مواضيع اليوم

نماذج من الكاريكاتير السوداني قديما (حلقة1)

رائد الكاريكاتير السوداني

عز الدين عثمان

- إنت قبيل قلت لي : يا إبن الكلب؟

على إثر نجاح ثورة اكتوبر 1964م شهد السودان حكما ديمقراطيا تنفس فيه الشعب نسائم الحرية والصعداء من بعد ظلام وكابوس الديكتاتورية العسكرية ... ومن بين ذاك الزخم الذي أفرزته الديمقراطية التي استمرت من عام 1964م حتى مايو 1969م كان حرية الصحافة فوجد الرسام عز الدين المجال واسعا أمامه للتعبير باسلوب ساخر عن ما يدور حوله من أحداث وهموم وقضايا سياسية واجتماعية ومعيشية وغيرها ...

وعلى الرغم من أن المطرب المتعدد المواهب (شاعر وملحن ومغني ورسام وصاحب نكتة) عمنا الحاج شرحبيل أحمد يعتبر الرائد الحقيقي لفن رسومات الكاريكاتير في السودان إلا أنه يحسب عليه أنه لم يوظف الكاريكاتير في مجال النقد للأحداث الجارية وربما يكون السبب في ذلك أن فترة انتاجه الفني في هذا المجال كانت معاصرة لحكم الجنرال إبراهيم عبود الديكتاتوري وبالتالي لم تكن هناك حرية صحافة وحيث هذه الحرية هي أهم متطلبات فن الكاريكاتير .... ومن ثم فقد اقتصر نشاط شرحبيل أحمد على تناول شخصية عمّـوُ تَـنْقُــو في مجلة الصبيان الحكومية ولم يكن بالطبع ليستطيع أن يسخر هذه الشخصية النمطية سوى للهو والضحك والعبث الطفولي بسبب محاصرة الرقابة اللصيقة له.

أما عز الدين فقد جاء في الوقت المناسب فاستطاع التعبير بكل الشفافية عن كل الهموم والقضايا اللصيقة بوجدان الشعب ويعاني منها في حياته اليومية الواقعية ... ولأجل ذلك نجح وأصبح ذا شهرة طاغية وكانت الصفحة الأخيرة بجريدة (الأيام) اليومية هي الميدان الذي جال وصال فيه .

,وبرغم موهبة المرحوم عز الدين عثمان (المولود عام 1933م) النادرة الفذة إلا أنه يمكن القول أنه يدين لفترة الديمقراطية الثانية (1964 - 1969م) بشهرته لأنها سمحت له بالإبداع الحر وبالتالي فإنها هي التي جعلت له هذه المكانة في تاريخ الكاريكاتير السوداني وذلك مقارنة بما آلت إليه رسوماته في أوائل عهد مايو ثم مضايقته وإجباره على الهجرة حيث عمل بصحيفة البيان الاماراتية ثم عودته وعمله من خلال عدة صحف سودانية في ظل نظام الانقاذ الذي هو الآخر نظام شمولي لا يمكن الزعم بأنه نظام ديمقراطي وحيث انتهى الأمر بالأستاذ عز الدين عثمان للعمل في مصلحة التلغراف قبل أن يرقد طريح الفراش لمدة 3 سنوات انتقل بعدها إلى جوار ربه وكان أبرز من شارك في العزاء والحضور إلى السرادق الإمام الصادق المهدي الذي كان أكثر من عانى هو والراحل إسماعيل الأزهري من نقد كاريكاتير عز الدين اللاذع خلال فترة الديمقراطية الثانية.

ويبقى بعد ذلك الإشارة إلى أن عز الدين درس الرسم في المعهد الفني وبالتالي تلاحظ أن رسوماته فيها القدر المطلوب وأكثر من الاحترافية والقدرة على التعبير لاسيما في الحركة والملامح على عكس أولاد الزمن الحالي الذين يبدو أنهم لا يجيدون الرسم وبالتالي تخرج الرسومات محنطة والخطوط غير مستقرة ومن العبث مقارنتها بموهبة ورسومات عز الدين.

وتصادف بعد الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها العاصمة الخرطوم خلال الأيام الماضية أن احتجنا في البيت إلى نبش مخزن (الكرور) فوجدت كرتونة ملية بالكتب المهملة وحين أخرجت مابها لوضعها تحت الشمس لتنشيف ما إبتل من أوراق بعضها وجدت كتابا قديما يحتوي على رسومات كاريكاتير عز الدين طبعته ونشرته له جريدة الأيام خلال فترة الستينيات من القرن الماضي ورغم أنه كان قد ابتل بالماء إلا أنني استطعت انقاذ ما يمكن إنقاذه وأحاول عرضه تباعا في هذا المنتدى للتذكير بتلك الأيام الخوالي التي لاشك أن معظم زوار المدونة لم يكونوا من معاصريها.

ولاشك أن لكل كاريكاتير دلالاته ومناسبته فمثلا (الصاروخ جاك يا قمر) يعبر عن اهتمامات الناس في تلك الفترة بمتابعة صعود الانسان إلى القمر.

كذلك الرسم الذي يقارن بين مستجدات المرأة السودانية في الخرطوم بوضع رضيعها في عربة تدفعها مثل ما هو الحال في أوروبا بدلا من حمله على جنبها (في خاصرتها) أو كما تضعه الفلاتية (الوافدة من نيجيريا) خلف ظهرها.

أما الكاريكاتير الأخير (بين الزوجة العجوز وزوجها) داخل غرفة نوم الزوجية فيبدو أنه يتحدث عن عشم إبليس في الجنة.

 

 

- أنصحك بالزواج .. لأنو فيهو استقرار وهدوء

 

 

الصاروخ جاك يا قمر

 

 

بــدون تعـلـيــق

 

 

- عاوز تنوم مع سقراط أم فرويد أم كافكا أم اينشتاين ... أم معاي أنا؟




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات