يستند الكثير من الباحثين الغربيين إلى العامل الديموغرافي في تبرير مخاوفهم من أسلمة أوروبا أو تحويلها إلى مايطلق عليه أوروبيا. معدل الخصوبة للأسرة الواحدة هو جوهر مشكلة العامل الديمغرافي وهناك الكثير من الأمثلة من دول أوروبية أذكرها لكم على النحو التالي: فرنسا 1.8, بريطانيا 1.6, اليونان 1.3, إيطاليا 1.2, إسبانيا 1.1. إجمالي معدل الخصوبة في أوروبا هو 1.38 مولود لكل أسرة. بالرجوع إلى الفيلم الشهير الذي حذر من إنتشار الإسلام في أوروبا يذكر أنه حتى تحافظ أي حضارة على إستمرارها لمدة 25 سنة فيجب عليها أن تحافظ على معدل ولادة 2.11 مولود للأسرة الواحدة وإلا فإن تلك الحضارة سوف تبدأ بالإختفاء تدريجيا. كما أنه لم يسجل أن أي حضارة بنسبة مواليد تبلغ 1.9 مولود للأسرة الواحدة قد تمكنت من عكس تلك النسبة وتصحيحها. أي حضارة بمعدل خصوبة يبلغ 1.3 أو أقل سوف يلزمها 80-100 سنة لتصحيح ذالك الوضع ولايوجد أي نموذج إقتصادي يستطيع المحافظة على أي حضارة قائمة لتلك الفترة الزمنية. الحكومة الألمانية(مكتب الإحصائيات الفيدرالية الألمانية) قد صرحت رسميا بأن ألمانيا سوف تتحول إلى إمارة إسلامية بحلول سنة 2050 وفي عدد من البلدان الأوروبية فإن 50% من المواليد الجدد يولدون لأسر مسلمة. في بلجيكا هناك أحزاب إسلامية خرجت إلى العلن مؤخرا وأعلنت أنها سوف تشن حملات للمطالبة بحكومة إسلامية. وفي بريطانيا والتي إرتفع عدد سكانها المسلمين من 82 ألفا إلى 2.5 مليون خلال الثلاثين سنة الأخيرة, هناك 85 محكمة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية وتعمل خارج إطار القانون البريطاني. في إيطاليا سنة 2050, 60% من الإيطاليين سوف يكونون بدون أخوات أو إخوة أو أشقاء من ناحية الأب(أعمام) أو شقيقات من ناحية الأم(خالات). كما أنه هناك إستنفار غربي وفرنسي بشكل عام بسبب نسبة اللاعبين المسلمين في المنتخب الفرنسي الوطني لكرة القدم. السويد من الممكن دراستها كمثال أكثر وضوحا على المشكلة من وجهة نظرهم لأن شعبها حافظ على نقائه العرقي لفترة زمنية طويلة حيث شكل المناخ القاسي في السويد وظروف التباين بين ساعات النهار والليل عاملا غير مشجع على الهجرة إليها. كانت نسبة السكان الأصليين إلى المهاجرين في فترة زمنية قبل أكثر من ثلاثين سنة هي 99% - 1% ولكن ذالك تغير حاليا إلى 75% - 25%. العاصمة السويدية تعد أكثر عاصمة في العالم تحتوي على أسر مؤلفة من فرد واحد(يافعين - أفراد بالغين غير متزوجين أو بدون علاقات عاطفية) مما يعني تغلبة العنصر الإسلامي على تلك النوعية من الأسر. كما ان السويد حسب مزاعمهم تشهد إرتفاعا غير مسبوق في نسبة الجرائم والمشاجرات في الشوارع وخصوصا حالات الإغتصاب حيث تسجل حالة كل ساعتين. زعماء الأحزاب القومية والمنتمون لها يعانون في السويد من تكميم الأفواه ويتم طرد بعضهم من اعمالهم ويتعرضون للضغط من قبل المنتمين للأحزاب السويدية المؤيدة للهجرة والمهاجرين المسلمين ويتم الترويج بأن السويد سوف تتحول إلى إمارة إسلامية بحلول سنة 2049. وإذا إبتعدنا قليلا عن أوروبا وقمنا بالنظر إلى المشكلة الديمغرافية في بلدان مثل كندا والولايات المتحدة ولنبدأ بكندا فإن معدل الخصوبة هو 1.6 وعلى الرغم من ذالك فإن عدد سكان كندا قد إزداد 1.6 مليون شخص بين سنتي 2001-2006 ويرجع الفضل بأكثر من 60% من تلك الزيادة إلى الهجرة والإسلام بعد الدين الأسرع إنتشارا في كندا. معدل الخصوبة في الولايات المتحدة بدون حساب الهجرة من أمريكا اللاتينية هو 1.6 ويصل إلى 2.11 إذا أدخلنا عدد المهاجرين من تلك الدول خصوصا المكسيك وهي الحد الأدنى للحفاظ على أي حضارة من الإنقراض. سنة 1970 فقد كان عدد المسلمين في الولايات المتحدة 100 ألف بينما في سنة 2008 بلغ عددهم 9 ملايين ويتوقع وصل ذالك العدد إلى 50 مليون مسلم سنة 2035. حتى القضية الفلسطينية لم تسلم من تحليلاتهم وإسقاط البعد الديمغرافي عليها حيث يرجعون السبب في عدم إنتهاء المشكلة إلى الأن هي ان جميع الحلول المقترحة لم تأخذ في الحسبان أن متوسط العمر في قطاع غزة مثلا هو 15.8 بالإضافة إلى التكدس السكاني وإرتفاع نسبة البطالة وإنعدام الفرص بالنسبة لذالك الجيل وكذالك وسائل الترفيه. أحد جوانب المشكلة هي عدم إنصاف الإعلام الغربي للمسلمين وعدم تناول المشكلة من كافة جوانبها وسماع كافة وجهات النظر وتحليل الأمور بطريقة منطقية. تجلى ذالك في أوضح صوره عند المقارنة بين حادثتي الهجوم على الصحيفة الفرنسية في باريس(شارلي إيبدو) وحادثة مقتل ثلاثة مسلمين في تشابيل هيل - كاليفورنيا حيث لا يفصل بين الحادثتين سوى أسابيع قليلة. الحادثة الأولى تم إعتبارها كونها إرهابية إرتكبها المجرمون الإرهابيون المسلمون بينما الحادثة الثانية إرتكبها مختل عقلي بسبب خلاف على أولوية الإصطفاف في موقف السيارات التابع للمجع السكني حيث يسكن المجرم والضحايا. السلطات المختصة في ولاية كاليفورنيا قام بالنفي بأن الحادثة هي جريمة كراهية وإعتبرها جريمة جنائية عادية بدون أن تبرر كيف يتم منح شخص مصنف على أنه مختل عقليا رخصة حمل سلاح ليس فقط داخل المنزل بل وخارجه حيث يتطلب الترخيص بحمل السلاح خارج المنزل فحوصات معينة والحصول عليه يعد صعبا نسبيا. الحادثة الأولى مازالوا إلى الأن يتناولونها إعلاميا وبشكل مكثف كأنها حصلت في اليوم السابق والمطلوب من كل مسلم الإعتذار عن حادثة تم إتهام مسلمين بها ولكن حامت حولها الكثير من الشبهات وأسئلة بقيت من دون إجابة. مرتكب جريمة تشابيل-هيل في كاليفورنيا ملحد ومختل عقليا فماذا عن مرتكب مذبحة النرويج في 22 يوليو 2011؟ تلك الحادثة التي راح ضحيتها أكثر من 76 قتيل وعدد كبير من الجرحى تم إتهام المسلمين بها من قبل الإعلام الغربي في فترة زمنية قياسية أثار إستغرابي حيث كنت متابعا للأخبار المتعلقة بتلك الجريمة النكراء. مرتكب الجريمة في العاصمة النرويجية أوسلو يدعى انديرس بيهرينج بريفيك(Anders Behring Breivik) وهو مسيحي متطرف والده يعمل دبلوماسي في العاصمة الفرنسية وليس مختلا عقليا ولم يتم توصيف الجريمة بالإرهاب أو أن مرتكبها إرهابي. السلطات الكندية أعلنت وبتاريخ 15-02-2015 أي منذ فترة أسبوع أنهم قبضوا على مجموعة من المختلين عقليا كانوا يخططون لإرتكاب مجزرة جماعية خارج مركز تجاري في مدينة هاليفاكس الواقعة في مقاطعة نوفاسكوتشيا وذالك في يوم عيد الحب. تخيلوا لو أنهم كانوا مسلمين؟ الحكومة الكندية لم تعلن أن تلك كانت عملية إرهابية لأن مرتكبيها ليسوا مسلمين ولو كانوا فهم ليسوا مخبولين بل إرهابيون وعلى كل مسلم يعيش في كندا الإعتذار عن تلك الأفعال. الإرهاب هو الإرهاب وليس له دين ولا ملة ولا مذهب ولا يعرف جنسا أو عرقا بشريا, تلك حقيقة لا جدال ولا نقاش فيها. يتهمون المسلمين بأنهم السبب الرئيسي للأعمال العنفية في العالم في فلسطين, كشمير, تايلند, أفريقيا الوسطى, بورما, روسيا, نيجيريا وأندونيسيا وفي تايلند حيث يزعمون أن 10% من البوذيين في جنوب تايلند قد هجروا من منازلهم بسبب عنف المتطرفين المسلمين. المسلمون كلهم متهمون ولن تثبت برائتهم حتى لو كان المرتكبون لتلك الحوادث والجرائم عبارة عن حفنة مرضى نفسيين تم تخليقهم وتصنيعهم في معتقلات أبو غريب وبوكا وجوانتانامو وغيرها من السلخانات البشرية التي كان المحققون الأمريكيون يمارسون أبشع أساليب التعذيب والإستجواب منها الإيهام بالإغراق والكلاب البوليسية والتهديد بإغتصاب أحد نساء الأسرة امام السجين. كل الإتهامات للمسلمين بإثارة المشاكل يتم الإستناد في تبريرها على تفوقهم العددي وإرتفاع نسبة الخصوبة لديهم وكانت جيوش المسلمين بالملايين عندما أسقطوا الإمبراطورية الفارسية والرومانية وخاضوا معارك مثل مؤتة واليرموك والقادسية وحطين؟ أنا هنا لا أنفي أن هناك أفعالا لا تمت للإسلام بصلة منها جريمة خطف الطالبات المسيحيات في نيجيريا, هجمات بالي في أندونيسيا, مجزرة مدرسة بيسلان في روسيا وهجمات مترو الأنفاق في لندن ومدريد ولكن السؤال ماهو تعريف الإعلام الغربي للهجمات التي إرتكبتها جماعة يابانية متطرفة تدعى أوم شنريكيو ويرأسها أساهارا شوكو وذالك في مترو أنفاق طوكيو وبإستخدام غاز السارين؟ ماذا عن حادثة الهجوم على مباني حكومية فيدرالية في مدينة أوكلاهوما بتاريخ 14 أبريل 1995 بواسطة شاحنة مفخخة؟ هل المرتكبون لتلك الجريمة هم من المسلمين أم أن أسمائهم تيموثي مكفاي وتيري نيكولاس وأنهم ينتمون لمنظمة يمينية متطرفة؟ أليست إرهابية؟ أليس العمل الذي إرتكبوه يعد إرهابا؟ من وجهة نظر الإعلام الأمريكي هي جريمة جنائية إرتكبها يمينيون متطرفون ولكنهم ليسوا إرهابيين لأن الإرهاب صفة ملتصقة بالإسلام والمسلمين, ماركة مسجلة بإسمهم حصريا, وحتى لو قام الأمريكي بذبح عشرات من الأمريكيين فهو ليس إرهابي. كم جريمة إطلاق نار في المدارس والجامعات الأمريكية راح ضحيتها مواطنون أمريكيون وكان مرتكبوها مواطنون أمريكيون؟ هل تمت محاكمة مرتكبيها على أنهم إرهابيون أم مجرمون جنائيون؟ تخيلوا حادثة إطلاق نار في مدرسة أمريكية مرتكبها مواطن أمريكي أبيض وحادثة مماثلة في مدرسة مجاورة مرتكبها مواطن أمريكي أسود ونفس الحادثة في مدرسة أخرى يكون مرتكبها مواطن أمريكي مسلم ذو أصول عربية, تخيلوا ذالك وقارنو طريقة التعاطي إعلاميا مع كل من تلك الحوادث بطريقة منفصلة. هل سوف تنال جميعها تغطية متساوية وبنفس الزخم الإعلامي أم أن الحادثة التي يرتكبها مواطن أمريكي أبيض سوف يتم تمريرها سريعا وكخبر عاجل مقابل تكثيف التغطية الإعلامية لحادثة المواطن الأمريكي المسلم مقابل تغطية أقل للمواطن الأمريكي من ذوي الأصول الأفريقية. تخيلوا حجم التغطية الإعلامية لحادثة إطلاق النار على مدرسة أطفال حين يكون المتهم مواطن أمريكي مسلم ومن أصول أفريقية؟ أين العامل الديمغرافي في التفجير الذي حصل شارع وول ستريت في نيويورك بتاريخ 16 سيبتمبر 1920 بواسطة عربة يجرها حصان ومحملة بالديناميت وراح ضحية التفجير 39 ضحية ومئات الجرحى؟ أين العامل الديمغرافي في التفجر الذي حصل بتاريخ 24 أغسطس 1970 في جامعة ويسكونسن وقتل نتيجته أحد الباحثين في الجامعة؟ أين العامل الديمغرافي في التفجير الذي حصل بتاريخ 6 مايو 1981 في مراحيض محطة شركة بانام في مطار جون كينيدي في نيويورك؟ هل تعرفون من إرتكب تلك الجريمة؟ مجموعة القوات المسلحة للتحرير الوطني البورتوريكي القومية. هناك عشرات بل مئات الأمثلة الأخرى على هجمات إرهابية تم إرتكابها في الولايات المتحدة ويرجع تاريخ بعضها إلى القرن التاسع عشر فمن إرتكبها؟ وأين كان العامل الديمغرافي ونظرية أن المسلمين يفرضون سطوتهم وإرهابهم على العالم بسبب تقوفهم العددي؟ وأنا هنا ركزت على الولايات المتحدة بإعتبارها تتزعم مايسمى الحرب على الإرهاب. في فقرة سابقة من الموضوع ذكرت السويد وكيف أنه يتم إتهام المسلمين بأنهم السبب في زيادة نسبة جرائم الشوارع وحوادث الإغتصاب بمعدل حادثة إغتصاب واحد كل ساعتين فماذا عن دول مثل الولايات المتحدة؟ وماهو معدل حوادث الإغتصاب هناك؟ ومن هم مرتكبوها؟ وماهي نسبة جرائم الشوارع والجرائم العنفية وحوداث القتل؟ الجواب لمن يتابع الإعلام الأمريكي هو الأمريكيون الأفارقة أو يطلقون عليهم الملونون ويتحمل ذوي الأصول اللاتينية حصتهم من تلك الجرائم وذالك في نظر الإعلام المتحيز. المهم في الإعلام الغربي هو تلميع صورة الرجل الأبيض وأنه لا يرتكب جريمة أو خطيئة ومن يتابع برامج تلفزيون الواقع الأمريكية وخصوصا تلك التي يتم تصويرها برفقة رجال الشرطة وهم يقومون بأعمالهم اليومية ودورياتهم يعرف معنى ذالك وكيف أنه يتم التركيزعلى الأمريكيين الأفارقة ويليهم ذوي الأصول اللاتينية. الإعلام يلعب دورا في تهويل الأمور وتضخيم الأحداث وكما ذكرت في موضوعي السابق بعنوان(نهاية العالم كما نعرفه - 1 - الإسلاموفوبيا وأسلمة أوروبا) وذالك بهدف إحداث حالة من القلق الدائم للمواطن الغربي ودفعه للتسليم بالتنازل عن حرياته مقابل الأمن أو محاربة الإرهاب أو مكافحة الأسلمة. لماذا لا نلاحظ أن الإعلام يغطي بشكل مكثف الهجرة من الدول الأفريقية؟ لماذا التركيز على الهجرة الإسلامية؟ لماذا هم قلقون بشأنها؟ الجواب بسيط لأن المسلمين لديهم طموح عالمي بالتمدد والتوسع بينما التوجهات لدى المهاجر الأفريقي هي قبلية بدون طموحات عالمية. ولكن أليس من حق المسلمين التوسع والسيطرة؟ لماذا ينكرون على المسلمين أن تكون لديهم إمبراطورية كغيرهم من الشعوب بداية من أثينا وإسبارطة ومرورا بالرومان والفرس؟ مصطلح أوروبيا هو من إختراع الخيال الإعلامي الغربي المريض وأسلمة أوروبا هي مطية للحكومات الغربية كما أن مايسمى مكافحة الإرهاب مطية كما أن التحذيرات المتكررة بتواريخ مختلفة لنفاذ النفط كانت عبارة عن فرقعات إعلامية مثلها مثل التحذيرات التي صدرت إثر إجتماع مايسمى نادي روما سنة 1972 بنفاذ عدد من المواد الأولية منها الذهب سنة 1981, الزئبق 1985, القصدير سنة 1987, الزنك سنة 1990, النفط سنة 1992, النحاس والرصاص والغاز الطبيعيى سنة 1993 وعندما يقترب الموعد المحدد يتم التجديد له بموعد جديد ثم بموعد أخر إلى ما لانهاية. رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة http://science-culture-knowledge.blogspot.ca/2015/02/blog-post_21.html الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته وذالك لتسجيل زيارة للمدونة مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية النهاية
التعليقات (0)