مواضيع اليوم

نهج الحكمة:5

مهند الموسوعة الحرة

2010-09-06 17:30:35

0

نهج الحكمة:5

العزلة:

تمثل العزلة احد صفات العالم والحكيم،وهي اعتزال الناس سواء اكانوا حكاما او محكومين،حتى لا يدخلوهم فيما حرم الله تعالى او يشغلوهم عن العبادة والعمل وطلب العلم والمعرفة.

والعزلة ليست وليدة زمن معين،فقد كان الانبياء يعبدون الله تعالى لفترات طويلة بعيدا عن الناس وتدخلاتهم التي قد تشغل صفاء العقل والقلب،وقد كان الرسول الاعظم(ص) منعزلا عن قومه قبل البعثة ومنشغلا بالعبادة والتفكر،وروي عنه(ص) ان العزلة عبادة،او في حديث الامام علي(ع): الانفراد راحة المتعبدين،او انس بالله سبحانه...كما انها مازالت عادة سارية بالرغم من التطور المادي الذي اكتسح العالم الحديث،مما يعني انها احدى الصفات الملائمة للطبع الانساني التواق للراحة النفسية والجسدية التي من اساسياتها الابتعاد والانعزال!.

في العزلة ملذات روحانية عذبة،وخاصة اذا اختصت بالعبادة،حيث يطغي الجانب الروحي على ماعاداه،ويكون الانسان في اعلى مراحل السعادة الخالصة البعيدة عن منغصات الحياة والتي تؤثر في النفس الراغبة الى الراحة والسكينة،ولا يشترط بالعزلة لغرض العبادة فقط، بل ايضا لطلب العلم والمعرفة ولذلك وجد انه هنالك عدد كبير من فلاسفة العالم وعلماء المدنية الحديثة قد مر بتلك التجربة في فترة معينة من حياتهم وانجزوا فيها الكثير من المنجزات العلمية والادبية التي افادت البشرية وساهمت في رقيها،مما يعني ان مكان العزلة ليس كما يتصوره البعض كهفا او مكان للعبادة بعيدا عن متناول الجمهور!...كلا انه قد يكون البيت نفسه او حتى مكان العمل!.

تحتاج العزلة الى الصبر على الوحدة والعيش بأدنى ما يمكن من اساسيات،وهذا يعني ان الكثيرين غير قادرين على الولوج في تلك التجربة الغنية والتي فيها ثراء اضافة الى المتراكم الروحي والمعرفي لما عرف عن الانسان العادي من ضعف في صبره على الشدائد!.

الكثير من الحكماء والعلماء ينعزلون لغرض السلامة من الشرور المحيطة سواء من الناس او السلطة، وقد يكون هنالك خطر داهم من السلطة التي تحاول استدراج الكثير من العلماء للعمل في مجالاتها لغرض الدعاية وتبييض الاعمال! واخضاع خصومها خاصة من الجانب الثقافي لان جانب السلطة اذا خلا من اهل العلم والمعرفة فأنه يتهم بالكثير من المواصفات التي يحاول السلاطين تجنبها كالجهل والتخلف وانعدام الاخلاق!.

هذا يعني ان العمل مع السلاطين واعوانهم(في المجالات الغير معتادة لخدمة الشارع البسيط)، يوجب التهلكة او الحط من المكانة الذاتية وبخاصة الاجتماعية منها نتيجة العمل المضاد لما تقره سريرة النفس من مبادئ وقيم دينية واخلاقية سامية،وليس ترك الانعزال والعمل هو موجب للسلامة فقد كان هنالك امثلة مأساوية في التاريخ على غدر الحاكمين بطبقات اهل العلم لاسباب مختلفة بالرغم من الخدمات الجليلة التي ادوها لهم،وهناك مثل عربي شهير يقول:كجزاء سنمار وقصته معروفة لغدر الحاكمين.

الانعزال من معانيه الاحتجاج على وضعا ما،وهذا ليس خاصا بأهل العلم والعبادة فقد نرى الكثير من السياسيين يحتجون على وضعا ما بأحتجابهم عن الجمهور او انعزالهم الطويل رغم ما عرف عنهم من كذب وتدليس!.

العزلة التي لا تؤدي الى اضافات ايجابية لمكنونات الفرد الذاتية،فأن البقاء عليها هو خطأ بما لا يدع مجالا للشك فيه،فهي آفة تأكل صاحبها دون ان يدري وقد يتسبب احيانا بكوارث على ذاته اذا فقد السيطرة عليها!.

العزلة تخضع لظروف معينة مما يعني ان اهل العلم والحكمة اذا كانت الاوضاع تحتاج الى ان يتدخلوا في الشأن العام لاصلاحه فواجبهم التدخل... اذا اصبحت حينها ليست الراحة حرام بتعبير بعض الفقهاء،بل العزلة هي اكثر حرمة! وقد يتجاهل ذلك الكثير من اهل العلم والحكمة مع شديد الاسف حينما يتركون الساحة لكل من هب ودب وعندها سوف تصلهم النار الى اماكن العزلة الذاتية!.

اصلاح المجتمعات وتطويرها هي روح الحكمة والعلم والعبادة بل هي من صميم عملها...نعم قد يكون ذلك صعبا في الغالب ولكن مع الصبر وترك العزلة السلبية وايجاد ميزان للمفاضلة للتمييز بين العزلة او الاندماج حينها يمكن الحكم بالاختيار الافضل !.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات