المقامة العمارية .. تقريع وهجاء لرقيب عديم الحياء
بقلم: نور الدين العويديدي
وقد أكثر عمار وصال وجال، وفاق في وقاحته الأعور الدجال، وقصف مواقع الانترنت وأذاق أهلها الويل والوبال، قررت أن أوقف الحرب على الجنيدي طالب وأهل قفصة، وأشهر في وجهه سيف المقامة، ليعرف قدره ومقامه، ودعوت له الحاجة منانة الخرنانة، لتحشره في قفص أو خزانة، وتريه من فنونها ألوانا.. وفي ما يلي الحلقة الأولى، وأرجو أن تكون منانة جاهزة للرد، قادرة على الهجوم والصد في وجه عمار صاحب الكاتسون كات باشي.
حدثت الحاجة منانة الخرنانة عن أبيها عن جد جدها، وهو قصاص وراوية، لا تُرى جعبته من الأخبار الطريفة وغريب القصص خاوية، يحدث فيمتع، ويقول وقوله يُسمع، أن إبليس اللعين، أب الأبالسة والشياطين، من أخرج أبينا آدم من جنة الرحمة والهناء، وورطنا في الشقاء والعناء، ووسوس لنا بالشر والكره والجفاء..
قالت منانة عن جدها الأول إن إبليس اللعين حين أراد أن يضع نسله، وقد جاءته الأوجاع، كما تجيء الحامل لا المرأة المرضاع، بحث في كل مكان، عن موطن يكون له فيه ولأبنائه الشياطين أمن وأمان، وجاه وسلطان، فدار وحلق وطار، وسار تحت الأرض، وغاص في البحار، فلم يجد من مكان آمن لهم إلا موضع في شارع الحبيب بورقيبة، يثير في نفس الناظر إليه الرعب والريبة، مع قلة الاحترام والهيبة، من يدخله يصير نسيا منسيا، فيه تنتهك الكرامات، ويختلط فيه الأحياء بالأموات، ولا تسمع فيه إلا الصياح وكثرة العياط، والضرب بالعصا والزلاط، والتعليق على شكل دجاجة مصلية، واحدة طايبة، وأخرى بجنبها مشوية، وثالثة تنتظر مرعوبة نية.
قالت منانة، وقد حكت شعرها الأشيب، حتى تساقط الكثير منه في يدها، فنفضته بعصبية من يديها المرتعشتين دون أن تلتفت إليه، خشية أن يراه زوجها..
قالت وقولها حق، وروايتها صدق، إن إبليس لما وجد ذلك المكان أحس بالأمن والأمان، وانتفخ انتفاخ الفرح الولهان، وصفق تصفيقة الهيمان، بأجنحة ثمان، ورأى نفسه على الناس ملكا أو سلطان..
فبحث بين الموظفين في الدهاليز، وأعدادهم، قاتلهم الله تقاس لكثرتهم وحقارتهم، بالويبة والقفيز، وجوههم شائهة، وعيونهم زائغة من شر صدورهم تائهة، حتى رأى موظفا قصيرا أصلع أبرص أعور، تجمعت فيه عيوب الدنيا كلها، كما تتجمع الفضائل في المصلحين والأنبياء، يسمى عمار، وهو من الكفار الفجار، يكره الحرية، ويسيء في الناس النية، ويعترضهم بالشر في كل شارع وثنية، ويود افتراس المعارضين افتراس الأعراب للحم الخروف وشحمة اللية.
- قال له إبليس اللعين، أنت لي خادم معين، ومساعد على الشر أمين. قال له عمار، حطم الله على رأسه الدار، ما اختصاصك يا إبليس؟
- قال إبليس الخسيس أنهى الناس عن الخير، وأدلهم على الإضرار بالغير، وأسقطهم في حبائلي كما تصطادون الطير.
- فاستغرب عمار واحتار، لا عمر الله عليه دار، وختم على عينيه وقلبه في الليل والنهار، وحشره في الآخرة ضمن أهل النار.. أأنت موظف معنا يا إبليس؟، وكيف يلعنك كل تقي وخسيس؟ أما أعلمتنا من قبل فنحميك، ونرد الكيد عن أولادك وذراريك، ونساعدك ونؤويك.
فإننا نقوم بهذا من زمان، لم يتفوق علينا في عملنا روس ولا ألمان، وقد سبقنا بالاجتهاد في الشر الفرس والرومان، وفلسفناه كما فعل اليونان، وكتبنا فيه كتبا بالأطنان، وفرعناه أصنافا وألوان..
- قال إبليس الملعون الخسيس الرخيص، لقد اتفقنا في الهدف والوسيلة، وكثرت من عندنا وعندكم الحيلة، ولن تغلبنا في الشر عشيرة أو قبيلة.
- قال عمار الفاجر الكفار: تواضع يا إبليس واعرف قدرك، حتى لا نرد كيدك في نحرك، ويغلب شرنا شرك، فإنك لن تفوقنا في شيء، ولن تعلمنا الفرق بين الظلام والضيء، واعمل معنا تنم قرير البال، ونغرقك بالعطايا والمال، ونخضع لك الصبايا ذوات الحسن والجمال،
- فقال إبليس وعلى الضالين آمين.
عند هذا الحد، وقد اختلط الهزل بالجد، نهضت منانة متعبة زعلانة، وتوقفت عن الحديث، ومشت في مهل وريث، مشية اللبؤة أخت الغندفر والليث.
وقالت نكمل القصة في القريب، ولكم عندي حديث غريب عجيب، عما دار وصار بين إبليس وعمار وجماعته الفجار.
(يتبع)
التعليقات (0)