نماذج من قديم الكاريكاتير السوداني
حلقة (2)
ذكرت في الحلقة الأولى أن أول من قدم فن الكاريكاتير في السودان هو المطرب المتعدد المواهب (شرحبيل أحمد) .. ولكنه لم يتمكن من توظيفه لعلاج المشاكل الاجتماعية والسياسية بسبب معاصرته لعهد حكم عسكري ديكتاتوري شرس استمر من عام 1958م إلى 1964م. ...... وبعد عام 1964م إلى عام 1969م عاش السودان تحت ظل حكم ديمقراطي ليبرالي فوجد رسام آخر هو المرحوم (عز الدين عثمان) الفرصة في التألق والتحليق وسط أجواء الحرية والشفافية التي سادت السودان خلال تلك الفترة التي يطلق عليها مصطلح (الديمقراطية الثانية) .
وأنقل هنا بعض رسوماته القديمة التي شهدتها تلك الفترة من عام 1964 إلى 1969م فيما يتعلق بالجانب الاجتماعي بوجه خاص حيث لا يوجد بين يدي سوى هذه الرسومات التي عثرت عليها بالصدفة في مخزن المنزل بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت مؤخرا ..
(كاريكاتير عز الدين)
داير (عايز) أبوي يقيف ساعة من السجائر عشان أعرف شكلو كيف!
إيه رأيك نعمل تغيير .. ما نمشي المدرســـة
ماكان أبوي حيتزوج عليك لو استعملتي معاهو حرب الاستنزاف
,واضح من هذا الكاريكاتير الذي يتطرق فيه الطفل السوداني إلى مفهوم مصطلح (حرب الاستنزاف) أن تاريخ الرسم كان خلال فترة حرب الاستنزاف .... وهو يعكس من جهة أخرى صدى هذه الحرب لدى الرأي العام ...... وحرب الاستنزاف هو مصطلح أطلقه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر على العمليات العسكرية التي جرت بين القوات المصرية وقوات العدو الإسرائيلي بعد حرب يونيو 1967م .. وكان الهدف الرئيسي لدى عبد الناصر هو قتل أكبر عدد ممكن من الجنود اليهود في جبهة القتال سواء عبر عمليات قصف مدفعي أو كوماندوز أو فدائيين .... شرح عبد الناصر وجهة نظره وبرر استراتيجيتها هنا بأن إسرائيل لا تمتلك الاحتياطي البشري الكافي الذي يؤهلها لخوض معركة التحام طويلة الأمد مع مصر وبالتالي فإن مقتل المزيد منهم حتما سيؤدي بهم إلى إيقاف عدوانهم الذي كانوا يمارسونه من خلال القصف الجوي .. وقد أثبتت هذه الفكرة نجاحها وخرجت مصر منتصرة في هذه الحرب الطويلة التي جاءت على مرحلتين الأولى من يونيو 1967م إلى 20/7/1969/ والمرحلة الثانية من 20/7/1969م حتى اكتوبر 1973م .. وكان الاختلاف في المرحلتين يتلخص في التكتيك لكن بقيت الاستراتيجية واحدة.
وقد صدق قوله عز وجل : [لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون (13) لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون (14)] ..... سورة الحشر
(وهذه السورة أنزلت في اليهود من بني النضير)..... فأين نحن من هذه الحقائق التي وضعتها السماء بين أيدينا بكل الشفافية عن العدو الصهيوني؟؟؟ ولماذا لا نستفيد منها وقد فهمها ووعاها من قبل جمال عبد الناصر؟؟؟
التعليقات (0)