ربما يكون التقاطع الأكثر بروزاً في برامج مرشحي انتخابات الرئاسة المصرية يتمثل في "نهضة مصر"، حيث تحدث معظم مرشحي الرئاسة في هذا السياق.
فهل نهضة مصر ممكن تحقيقها أم تبقى في إطار الدعاية الانتخابية...؟ وما هي متطلبات مشروع النهضة وعناصره ومراحله...؟ وما هي أبرز التحديات التي تقف في طريقه...؟
أولاً: مدى واقعية طرح مشروع النهضة
المشهد السياسي المصري حتى كتابة هذه السطور لا يدعم متطلبات تحقيق مشروع نهضوي في مصر، فنهضة مصر تتطلب مشاركة من كل التيارات السياسية والفكرية والدينية خلف برنامج كامل متكامل يشارك الجميع في إعداده وتنفيذه والدفاع المستميت أمام التحديات الداخلية والخارجية التي قد تقف عائقاً أمامه، لأن النهضة هي عملية فكرية وحركة إحياء لطاقات الشعوب في كل مجالات الحياة مما يحدث تغييراً في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية..الخ.
ثانياً: مكونات المشروع النهضوي المصري
لن يخرج مشروع نهضة مصر عن مكونات المشروع النهضوي العربي، وكان لمركز دراسات الوحدة العربية جهوداً كبيرة في البحث والتحليل في صياغة مشروع نهضوي عربي، وكون مصر هي الدولة المركز في المنطقة فإن مشروع نهضتها لن يخرج في محدداته عن المشروع النهضوي العربي، ويتكون من:
1- الديمقراطية كفكر وثقافة وسلوك.
2- وحدة الشعب المصر بأطيافه الدينية وألوانه السياسية.
3- التنمية، بمفهومها الشامل.
4- العدالة الاجتماعية.
5- الاستقلال والابتعاد عن التبعية المطلقة وخلق بيئة استقرار.
6- البعث الحضاري عبر إحياء الموروث الثقافي والحضاري الكامن في أمتنا الإسلامية والمستمد من ديننا الحنيف، فالحضارة الإسلامية من الحضارات المرشحة للسيادة الكونية، وربما ما ذهب إليه صامويل هنتغتون صاحب كتاب صراع الحضارات بأن الصراع في المستقبل سيكون بين ثلاث حضارات هي الإسلامية والغربية والصينية.
ثالثاً: مراحل مشروع النهضة المصري
أعتقد أن أهم مرحلة من مراحل مشروع نهضة مصر هو نهضة الشخصية المصرية والإنسان المصري، ومحاولة التعبئة الثقافية والفكرية والأيديولوجية داخل الإنسان المصري كي ينتقل من السلبية إلى الايجابية ويكون أحد الفاعلين الرئيسيين في تطبيق مشروع النهضة، وكما تحدث العالم الدكتور أحمد زويل أمام لجنة التعليم في مجلس الشعب المصري قبل أيام بأن لدى مصر أكثر من مليوني طالب جامعي وهؤلاء يمثلون رافعة لمصر ومشروع نهضتها ولكن يجب أن نبدأ بخطوات جودة التعليم، ومحاربة الأمية التي تجاوزت نسبة 30% في مصر وهذا أكبر تهديد للأمن القومي المصري.
أيضاً لابد من دفع عجلة الإنتاج إلى الأمام واستغلال موارد مصر من خلال مشاريع تنموية عملاقة تؤهل مصر لقيادة المنطقة العربية.
رابعاً: أبرز التحديات
مصر بما تمتلك من موارد بشرية ومادية قادرة على تحقيق مشروع نهضتها ولكن ستصطدم بتحديات من أبرزها:
1- عدم الجهوزية الثقافية.
2- الإرث السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي خلفه نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، وهو يشكل انتكاسة وتحدي كبير أمام الرئيس القادم ومؤسسات الدولة، لأن الغرق في التفاصيل اليومية سيعيق نهضة مصر.
3- غياب إستراتيجية توافقية للنهضة حتى اللحظة.
4- التحديات الخارجية والتي تتمثل في قوى غربية وصهيونية لا تريد لمصر الخير، أو أن تتخطى ما رسم لها في الغرف المغلقة، وبذلك ستحرك كل ما لديها من أوراق قوة من أجل إعاقة مشروع نهضة مصر.
أعتقد لو نجحت مصر بكل مكوناتها في تجاوز تلك التحديات وبدأت خطوات علمية مدروسة من أجل نهضة مصر، فإن مستقبل كبير وجميل ينتظرها وسينعكس إيجاباً على المنطقة العربية والإسلامية.
التعليقات (0)