نموذج للمرأة المعنفة
لطالما كانت لحظات الانتظار مملة لجميع الناس ولطالما كان الكلام أفضل طريقة لتجزئة الوقت وكان هذا بالضبط ما لمحته في عيني المرأة التي كانت تجلس بجانبي في قاعة الاستقبال الواسعة, بدأت أتجاذب معها أطراف الحديث حيث كان في نيتي الحديث عن أمور عادية من تلك التي نتداولها كل يوم وفجأة انحرفت عن نطاق الكلام وبدأت تتحدث عن زوجها ولكنه لم يكن حديثا عاديا لأنها بدأت تصف أنواع السلطة التي يمارسها عليها ,فعلى حسب ما ورد منها يصر زوجها على منعها من العمل بالرغم من حصولها على درجة الماجستير في الإدارة وبالرغم من حالتهم المادية شبه المتدنية بل والأسوأ أنه يخبرها دوما بأن الزوجة الثانية والثالثة قادمتان في الطريق وأن الأمر مسألة وقت لا غير بالإضافة إلى ذلك هو يصاحبها في كل مكان تحتاج للذهاب إليه, أما السفر فهو له وحده ومكانها البيت ولا غير ذلك.............
حقا مضى الوقت سريعا وجاء زوجها لأن موعد مغادرتها قد حان وحين رآها تتحدث معي رمقها بنظرة نارية شملتني أنا أيضا تركتني سريعا ولحقت به دون أن تلتفت بعدها بدقائق حان موعد مغادرتي وبالصدفة كانت ما تزال هناك أردت أن ألقي عليها تحية الوداع لكنها تظاهرت بأنها لا تراني ولم أحتاج لكثير من الذكاء حتى أعرف السبب إذ كان زوجها يقف جانبها تماما ويرمقني بتلك النظرة المترقبة.
هذا مجرد نموذج بسيط للمرأة المعنفة نموذج نراه في كثير من الأحيان لا نراه فقط بل نلمسه في حياتنا اليومية في الجارات أو في زميلات العمل ولا نملك حينها إلا الشعور بالأسى ظنا منا أنها مشكلتهن وحدهن وليست مشكلة مجتمع بأكمله من رجال ونساء ,اليوم هناك نماذج لكن غدا سوف يكون المجتمع بأكمله صورة لنموذج واحد إذا استمر تجاهل المشكلة بالطريقة القائمة الآن فمن المفترض أن تكون هناك (برشورات) تحمل المعلومات الأولية والأساسية التي تساعد المرأة المعنفة في فهم ماهية العنف وكيف يحدث وماهي الجمعيات أو المراكز التى قد تساعدها وأرقام الطؤارى,وليس هذا فقط بل يجب توعية النساء على جميع المستويات فعلى سبيل المثال يجب توعية الصغيرات من العنف الجنسي وتحذير المراهقات من زواج القاصرات و تعريفهن بالقانون الذي سنته المملكة لمنع زواج أي فتاة أقل من عمر 18 سنة كوسيلة فعالة للقضاء على تلك المشكلة وهكذا تكون التوعية تناسب المرحلة العمرية التى تمر بها المرأة فما زال العنف مبهم غامض لا يعرف كنهه فتارة هو منسوب للدين وتارة أخرى ينسب للمجتمع ولا يعلم لمن قد ينسب إليه غدا فالمرأة التى ذكرتها كانت تظن إن ما يفعله زوجها مجرد حب وحرص بينما هو مسألة سيطرة من شخص مريض بمرض لا يعلم به إلا الله.
وعلينا أن نعرف أن المشكلة مشكلة المجتمع لأن الحكومة لم تدخر أي جهود في محاولة القضاء على العنف سواء بإنشاء المنشئات مثل دار الأمان أو الإعلانات التوعوية في التلفاز ولا ننسى أكبر قفزة قامت بها الحكومة حين بدأت برنامج الأمان الأسري في مستشفى الحرس الوطني والجهود التى بذلت للحد من العنف بصفة عامة لكن يظل من واجب المجتمع أن يساند الدولة في ما تسعى به من جهود للارتقاء بمستوى الصحة النفسية والجسدية للمواطنين.
لقد أصبح العنف درن العصر لكن مازالت الوقاية منه ممكنة لو تضامن المجتمع ليفهم كيف يتم اتقائه قبل حدوثه وأول طريقة أن يوعي كل فرد الأخر رجل كان أو امرأة فالمرض لا يختار جنس بعينه ولا لون بعينه ولا طبقة اجتماعية بعينها وعلينا أن نعرف أننا محظوظين في هذا الزمن فعلى الأقل لا نحتاج لنبحث عن الوقاية فقط علينا أن نستخدمها لنعرف كيف نقضي على العنف.
التعليقات (0)