الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام أو مايطلق عليه الأوروبيون مصطلح(Eurabia) والخوف من أسلمة أوروبا هو مصطلح يختلف الكثيرون حول أصله ومن أين نشأ ولكن نستطيع القول بأن ظهور ذالك المصطلح سبقه أربعة مراحل أولها مرحلة الحرب الباردة التي إنتهت بإنهيار الإتحاد السوفياتي, مرحلة القومية العربية التي إضمحلت بوفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر, مرحلة المد الإسلامي وخصوصا الجهاد في أفغانستان, أحداث 11 سيبتمبر في الولايات المتحدة. وقد يضيف بعضهم مرحلة خامسة هو أن الولايات المتحدة وأوروبا كانتا مشغولتان في الستينيات وبداية السبعينيات بمرحلة المد اليساري والثوري ومظاهرات النقابات العمالية وطلاب الجامعات وحرب فيتنام. إن الغرب يحتاج دائما إلى عدو أو إلى نوع من الأزمات سواء إقتصادية أو إجتماعية وذالك لإشغال مواطنية وإثارة القلق لديهم فيسهل بذالك على الحكومات سلبهم حرياتهم ففي الأوقات الحرجة يكون المواطنون أكثر قبولا بالقيود التي تحد من حرياتهم وخصوصا حرية الرأي والتعبير. ليس هناك أكثر من الأمثلة ولكن أوضحها هو أنه في أثناء الحرب الباردة وحتى قبلها كانت الشيوعية هي العدو وكان هناك جو من الرعب والخوف والإعتقالات العشوائية وسياسة تكميم الأفواه خصوصا في الولايات المتحدة حيث كان من السهل إلقاء أحدهم في السجن أو طرده من عمله بتهمة أنه شيوعي أو حتى الإشتباه بذالك. إدغار هوفر أحد أشهر رموز تلك المرحلة(1 يناير 1895 - 2 مايو 1972) حيث تولى رئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالية من سنة 1924 حتى وفاته. في الفترة التي تلت أحداث سيبتمبر في الولايات المتحدة فإنه تم تمرير قانون باتريوت سيئ الصيت والسمعة والذي يعطي صلاحيات واسعة للأجهزة الأمنية الأمريكية بالإحتجاز بدون تهمة ومراقبة الهاتف والبريد الإلكتروني ومازالت بعض بنوده سارية المفعول حتى يومنا هاذا بل وقرأت مؤخرا عن مناقشات في الكونجرس بخصوص التجديد لتلك البنود. بريطانيا شريكة للولايات المتحدة حيث قامت الحكومة البريطانية بإستضافة أشخاص من المعروف ليس تعاطفهم فكريا مع القاعدة بل إنتمائهم لها ووصولهم لمراتب قيادية ضمن هيكلية ذالك التنظيم. وأعطي هنا مثالين: في الأول من أكتوبر 2014, جرت مراسم الدفن في طرابلس لأبو أنس الليبي وهو أحد أهم قيادات تنظيم القاعدة حيث كان جثمانه قد نقل إلى هناك إثر وفاته في أحد السجون الأمريكية بتاريخ 2 يناير 2014 في مدينة نيويورك حيث كانت تجري محاكمته بتهمة المشاركة في الهجوم على السفارة الأمريكية في تنزانيا وفي كينيا سنة 1998. السيرة المهنية لأبو أنس الليبي التي أهلته ليكون لاجئا سياسيا في بريطانيا هي أنه كان عضوا في الجماعة الليبية الإسلامية القاتلة ثم قام بالهروب إلى السودان إثر محاولة الإطاحة بالحكومة الليبية سنة 1990 ومنها إلى أفغانستان واليمن قبل أن يحل ضيفا مكرما على الحكومة البريطانية مع كل الإمتيازات التي تمنح لمن في حالته من سكن حكومي وراتب شهري وتأمين صحي. عمر محمود عثمان والملقب أبو قتادة والذي تم منحه لجوء سياسي في بريطانيا على إثر وصوله إليها هاربا من الأردن بجواز سفر مزور وكأبو أنس الليبي تم منحه اللجوء بعد مزاعمه بالإضطهاد الديني ومنح كافة الإمتيازات من سكن وراتب شهري وتأمين صحي. سيرته الذاتية التي أهلته ليحل ضيفا مكرما معززا على الحكومة البريطانية هي أنه كان يقوم بتمويل تنظيم الإصلاح والتحدي والذي قام بتنفيذ بعض المخططات الدموية في الأردن. أبو قتادة تم تبرئته من كافة التهم المتعلقة بتنظيم الإصلاح والتحدي كما تم تبرئه جميع أعضاء التنظيم وتم إلصاق كافة التهم بعضو واحد من التنظيم والحكم عليه 15 سنة سجن وكل برسم تعاونهم معه فيما يتعلق بالجهاد المزعوم في سوريا والمعارضة المعتدلة التي أعلن الأردن أنه يقوم بدعمها وتدريبها كما أن الحكومة السورية إتهمت الأردن رسميا بذالك. هل عموم المسلمين أو الإسلام مسؤول عن الأعمال التي إرتكبها أو حرض عليها وخطط لها أبو أنس الليبي وأبو قتادة قبل طلبهم اللجوء وبعد حصولهم عليه متمتعين برعاية الحكومة البريطانية وحمايتها كلاجئين سياسيين؟ الرأسمالية التوسعية المتوحشة وشركاتها العابرة للقارات هي أيضا بحاجة لعدو حتى لو لم يكن موجودا فإنه لا مشكلة من مثلا من إتهام دولة بأنها تحولت إلى شيوعية لمجرد أن رئيسها قام بتأميم بعض الأراضي الغير مستعملة من قبل إحدى تلك الشركات. تلك الرأسمالية تسير بخط متوازي مع الحكومات الغربية والبنوك الكبرى وتستعمل مؤسسات دولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي كغطاء وستار لعملها وإمتصاص خيرات البلدان ونهبها بإسم تحرير التجارة والعولمة وغيرها من تلك المصطلحات البراقة والخادعة. إثر إنتهاء مرحلة الحرب الباردة وإنهيار معسكر حلف وارسو وعلى رأسه الإتحاد السوفياتي وإنسحابه من أفغانستان, فقد كان على الولايات المتحدة إيجاد الأرضية الخصبة التي سوف يتموضع عليها عدوها الجديد فينمو ويكبر تحت رعايتها وبإشرافها ويعطيها الذريعة التي سوف تدخل بموجبها قواتها إلى قلب الوطن العربي وتبدأ بداية مخططها تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد وتقسيم المقسم وإيجاد سايكس-بيكو رقم 2. إختيار الولايات المتحدة وقع على العراق فهو بالإضافة إلى مكانته الدينية بالنسبة للمسيحية الأمريكية اليمينية حيث يحتل مكانا مهما في الأساطير التلمودية والعهد القديم من الكتاب المقدس, فإنه يعوم على بحور من النفط والثروات الطبيعية والزراعية حيث تعد أراضيه من أخصب الأراضي. وقد قرأت لأحد المبشرين البروتستانت أن العراق سوف يكون هو البلد الذي سوف يحكم المسيح الدجال منه العالم إلى أخر تلك الأساطير التي لا مجال للتوسع فيها في هاذا الموضوع. تنظيم القاعدة الذي نما وترعرع في أفغانستان قد إفتتح فرعا عراقيا له تحت مسمى جماعة التوحيد والجهاد برعاية وحماية الولايات المتحدة في المنطقة الكردية التي كانت تعتبر منطقة حظر جوي. التنظيم تحول إلى قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين حين مبايعة أبو مصعب الزرقاوي لأسامة إبن لادن زعيم تنظيم القاعدة. كل الأنباء التي تواردت من العراق حول أسلحة الدمار الشامل تبين كذبها وأنها مفبركة وأن الهدف من حرب الخليج كان عقوبة الرئيس العراقي لأنه قرر مبيعات النفط العراقي باليورو بدلا من الدولار الأمريكي. هناك تلاعب بالعقول والعواطف في الإعلام الغربي لإبقاء مواطنيهم في حالة عدم إستقرار نفسي فيكون من الصعب عليهم إتخاذ أي خطوات عملية أو التجمع في تكتلات فاعلة للإحتجاج على سياسة حكوماتهم. هل تريدون أمثلة؟ عندي منها لكم الكثير: 1- في سنة 1968, العالم البارز بول إنرلتش في كتابه (القنبلة السكانية-The population Bomb) أعلن أن العالم سوف تحل به المجاعات سنة 1970 وأن مئات الملايين من البشر سوف يموتون جوعا. 2- في سنة 1972 وفي تقرير لنادي روما عنوانه (حدود النمو) فقد تم الإعلان أن العالم سوف يعاني نفاذ المواد الأولية التالية نهائيا: الذهب سنة 1981, الزئبق 1985, القصدير سنة 1987, الزنك سنة 1990, النفط سنة 1992, النحاس والرصاص والغاز الطبيعيى سنة 1993. 3- في سنة 1976 قام لويل بونتي بنشر كتاب(The cooling, Has the new ice age already begun? can we survive) وحقق مبيعات ضخمة. 4- في سنة 1977, الرئيس الأمريكي جيمي كارتر صرح بنفاذ النفط بشكل نهائي وإستهلاك كافة الإحتياطيات النفطية المعروفة بنهاية العقد القادم. 5- سنة 1983, الرئيس الأمريكي رونالد ريغان صرح بأن هاذا الجيل(يعني جيله) سوف يشهد هرماجيدون. كل ذالك لم يحصل وخصوصا فيما يتعلق بالنفط فبرزت الحاجة لعدو من نوع جديد, يتميز بنوع من الديمومة والإستمرارية فكانت الحرب على الإرهاب ومنها إنبثق مصطلحات مثل إسلاموفوبيا وأوروبيا(Eurobia) وعلى هامشه قبل ذالك في فترة الخمسينيات تم إخراج مصطلح صراع الحضارات للعلن وتسجيل برائة إختراعه بإسم صامويل هنتجتون وذالك ليكون لديهم في المستقبل مبررات للحرب على الإسلام والمسيحية الشرقية تحت عنوان براق وهو صراع الحضارات بينما الأمر في جوهر ليس إلا صراع أساطير دينية أو صراع أديان. النقطة الرئيسية التي يستندون عليها بخصوص الإسلاموفوبيا هي أن القارة الأوروبية سوف تصبح قارة إسلامية بحلول سنة 2050 بسبب مجموعة عوامل: 1- العامل الديموغرافي وهي متعلقة بتناقص معدلات الولادة 2- حالة عدم الإستقرار الإجتماعي في الدول الغربية الديمقراطية 3- إستنزاف الحضارة الغربية سنة 1970 كانت حصة البلدان المتقدمة من مجمل عدد السكان العالمي 30% مقابل 15% للعالم الإسلامي. في سنة 2000 كانت النسبة في حالة تعادل 20% لكل منهما ولكن ماذا سوف تكون النسبة سنة 2020 وصولا إلى سنة 2050؟ أحداث سيبتمبر في الولايات المتحدة كانت نقطة محورية في عملية التغيير والسير نحو نقطة الصدام اللانهائية في صراع الأديان أو صراع الأساطير الدينية حيث يزعم المفكرون الإسلاميون إزدياد الإهتمام بالإسلام وإزدياد نسبة المعتنقين للدين الإسلامي في الولايات المتحدة وأوروبا كما أن الكنيسة الكاثوليكية صرحت بأن عدد أتباع الدين الإسلامي قد تفوق عدديا على أتباع الكنيسة الكاثوليكية لأول مرة في التاريخ. بالنسبة للبعض فقد كانت أحداث سيبتمبر في الولايات المتحدة ليست الحادثة التي تغير بسببها كل شيئ بل هي الحادثة التي بسببها تم إكتشاف مدى ذالك التغيير الذي بدأ في فترة سابقة لتلك الأحداث. إنهم يزعمون في إعلامهم أن ذالك هو نهاية العالم كما نعرفه. رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة http://science-culture-knowledge.blogspot.ca/2015/02/1.html الرجاء التكرم بالضغط على الرابط بعد الإنتهاء من قرائة الموضوع لتسجيل زيارة للمدونة مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية النهاية
التعليقات (0)