نميمة
قصة قصيرة
سعيف علي الظريف
حدثت القصة حين سقطت صفحة من أوراقه الخاصة، كتبها لا نعلم متى، لكن كتب فيها نفسه، و نظر إليها كما رآها.لكنها سقطت منه في بهو الإدارة الرئيسي و هو يعجل الخطو لاجتماع مع المدير. سقطت فالتقطها سعيد علي .نشرها في كل مكاتب الإدارة، وبين كل معارفه و وضعها على صفحة في الفيسبوك .اختلطت التعاليق وزادت وماج الحديث بين ضحك و شماتة.
تحدث هذه القصة كثيرا.لكنها حدثت في هذه الصفحة بهذه الطريقة .و استطعت أن اجمع الورقة إلى التعاليق التي أثارتها.لكننا لم نعرف كيف تصرف السيد محا تجاهها لأنه غاب منذ ذلك اليوم. لم نعرف له طريقا بعد.
.......
كيف يمكن بعد هذه العقود التي مرت من عمري أن أبدا الحكاية بالإيجاب. أن أقول نعم قبل يخطفني السلب، ويرتوي في لساني شجر الحنظل وزقوم اللات . أفكر أن في الأمر معجزة كلما عرضت أمري على سريرتي . هل يمكن أن تحصل الثورة و يصبح الانقلاب بعثا لسير جديد .يطغى على أمري السؤال و تفتتني المقارنة . أريد أن ازن عمري و قدرتي وأغلق صمتي و افتح ضجيجي .
أحس كلما جلست إلى جمع يضحك أن ضحكي صناعة و أن انفعالي كذب . اعتقد أن مزاجي في بعض الحين طبع ليس من سبيل لرده . يحضرني الجبر والاختيار في سؤالي لكني ازداد عرقا و تزداد الغيمة أمام عيني تلبدا . أحاول أن أرد عجزي عن الإفصاح إلى شيء في جسمي لكني لا اطمئن في النهاية .
أول ما يختلط الكلام مع رفاقي و يربكني الحديث أبدا في البحث عن المبرر و افتح مغارتي للهروب . أشعر بالإتهام في نظرة عابرة أو بسمة لا يفتح أمامي كل خطوطها فارتد إلى طبعي غير قادر على مواجهة.تبدو لي الشجاعة أمرا ليس في قدرتي .يكاد الوهن أن يأكلني ،ولا يدعني لانطلق أو حرية او تلقائية . يقوم الآخرون في نفسي كوابيس تقضني إذا خطاهم نحوي وكنت مقصدا . تبدأ الحيرة في ما يجب أن يقال وما لا يجب أن يقال.يضغط خجلي حتى أحس أن دمي يصعد إلى أول راسي و يدع كل جسمي مواتا . استبطن القانون و أخاف أن أصيب أحدا بصفاقة لا يعالجها النسيان.
اضحك من أمري كلما حاولت أن ارسم خطا للطريقة التي اقطع فيها زمني لأفكر . يبدو همسي إخطبوطا بألف ساق ، أعجب من نفسي كيف أفكر في ذات الوقت في الحديث مع زميل في معنى ،و كيف أفكر في ذات الوقت في معرفة ما وراء كلامه و في ما يكون من مخرج إذا انزلق إلى السفه .
قد تكون وسيلتي الوحيدة التي أرى نفسي قوي الشكيمة هي الاعتذار ، استطيع به التخلص من كل دعوة ليست لي رغبة في إيجابها . أو ليس لي فيها غير هواجس الجلوس وحدا طيلة السهرة أو أن أتسلل إلى سيارتي لأجلس فيها ثم أعود بين الفينة و الأخرى ،ليست الحيلة تنقصني و لكن بعض ما يمكن أن يخرج بي من نفسي إلى نفس أخرى.
اللعنة هي طريقي المتفجر في الصمت و السكن و الانسحاب إلى العمر الذي يطبقني لفيفة في جراب ساعاته .
محا السيد / مذكراتي
التعاليق:
التعليق الأول/ عمر عامل بالشركة / .لماذا يصر على الكذب؟
لا يبدوا الأمر كما يقول .ليس خجِولا أبدا . كيف يكون و انا اعمل معه منذ خمس سنوات
ولا اعرفه ألا صائحا،عاجل الغضب،سريع العقوبة المهنية.رفض أن يمنحني عطلة في ميلاد ابنتي.
التعليق الثاني/ سمير موظف الحسابات / متكبر...
لم أر في حياتي رجلا متكبرا مثل السيد محا . لا يجلس معنا ولا يضحك حتى في النكات الأكثر سخرية.لم نعد نتحمل الجلوس معه . يجلس في صمت و السيجار يتقلب في فمه كأنه يريد أن يرينا ماركته الكوبية.أنا حقا أكرهه.
التعليق الثالث / خميس جار محا / رجل مَلِحٌ
انه لا شك رجل ملح وودود .انه جاري منذ خمس سنوات لم نرى منه الا خيرا.(ربي يزيدوا في العقل.)
التعليق الرابع / رءوف نادل في المقهى/ بخيل...
انه بخيل لا يترك لي أبدا هبة خدمة بور بوار
التعليق الخامس / هيفاء السكرتيرة / أنا اكرهه
حاول كثيرا مغازلتي . كان يدعوني بدون مناسبة الى مكتبه و يطلب مني قهوة بدون داع.
كان ينظر الي في شهوة ....طلبت من مديري نقلي من قسمه لكني لا ازال انتظر الرد
التعليق السادس عم فاضل العسَّاس حارس المؤسسة / رجُل
(على وزن أمي تراكي ناس ملاح ..سي محا ناس ملاح )
التعليق السابع/ رقيب .موظف الاستقبال /. وجه و قفا
رأيته في سهرة السيد جلال يتسلل إلى سيارته .ورايته يشرب من قارورة صغيرة للخمور الممتازة.
التعليق الثامن / سمر عزباء لا تعمل/. لا أحبه
لم اقبل أن أتزوجه لان به عيبا في الكلام. ولأنه لا يتحدث إلا عن نفسه وعن السيارات و عن الشقة و النقود....اشك انه عاجز....
التعليق التاسع / بسام طبيب نفساني ./ غاب في آخر حصة علاج.
يتقدم قليلا في العلاج .هو مصاب باكتئاب حاد .يحتاج إلى رعاية و هو لا يزال أعزيا في الخمسين.غاب في أخر حصة علاج. .
التعليق العاشر / سعيد علي . نمَّام ./ انا وجدت الاوراق و انا وزعتها.
شماتة...شماتة.
كتب التقرير و حرره في تاريخه
رامز فتوح بطلب من المدير العام
سعيف علي الظريف
شتاء/صيف2009
التعليقات (0)