . بل أنّه فضّل أن يكون مهرّجًا على أن يكون قدّيسًا . [ انظر : عدوّ المسيح | هذا هو الإنسان] .


سادسًا : عبارات من قبيل (العناية الإلهيّة) هي تعيين نوع أكثر المصادفات الممكن تخيّلها حمقًا وسخافةً . [انظر : عدوّ المسيح] .


سابعًا : عمليّة (الإيمان) بشكل عام هي (فيتو) ضدّ العلم . (الإيمان) مقدّمة للكذب و بأيّ ثمن . [انظر : عدوّ المسيح | هكذا تكلّم زارادشت] .

أيضًا ؛ لقد عبّر (نيتشه) - بصراحة أو من خلال الفحوى - عن رأيه في الكثير من الأديان بمسمّياتها ؛ وهنا سأدرج بعض ما تيسّر لي :

اليهوديّة : تشترك مع المسيحيّة بنفس الفجوات الأخلاقيّة ، ولكنّهم – كيهود - شعب ذكيٌّ يمارس الإنحطاط متى ما شاء لحفظ ذاته . تحوّلَ هذا الشعب من مقاتل متمرّس إلى مجموعة من قطّاع الطرق والعبيد قاموا بأوّل ثورة ضد (السّادة) ومنهم أتت البقيّة . وهكذا تحكّمت بهم مجموعة الكهنوت الذين استمرّوا في تزييف مفهوم (الله) بل وتشويه بعض أبطالهم و وصمهم بالمنافقين والكفّار للتماشي مع نزعتي (الخير | الشر) من الزاوية الدينيّة لا الطبيعيّة . [انظر : عدوّ المسيح | العلم المرح] .


المسيحيّة : لطخة الانحطاط الأبدي في جبين الإنسانيّة . لم تدع شيئًا إلاّ ولمسته بفسادها . تمرّدت على كلّ متميّز . حملت غريزة البغضاء ضدّ كل بناء شامخ (يريد هنا الإمبراطوريّة الرّومانيّة) . وقامت بحرب على كلّ مشاعر التوقير و حفظ المسافة بين إنسان وآخر . أمّا الأناجيل فهي شهادة عن الفساد الذي لا يمكن علاجه وتطهيره . ولا يمكن قراءة (العهد الجديد) دون الشعور بتفضيل من يُعامل فيه بسوء لأنّه ولا بدّ كان حرًّا أبيًّا . ولم يفت (نيتشه) أن يصف المسيحيّين الأوائل بأنّهم علقة شاحبة سردابيّة . [انظر : كلّ كتب نيتشه بين عامي 1883 - 1889] .


الإسلام : هنا يجب أن أكون حذرًا في تمرير رأي (نيتشه) الذي يدل على عدم فهمه لـ (الإسلام) كديانة ؛ لأنّه لم يقرأ عنه كما يبدو و كما أشار (مترجم كتاب عدوّ المسيح) أكثر من ثلاثة كتب لـ (فيلهاوزن) و (مولّلر) و (جاكوليوت) . بل أنا – شخصيًّا - أجزم بأنّه لم يقرأ (القرآن) أو شيئًا من (الحديث) مطلقًا . لذا نجده – أي (نيتشه) – يمتدح أخلاق الفروسية والقتال واحتلال إسبانيا ، وأجواء العرب فيها ، والتي يصفها بـ (العالم الغرائبيّ) لقلّة معلوماته في هذا الشأن على الأغلب . بل ويطالب بالحرب على (روما) المسيحيّة و التّهادن والتّآخي مع الشّرق (المسلم) . ولكنّه يعود ليسخر من التعبّد الإسلامي تارةً ، و ليصف (محمّد) مع رهط آخرين بأصحاب الكذب المقدّس أخرى ، و ليتندّر على المذهب الوهّابي ثالثة . عمومًا ؛ يجب أن نعرف بأنّ كرهه للمسيحيّة أدّى به إلى الثناء على (الإسلام) من ناحية الإقدام على الحرب .. حيث كان في تلك الفترة يدعو إلى فلسفة القوّة بإفراط . [انظر : عدوّ المسيح | العلم المرح] .


البوذيّة : تتفوّق على المسيحيّة بعدد الرّهبان ، و لكنّهما تشكّلان ما أسماه : (دينا الإنحطاط) . رغم أنّها أفضل من المسيحيّة مئة مرّة حيث يعبر (نيتشه) عن ذلك بسرده أوجه الاختلاف في مسائل هامّة من قبيل : (الخطيئة | المعاناة | الخير والشر .. إلخ) . [انظر : عدوّ المسيح ] .


الهنودسيّة : مرّة أخرى يسقط (نيتشه) بسبب اندفاعه وغضبه من المسيحيّة وحماسته الزّائدة ؛ و يمتدح بهياج قانون (مانو) المتعسّف و الذي يفتقر إلى أبسط أنواع احترام كرامة الإنسان والمساواة في الحقوق الاجتماعيّة . حيث يصفه بأنّه (عمل روحيّ سامٍ) و مقارنته بكتاب مثل (التوراة) خطيئة ضدّ الروح . و يثني على وجود طبقة (الشاندالا) أو الحثالة المنبوذين لأنّها سنّة الحياة و الطبيعة . [انظر : عدوّ المسيح] .

بشكل عام ؛ لقد زخرت مؤلّفات (نيتشه) بتناول الأديان و النصوص الدينيّة . وفي أحيانٍ عدّة بدون مناسبة سوى أن يأتي بها للتدليل على أمرٍ لا يروق له .

استطرادٌ ضروريٌّ :
إنّ (نيتشه) ناقدٌ لـ (الدين) كفكرة بعموميّتها ، و لليهوديّة والمسيحيّة بخصوصٍ ؛ و لكنّه ليس يقدر على تناول خفايا وزوايا الإسلام أو أديان الشّرق بذات التمكّن مطلقًا . لكنّه من ناحية المبدأ الصّارم ؛ ضد كلّ الإبراهيميّات التي كرّس حياته من أجل دحضها بلا رأفة . و يبقى إعجابه بالتوسّع الإسلاميّ كما أسلفتُ في إطار القتال و الحرب و هو إعجاب ليس بالمستغرب عليه . بل أنّ شخصيّة نازيّة – فيما بعد - بحجم (هيملر) كان يقول بما معناه لا نصّه : (ليس من دين يعد الميّت في الحرب باللّذائذ كالإسلام .. فلنستفد من روحه القتاليّة) و بالفعل – كحزب نازيٍّ - استفادوا منه و تمّ تجنيد فرق ألبانيّة و بوسنيّة مسلمة في قوّات الـ أس أس سيّئة الصيت . وتمّت تحالفات مع شخصيّات إسلاميّة من حجم (أمين الحسيني) .. إلخ .

الأخلاق :

هو نقيض الربّانيّين المرضى بعبارتٍ من قبيل (يجب | لا يجب) . و قوله الفصل في المسألة الأخلاقيّة هو الالتزام بمنهج (زارادشت) في كتابه الفيضي المُحكم (هكذا تكلّم زارادشت) . الشّاب النقيّ الثلاثينيّ الذي هبط من غاره ليعظ الناس و يمنحهم الحكمة و السعادة . و الذي هو في الواقع (نيتشه) الذي تبرّأ من دين أسلافه و إله آبائه . إنّه (نيتشه) بزيّه الأخلاقي المهيب .. والشّعري الفذّ . ولكنّه يخرج على هذه الشّاعريّة الأخلاقيّة في كتبه الأخرى التي تناولت الأخلاق بشكل أكثر وضوحًا مثل (جنيالوجيا الأخلاق | أفول الأصنام | ما وراء الخير والشر) .


يخلُص (نيتشه) إلى أنّ الأخلاق وجهان . الأوّل : إنّها (قيم | مُثُل) ، و الثّاني : إنّها (مسيحيّة) . فيقترح من هذا المنطلق طرقًا استئصاليّة لعلاج هذا (المرض القيميّ) . و يمكنني – إنْ توخّيت عدم الإطالة – اختصار فكرته الأخلاقيّة في عدّة نقاط :


أوّلاً : الأخلاق الدينيّة عبارة عن عمليّة إخصاء أو تدجين لطبيعة الإنسان التي من غير المبرّر مقاومتها بشكل فج . [انظر : أفول الأصنام] .


ثانيًا : بما أنّ (المسيحيّة) قد وُلدت من روح الضّغينة ؛ فلا غرابة أن تتّسم الأخلاق المرافقة لها بكل ما هو معادٍ للسّيادة و النُبل .. كالعجز والمرض والوضاعة والانتقام والحقد . [انظر : عدوّ المسيح | جنيالوجيا الأخلاق (مُلخّص)] .


ثالثًا : أفعال من قبيل الرّأفة والشّفقة و التعاطف مع المنبوذين والفاشلين والمنحطّين من حيث أنّهم منبوذون و فاشلون ومنحطّون ؛ ليست سوى مضيعة للوقت و ممارسة لـ (الشّلل العقلي) . فعلى (الإنسان الكامل) أن يتخلّص من كلّ ما يمكنه أن يؤخّر تطوّر النوع . بل عليه أن يقدّم المساعدة لهؤلاء كي يهلكوا لا أن يعيشوا . يجب القضاء على أخلاق (الاستلاب الذاتي) أو على أقلّ تقدير الشّروع في مكافحتها . [انظر : عدوّ المسيح | ما وراء الخير والشر | الفجر (مُلخّص)] .


رابعًا : القضاء وبشكل كامل على (عاهات أخلاقيّة) تُتوَّج عادةً بمفهوم (تأنيب الضمير) ، والذي هو – بحسب (نيتشه) – عملية ندم فجّة بسبب نتائج لم توافق الهوى ؛ مخيّبة للآمال . فيما يجب أن يفتخر المرء بكلّ أفعاله لا أن يتنكّر لها . [انظر : عدوّ المسيح | هذا هو الإنسان | جنيالوجيا الأخلاق (مُلخّص)] .


خامسًا : لم يكتفِ (نيتشه) بالحديث عن الأخلاق بعموميّتها أو بارتباطها (المزعوم) بالدين ؛ بل ذهب إلى أبعد من هذا و حاول أن يحدّد مكامن الخلل الأخلاقي حتّى في الذائقات الفنية و الأدبيّة والفلسفيّة الأوربيّة من حيث أنّها تبنّت أحيانًا أفكارًا مضادّة للحياة في بعض جوانبها ؛ لذا فهي (بثرة متقيّحة) وجب إزالتها بمشرط طبيب قاسٍ . و قد ألمح مرّةً و في هذا الصدد – بشكل يقترب من عمليّة تصفية الحساب - إلى أسميْ (شوبنهاور | فاغنر) رغم تأثّره بهما بل أنّه قال يومًا بانتشاء : (شوبنهاو + فاغنر = نيتشه) .. ولكنّه تخلّص و بشكل تراجيديّ من تأثيرهما عليه بعد عام 1876 . عمومًا هو يأخذ عليهما جوانب يعتبرها حمقاء وبعيدة عن الوعي المطلوب ويدعو إلى إزالتها في عمليّة أسماها (الكنس الكلّي) . [انظر : عدوّ المسيح | هذا هو الإنسان | قضيّة فاغنر (مُلخّص) | معاينات غير معاصرة (مُلخّص)] .


سادسًا : البهيميّة الخالصة من أصل الأخلاق الدينيّة ؛ وهو ما يطلق عليه اسم (الطّمأنينة) التي يعتقد بأنّها لا تقوم في حالات غالبة إلاّ على مبدأ (سوء الفهم) . وأيضًا يقول (نيتشه) بمعاندة ومعاركة كلّ أخلاق (ملقّنة) أو تلك الـ (منصوح بها) لأنّها في نظره أخلاق (مملكة الرّب) حيث ينتهي أمر (مملكة الحياة) عليها . [انظر : أفول الأصنام] .


سابعًا : يختصر (نيتشه) اللاّ أخلاق ببلاغة إذ يقول : نحن الآخرون الذين بلا أخلاق ؛ فتحنا قلوبنا على كلمة (لا) دون أن نراهن بشرفنا على أن نقول (نعم) . نعرف كيف نستفيد من غباوة القسّ أو الإنسان الفاضل . [انظر : أفول الأصنام] .


ثامنًا : ينظر (نيتشه) إلى الأخلاق الجنسيّة نظرة صارمة في إباحتها دون بهيميّة ، و دون انحطاطٍ يؤدّي إلى (أبناء زنا) أو (زنا محارم) هم مكوّن أساس – في رأيه – لطبقة المنبوذين . ثمّ يقول بوضوح إنّ العفّة الدينية و احتقار الحياة الجنسيّة من خلال عدم إرضاء الغريزة بشكلها العام ، أو من خلال الاستماع إلى وصايا وترّهات من أسماهم (المُنذِرون بالموت) لَهو أمر مخالف لناموس الحياة والطبيعة التي وجب احترامها وتقديرها كي يستمر النوع القويّ و المتطوّر . و يمكنني هنا إضافة أنّ أفكار (نيتشه) هذه قد استند عليها (علم النفس المعاصر) و أثبت نجاعتها في بناء الإنسان السويّ . [انظر : عدوّ المسيح | هذا هو الإنسان | هكذا تكلّم زارادشت | أفول الأصنام] .


لقد كانت هذه هي الخطوط العريضة لمفهوم (نيتشه) الأخلاقيّ ؛ حيث صنّف نفسه بصوت عالٍ (أنا اللاّ أخلاقيّ الأوّل أنا نقيض المنحطّ) . فهو بوصفه عدوّ المثالية الألمانيّة الأشرس يدعو إلى ثقافة الاستحقاق والانتزاع . و ليس أن يكون الشيء في نفسه أو الخير لذاته (كانط مثالاً) ؛ بل كون (الخير) ربيبَ القوّة و الإرادة القويّة يجب أن يكون مستحقًا ، منتزعًا ، ماثلاً بشراسة وندّيّة أمام نقيضه (الشّر) حيث يمثّل كلّ ما يشترك مع صفات الضعف والمهانة . و بوجودهما معًا يتحقّق شرط الحياة .. هذه الحياة التي وجب على العاقل فيها أن يتموضع وراء فكرتيْ (الخير | الشّر) دون أن يدركه الوهم الأخلاقي أو الديني المقترن بهما جهالةً و زورًا . و في هذا الرأي نقد للتجربة الزارادشتيّة الفارسيّة التي استفاد منها (نيتشه) عبر استخدمات الاسم و ثنائيّة الخير والشر لا أكثر .


إنّه يدعو إلى إنهاء وجود العبيد والضّعفاء والطفيليات التي تفتك بأجساد النبلاء ؛ وهنا يجب تحديد هؤلاء (العبيد و الضّعفاء والطفيليّات) بأنّهم مجموعة (قيم) سلبيّة من شأنها أن تؤخّر نموّ المجتمع . هم ليسوا مجرّد أفراد عبيد أو ضعفاء أو عجزة أو طفيليّين ؛ لا .. إنّهم النوع الذي يقتنص الفرصة للدخول إلى قلوب النبلاء عبر مفاهيم العطف والشّفقة والمسكنة . هؤلاء هم الواجب التخلّص منهم حيث يمثّلون كلّ من يعرقل مسيرة المجتمع نحو أن يكون متكاملاً قويًّا ناهضًا . هؤلاء الواجب التخلّص منهم قد يكونون أصحّاء ارستقراطيّين بأرواح حرّة ولكنّهم يتحلّون بأخلاقيات (الضّعف والحنان في غير محلّه) فيجب أن يتخلّص منهم النوع البشري بحسب (نيتشه) .


إنّها – ولا شك - مسألة طويلة تُدخلنا في حلم (نيتشه) بأن يكون فكره مدروسًا في أماكن مغلقة و معقّمة ؛ ليخرّج أجيالاً كاملة القوّة تجد نفسها بمرور الوقت قد تخلّصت من كلّ شوائب الضّعفاء التي فتكت بالأوّلين . و على رأس الشّوائب تأتي الفكرة الأخلاقيّة | الدينيّة و ضرورة عزلها . وبالطّبع تبقى كلّ هذه الأمور مجرّد أفكار (نيتشويّة) لن ترى النور إلاّ بعد قرنين من وفاته كما تنبّأ هو . حينها سيكون العالم سعيدًا لخلوّه من كلّ ما يعكّر صفو المجد . حينها سيعود العالم إلى الإشراق الذي يستحقّ ؛ أو بحسب تعبيره الأدق إلى : (لحظة الظّهيرة العظمى) .

الآخرونَ :

(الجحيم هو الآخرون) ؛ هي عبارة (جان بول سارتر) الشّهيرة على لسان (جارسان) في ختام مسرحيّته (جلسة سريّة) التي كتبها أثناء الحرب العالميّة الثّانية مكرّسةً للوطن و المقاومة ، و مُثّلت على خشبة المسرح في باريس عام 1944 . و يمكننا اعتبار (نيتشه) في نظرته إلى الآخرين ، وبالذات العباقرة ؛ هو التجسيد الحيّ – و بأثَرٍ رجعيٍّ - لتلك العبارة .


إنّ تقصّي أقوال و آراء (نيتشه) في الآخرين – وهم مشاهير الفكر والأدب الإنسانيّ - أمرٌ جالبٌ للاستفزازِ و المتعةِ في آنْ . و لمّا كان الرجل يذهب بعيدًا في مديحه ، و أبعد من ذلك في ذمّه ؛ فلا يمكننا التسليم بكلّ ما يقوله في هذا الشّأن سوى أنّا سنبصره يرمي بالورد تارةً ، و يفتح النار على الجميع أخرى . سنرقبه يحطّم بمطرقته - ذاتها – قبور الأموات و جماجم الأحياء ؛ ليُبتنى هذا العالم مجدّدًا و بلا (انحطاط) .. كما كان يحلم ، و كما لم يحدث .. و لن يحدث .


على أيّة حال ؛ و دون ترتيب من ناحية الأسبقيّة الزّمنيّة أو الهجائيّة ، سأحاول أن أوجز بأقلّ الكلمات وأكثرها تعبيرًا ، معتمدًا على تجميع الآراء و اقتناصها من كتب (عدوّ المسيح | هذا هو الإنسان | العلم المرح | أفول الأصنام | الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقيّ) ومن مقالات و مصادرَ أخرى . و سأضع مهنة كلّ شخصيّة بين قوسين ؛ وهي إضافة لأجل التيسير على القارئ :


دافيد شتراوس (مفكّر ومؤرّخ ألمانيّ) : انحطّ من ملحدٍ متّقدٍ إلى مؤلّفٍ إنجيليّ .
إيمانويل كانط (فيلسوف ألمانيّ) : أبله ؛ مراءٍ . و أحد أشدّ كسيحي الفكر البشري دمامة . إنّه خلاصة الإنحطاط الألماني كفلسفة . إنّه ليس سوى مسيحيّ مستتر .
هيرقليطس (فيلسوف يونانيّ) : متعجرفٌ كفيلسوف ؛ ولكنّه صاحبُ الموهبة الأكثر ندرةً .
فيكتور هيجو (شاعر و روائيّ و سياسيّ فرنسيّ) : عابثٌ ، باردٌ .
دانتي أليفيري (شاعر إيطاليّ) : ضبعٌ ينظم شعر الأضرحة .
لودفيج كارل نيتشه (والده) : ذكرى لطيفة عن الحياة ؛ أكثر من الحياة نفسها .
فرانسيسكا أوهلر + إليزابيث فورستر (أمّه + أخته) : إنّهما تمثّلان خسّة الطبع و سفالة الغرائز التي لا حدود لها .
جورج صاند (أديبة فرنسيّة) : بقرة الآداب الحلوب بأسلوب أنيق . مزيّفة ؛ صاحبة عواطف عاميّة . سلوكها يشبه سلوك ولد أُسيئت تربيتُه .
توماس كارليل (كاتب ومؤرّخ إسكتلنديّ) : مزوّرٌ ، جاهلٌ ، عديمُ الإرادة .
إميل زولا (روائيّ فرنسيّ) : لذّةُ النتن .
إرنست رينان (مؤرّخ فرنسيّ) : مثل سائر الكهّان ؛ لا يصبح خطرًا إلاّ حين يحبّ . إنّه كارثة .
سانت بوف (ناقد ومؤرّخ فرنسيّ) : ليس فيه من الرّجولة شيء . متقيّحٌ . مُداسٌ . له فهم الفاجر .
انكساغوراس (فيلسوف يونانيّ) : أغمضَ عينيه و قام بالقفز .
جان جاك روسو (فيلسوف فرنسيّ) : كلّ ما يكتبه غرائزيٌّ ، مزيّفٌ ، مولعٌ بالانتقام ، مختلقٌ ، فارغٌ .
جورج إليوت (روائيّة إنجليزيّة) : انجليزيّة محضة ؛ ولا يجوز لنا أن نحقد على صغار العجائز الواعظات .
بلزاك (روائيّ فرنسيّ) : باردٌ ككلّ الرومانسيين حين ينظمون الشّعر .
وليم شكسبير (شاعر ومسرحيّ إنجليزيّ) : عبقريّةٌ جدباء .
إيمرسون (أديب وفيلسوف أميركيّ) : ذوّاقة بالمقارنة مع "كارليل" .
تشارلز داروين (عالم حيوان إنجليزيّ) : لقد نسي العقلَ . لا بدّ وأنّ النّسيان اختراعٌ انجليزيّ .
ستاندال (روائيّ فرنسيّ) : الصدفةُ السعيدة ، الملحدُ الصّادق .
باسكال (عالم وفيلسوف وشاعر فرنسيّ) : أُحبّه ؛ فهو نموذج لمن ذهب ضحيّة المسيحيّة .
لو اندرياس سالومي (حبيبته : أديبة روسيّة) : لو كنتُ قد خلقتُ العالمَ و "سالومي" لما كانا بهذا الشّكل مطلقًا .
ريتشارد فاغنر (موسيقيّ ومسرحيّ ألمانيّ) : وليُّ نعمة حياتي .
كوزيما فاغنر (حبيبته : زوجة فاغنر) : الصّوتُ الأبعدُ شأنًا في مسائل الذوق .
إفلاطون (فيلسوف يونانيّ) : محدودٌ ، هجينٌ ، لاهثٌ ، غيرُ صافٍ شخصًا وفلسفةً ، متآمرٌ .
طاليس (فيلسوف يونانيّ) : معلّمٌ مبدعٌ رأى وحدة الوجود ، و سبرَ أغوار الطبيعة ، و قال بعيدًا عن الخيال السّائد .
انكسمندريس (فيلسوف يونانيّ) : المهابةُ ، الحكمةُ الفائقة ، الإشراقُ .
المسيح (نبي) : بسيطٌ ؛ لقد كان يخال بأنّه لم يكن هناك ما يجعل الناس يعانون غيرُ ذنوبهم .
بارمنيدوس (فيلسوف يونانيّ) : اللحظة الأقلّ يونانيّة ؛ نورٌ باردٌ و إنْ كان نبيَ حقيقة .
سقراط (فيلسوف يونانيّ) : دونيٌّ ، مجادلٌ متضخّم ، كسيحٌ بخبث ، فوضويُّ الغريزة ، كاريكاتوريٌّ ، قادمٌ من أحطُّ الدّهماء .
هاينريش هاينه (شاعر ألمانيّ) : المفهوم الأرقى للشّاعريّة .
لورد بايرون (شاعر إنجليزيّ) : في داخلي أغوار روحه السّحيقة .
فولتير (فيلسوف فرنسيّ) : رفعَ ذوقَ البلاط إلى مستوى كمالِه .
غوته (أديب وشاعر ومفكّر ألمانيّ) : الألمانيُّ النّادر ؛ هذا الذي لم تُوجد بعدُ موسيقىً جديرةٌ به .
بوذا (مؤسّس ديانة) : ليسَ ضدّ أيّ شيءٍ . إنّه مَثَلٌ مؤثّرٌ في المشاعر .
بولس (قدّيس) : عجرفةٌ حاخاميّةٌ وقحةٌ . جامع كلّ ما يوسّخ و يشوّه ويقطّع القلب من الشّهوات .
بيركليس (فيلسوف يونانيّ) : أقوى و أشرف رجل وُجد في اليونان على الإطلاق .
مارتن لوثر (قسٌّ ألمانيّ مؤسّس البروتستانتيّة) : كان عائقًا إضافيًّا أمام النزاهة الألمانيّة .
أبيقورس (فيلسوف يونانيّ) : الرّوح المحترم ؛ مُصارع المسيحيّة السّردابيّة .
شوبنهاور (فيلسوف ألمانيّ) : حرٌّ عبقريٌّ فولتيريٌّ .
غوستاف فلوبير (روائيّ فرنسيّ) : أيّها العدميّ ؛ أنْ تكون ذا مؤخّرةٍ ثقيلةٍ فتلك – بامتياز – خطيئةٌ في حقّ العقل .
فون ترايتشكه (مؤرّخ ألمانيّ) : لا يخجل .
هيغل + فيخته + شلايرماخر + لايبنتز + شوبنهاور (فلاسفة ألمان) : وصفهم دفعةً واحدة بـ : أسماء ذات طابع ملتبس لم تُنتج سوى مزيّفي عملة .

مواقف :

الفنّ و الموسيقى : رغم تبشيره بالفنّان العبقريّ قرينًا ومواكبًا للإنسان (السّوبر) ؛ فالفنّ عند (نيتشه) معادلة سهلة تقوم على وجوب وجود : (فعلٌ ونظرةٌ جماليّان كي تتولّد الدهشة ، كي يتولّد الانتشاء) [انظر : أفول الأصنام] . وهذا كلام رغم جماليته الطاغية يبقى بسيطًا - في رأيي - يمكن إطلاقه على (الشّعور) بالفنّ ، وليس على الفعل (الفنّان) نفسه .
أمّا عن علاقته بالموسيقى خصوصًا فيمكننا أن نحكم على آرائه من خلال أعمال ألّفها هو شخصيًّا على اعتباره موسيقيًّا فاشلاً للأسف الشديد ، بل و مغتصبًا لربّة الموسيقى (أوثيرب) على حدّ تعبير (هانس فان بيللو) . أو من خلال ما تناوله بالدّرس والتمجيد كأعمال (فاغنر) . أو من خلال انتقاده لموسيقى (ألمانيا) التي يصفها بالباردة والتي لم تنجب عظيمًا واحدًا في هذا المجال ؛ فيما كلّ عظماء الموسيقى الألمان هم في رأيه أجانب من أصول (سلافيّة | إيطاليّة | فرنسيّة | كرواتيّة | يهوديّة) ، أو أنّهم ألمان من (الجنس العتيد) الذي اضمحلّ بحسب رأيه أمثال (باخ | شوتز | هاندل) . الموسيقى عند (نيتشه) يجب أن تكون عاهرة مرحة ، بهيجة وعميقة ، جذلى رقيقة . الموسيقى تعني لديه عاطفة (قوميّة) ، حيث يمكنه التخلّي عن كلّ نتاج الإنسانيّة من الموسيقى لأجل البولنديّ العبقريّ (شوبان) ؛ ولا يفوته أن يستثني أعمال ثلاثة هم على التّوالي (فاغنر | ليست | روسيني) . [انظر : هذا هو الإنسان | أفول الأصنام] .


ألمانيا : لقد كان (نيتشه) ألمانيًّا حدّ النخاع ؛ على الرّغم من أنّه أكثر من شتم ألمانيا و بأقذع الأوصاف التي لا يحتملها منصفٌ ولا متجنٍّ . فألمانيا في نظره : (الفساد | الرّداءة | السّوء | اللاّ شيء | الحمق | الانحطاط | الرّذيلة | الموسيقى الألمانيّة غباء | الفلسفة الألمانيّة وضيعة | الشِّعر الألمانيّ خبيث | الدّم الألمانيّ قذر | النّموذج الألمانيّ الأحقر هو : كانط و المسيحيّ و شارب الكحول ... إلخ) .
إنّه لمن الغريب فعلاً أن يكون هذا الذي استلهمَ الفاشيّون و النّازيّون من بعض أفكاره حبّ الوطن بجنون و شوفينيّة ؛ لا يرى في نسبه الألمانيّ – من جهة الأمّ – سوى سبّة و وصمة عار . في حين كان يفخر بمحتِدِه الكريم كون أسلافه – من جهة الأب - نبلاء من العرق السّلافيّ البولنديّ لم يتدنّسوا قطّ بالعرق الآريّ أو الدّم الألمانيّ . [انظر : هذا هو الإنسان | عدوّ المسيح] .
لكنّه على أيّة حال كان ألمانيًّا بالفعل ؛ حيث أراد لهذه الأمّة أن تقود أوربّا بأيّ ثمن نحو خلاص روحها . لقد كانتْ ألمانيا التي يريدها غير موجودة ؛ فما من سبيل إذن إلاّ أن يحطّم القائمة أصلاً و يخلق أخرى مستوحاة من الخيال . لقد كان حالمًا في هذه المسألة بشكل شاعريٍّ جدًّا .


المرأة : ضعفه أمام المرأة أدّى به إلى تجريدها من استحقاقاتٍ هي بها جديرة . وله آراء (سيّئة) في مجالات التحرّر و الحقّ الانتخابيّ و ما إلى ذلك . بل وصل به الأمر أن يقولَ أنّ الحلّ النهائيّ لمشاكل المرأة يكمن في إعطائها (طفل) لا (رجل) .. وهكذا حصر مَهمّتها بـ (الأمومة) مع تقديرنا لرفعة المَهمّة ولكنّها – أيْ المرأة - أجزل من ذلك بكثير .
عمومًا ؛ هذه المواقف مردّها مقته لأمّه و أخته – و حتّى صِهره المعادي للسّاميّة – ، الأمر الذي أدّى به إلى الانطواء على نفسه و الشّعور بأنّه ابن أبيه – الذي تأثّر بإنسانيّته وذكراه الخاطفة جدًّا - لا أكثر . لقد فشل (نيتشه) في علاقاته الغراميّة و أشهرها مع (سالومي) مدوّخة العباقرة ؛ التي رفضته إذ كانت تحبّ الفيلسوف فيه لا إنسانه . ثمّ (كوزيما) زوجة صديقه الروحيّ (فاغنر) والتي بقي يحبّها حتى آخر أيّامه إذ كتب لها خطابًا مُختصرًا وموقّعًا باسم (ديونيزيوس : إله الخمر والسُّكر والعربدة اليونانيّ) يقول فيها : (أريانة ؛ إنّي أحبّك) . و نتيجةً لهكذا هزائم جارحة صرنا نلمس ضعف خطابه – عمومًا - فيما يخصّ قضايا المرأة . رغم أنّه تغزّل بها قليلا في كتابه (عدوّ المسيح) ، ولكنّ الرؤى بقيت أقلّ من المأمول .


أصلُ الأنواع : رغم تأثّره الواضح بـ (داروين) الذي تنكّر له لاحقًا ، و خصّص فقرة بعنوان (ضدّ داروين) في ختام كتابه (أفول الأصنام) ، علمًا أنّ كتابه (جنيالوجيا الأخلاق) قد استمدّ إشراقته الأولى من أنواع (داروين) . أقول رغم تأثّره هذا ؛ فلقد كان (نيتشه) أقلّ فطنةً فيما يخصّ فهمه لنظرية (أصل الأنواع) و بشكل يفاجئ كلّ مهتمٍّ ؛ إذ ينسى أو يتناسى مبدأيْ (داروين) الرئيسيّين في مسألة (البقاء للأصلح | الأفضل | الأقوى | الأكفأ) ألا وهما (التّصارع | التّعاون) و أحيانًا (الكفاح) وأخرى (التّعايش) . الأمر الذي أغفله (نيتشه) مكتفيًا بتركيزه الغريب على نقطة (الصّراع) و (الحرب) و (القوّة) و (البطش) كمعيار وحيد و ثابت لتخليص المجتمع من آفات فتّاكة تراكمت عليه عبر قرون الانحطاط التي عانى منها . لأنّ هذه القوّة – بحسب (نيتشه) - هي التعويض الوحيد الذي يمكن للأقوياء أن ينتصروا به على الضعفاء الأكثر منهم و الأذكى .. حيث أنّ القويّ لا يحتاج إلى ذكاء ؛ بل كلّ ما يلزمه للتبرير هو أن يقولَ : (إنّي أريد) .


الشّفقة : لقد كان (نيتشه) مثالاً صارخًا لتناقض القول و الفعل في مسألة (الشّفقة) . فهو الذي عبّر بلا كللٍ أو مللٍ عن وجوب تدمير هذه المشاعر خاصّة في كتابيه (ما وراء الخير والشر | عدوّ المسيح) ؛ هو ذاته فيما عُرف لاحقًا بـ (حادثة تورينو - 1889) ارتمى بجسده الهزيل على حصانٍ كان مالكه يضربه بقسوة . لقد ألقى بنفسه على جسد الحصان ، واحتضنه ليحميه . وهو ما فسّره العلماء لاحقًا بـ (الإسقاط) حيث كانت ذاته هي ذات الحصان الأعزل المعذّب . وبعد هذه الحادثة دخل في أجواء الجنون والشلل غير القياسي . وقبلها كان قد أشيع عن إصابته بعدوى (الزُّهريّ) خلال تطبيبه للجنود الجرحى في الحرب (السبعينيّة) ، و لكنّه لم يثبت مطلقًا إصابته بهذا المرض .
على أيّة حال ؛ فهكذا أحداث متواترة في عدّة مصادر ، تعطينا فكرةً أوضح عن عاطفة (نيتشه) الجيّاشة ، وعن حقيقة مقاصده (الفلسفيّة) في مسائل استئصال الشّفقة و احتقار الطّيبة .

خاتمة :

لقد عاش (نيتشه) [1844 – 1900] حياة الزهّاد . عليلاً ؛ ضعُفَ بصره لدرجة أنّه لم يستطع رؤية أكثر من متر واحد في فترة ما . عاش محرومًا من الصّداقات الحقيقيّة ، فقيرًا في مجالات الودّ والحبّ والعاطفة ، شحيحَ الدّراية بعالم المرأة وخوابي مشاعرها ، بسيطَ الانطباعات – برأيي - فيما يخصّ الموسيقى والفن بإجماله ، مدينًا للقارئ بحجج قويّة تدعّم رأيه في مسائل نبذ الطّبقات الاجتماعيّة الضّعيفة و غير الكفوءة و التي أدّت إلى نفور الكثيرين لأنّهم لم يفهموه كما ينبغي .


و بالمقابل كان ذكيًّا شجاعًا حادًّا في كلّ ما يخصّ (الميتافيزيقيا) ، مشتعلَ الفطنة ، وقّادَ الذّهن في مسألتيْ (الدّين | التّربية) ؛ فهو ضدّ تربية التّلقين التي اتّبعتها مناهج و مؤسّسات أوربّا حينذاك . و ضد مؤسّسة (الدّين) بمجملها و بإرثها وبحاضرها وبما سيأتي منها مستقبلاً .. باعتبارها سببًا رئيسًا لتأخّر المجتمع الذي يستهلك وقته في انتظار الموت أو في طلب المغفرة عن أشياء غير مفهومة تسمّى (الإثم | الخطيئة) ، عوضًا عن إنفاقه – أيْ الوقت - في خدمة رُقيّ النّوع .


قضى أيّامه سريعًا ؛ بعد أن لم يدع نفسه أن يظلّ (نكرةً) . وحين أستعيدُه (إنسانًا | فيلسوفًا) ؛ تداهمني – وبلا شعور – موسيقى النّرويجيّ البارع (Edvard Grieg) في مسرحيّة (Peer Gynt) . وتحديدًا في فصل (
In the Hall of the Mountain King) ؛ حيث هذه التّصاعديّة العجيبة .. هذه الفتنة في أن لا تتوقّع أن تكون المسيرة بهذا المقدار من الضّجّة .. ثمّ تخفتُ و تخبو كأنّ شيئًا لم يكن . حين أستعيدُه ؛ أرنو إلى كيف توفّي في مطلع القرن الماضي [آب - 1900] دون أن يغفل القدر عن معاقبته عبر (أخته) غير النّظيفة التي انتمتْ للحزب النّازي في آخر حياتها . أخته التي ما اكتفتْ بتشويه بعض آرائه و حذف عباراتٍ وفقراتٍ كاملاتٍ من كتبه ، بل أتتْ بالقساوسة ليتلوا صلواتهم على جثمانه الأعزل رغم مناشدته لها – قبيل وفاته – ألاّ تفعل .


حين أستعيده أقول : يا للأسفِ .. !! أقولها بصدق وتأثّر ؛ إذ لم تستفد (باستثناء النُّخب الفرنسيّة إلى حدٍّ ما) البشريّة بعدُ من عبور (نيتشه) كما يجدر بها أن تفعل . بل أنّها عاقبته وحاسبته و حاكمته ألفَ مرّة منذ نهاية الحرب العالميّة الثّانية بلا ذنبٍ سوى أنّه قال بالإنسان القويّ و النّبيل و الباسل و الخالي من أمراض المسكنة و المهانة . لم تأخذِ البشريّة من (نيتشه) حكمته الجذلى ؛ تلك التي نطفَ بها دون رغبةٍ سوى بقليل إصغاء .. و كثير تأمّل .


حين أستعيدُ (نيتشه) ؛ أخجلُ أمام (إنجلز) الذي هتفَ يومًا للعظيم العظيم (فيورباخ) : (كان الحماسُ عامًّا ؛ وصرنا جميعًا فيورباخيّين دفعةً واحدةً) . لأنّي سأقول بخيبةٍ واضحةٍ : (إنّ الحماسَ – و يا للغرابةِ - فاترٌ جدًّا ؛ إذْ صرنا نيتشويّينَ على استحياء) .. !!

 

 

مراجع المقال :

كتب :
1 – نيتشه ، هذا هو الإنسان ، ترجمة : علي مصباح ، الطبعة الأولى ، كولون | ألمانيا ، منشورات الجمل ، 2003 .
2 – نيتشه ، فلسفة الإنسان الأعلى ، إعداد : د. جميل قاسم ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الأنوار ، 2007 .
3 – نيتشه ، عدوّ المسيح ، ترجمة : جورج ميخائيل ديب ، الطبعة الثّانية ، اللاّذقيّة ، دار الحوار ، 2005 .
4 – نيتشه ، ما وراء الخير والشّر ، ترجمة | تحقيق : جيزيلا حجّار | موسى وهبة ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الفارابي ، 2003 .
5 – نيتشه ، هكذا تكلّم زارادشت ، ترجمة : فليكس فارس ، الطبعة الأولى ، الأسكندريّة ، مطبعة جريدة البصير ، 1938 .
6 – نيتشه ، العلم المرح ، ترجمة | تقديم : حسّان بورقيّة | محمّد الناجي ، الطبعة الأولى ، الدّار البيضاء ، إفريقيا الشرق ، 1993 .
7 - نيتشه ، أفول الأصنام ، ترجمة : حسّان بورقيّة | محمّد الناجي ، الطبعة الأولى ، الدّار البيضاء ، إفريقيا الشرق ، 1996 .
8 – نيتشه ، الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقيّ ، ترجمة : د. سهيل القش ، الطبعة الثّانية ، بيروت ، المؤسّسة الجامعيّة للدراسات ، 1982 .
9 – عبد الرحمن بدوي ، نيتشه ، الطبعة الخامسة ، الكويت ، وكالة المطبوعات ، 1975 .
10 – د. صفاء جعفر ، محاولة جديدة لقراءة نيتشه ، الطبعة الأولى ، السويس ، دار المعرفة الجامعيّة ، 1999 .
11 – بيير بودو ، نيتشه مُفتَّتًا ، ترجمة : أسامة الحاج ، الطبعة الأولى ، بيروت ، المؤسّسة الجامعيّة للدراسات ، 1996 .
12 – داروين ، أصل الأنواع ، ترجمة : مجدي المليجي ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة ، 2004 .
13 – ول ديورانت ، قصّة الفلسفة ، ترجمة : د. فتح الله محمّد المشعشع ، الطبعة الرّابعة ، بيروت ، دار المعارف ، 1982 .
14 – بيتر سلوتردايك ، الإنجيل الخامس لنيتشه ، ترجمة : علي مصباح ، الطبعة الأولى ، كولون | ألمانيا ، منشورات الجمل ، 2002 .
15 – سارتر ، جلسة سرّيّة ، ترجمة : مجاهد عبد المنعم ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، دار النّشر المصريّة ، 1958 .

ملخّصات كتب لـ (نيتشه) :
1 – كتاب جنيالوجيا الأخلاق .
2 – كتاب الفجر .
3 – كتاب قضيّة فاغنر .
4 – كتاب معاينات غير معاصرة .

مقالات :
1 - في عالم نيتشه – د. ماهر شفيق فريد .
2 – نيتشه والتحليل النفسي – د. عبد الغفّار مكاوي .
3 – الصّراع بين العقلانيّة واللاّ عقلانيّة في الفكر الأوربي – هاشم صالح .
4 – فرويد و نيتشه – د. سعاد حرب .
5 – نيتشه ؛ فيلسوف العلمانيّة الأكبر – د. عبد الوهاب المسيري .
6 – نيتشه ؛ بين فلسفة التاريخ والأخلاق – د. علي حسين الجابري .

 

تنبيه : لايجوز نقل أو إعادة نشر هذه المادّة دون الإشارة إلى موقع (دروب) كمصدر .


سَعْد اليَاسِري
حزيران | 2009
الموقع الشّخصيّ




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !